السبت 23 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي: فِي الْعَالَمِ الْمَمْلُوءِ أَخْطَاء.. مُطَالَبٌ وَحْدَكَ أَلَّا تُخطِئ

نشر
عبد الرحيم علي

«تُرى في أي ليلة، يقبع ذلك الخطأ، ممددًا خلفك فى الظلمةِ، يجترُّ انتظارَه الثقيلْ، كالذئب الهادئ ساعةَ الخطرْ، مخاتل، يبدو نائمًا، بينما يُعدّ نفسه لوثبةٍ قاتلة.
خفىّ لا يرى، لكنه تحتك يلعق الحجرْ، منتظرًا سقطتكَ المحتملة، فى لحظةٍ تغفل فيها عن حساب الخطوِ، أو تفقد فيها حكمةَ المبادرة، تُرى فى أى ليلة يقبع ذلك الخطأ».
حسنًا فعلت سيادة الرئيس عندما أصدرت قرارك بتعيين السيدة فايزة أبو النجا مستشارة للأمن القومى، والسيد أحمد جمال الدين مستشارًا لشئون الأمن والإرهاب، لكن يظل الشيطان دائمًا يسكن فى التفاصيل، فكيف ستستطيع السيدة الفاضلة فايزة أبوالنجا أن تنسق بين عمل عدد كبير من أجهزة المعلومات، جل عملهم يتعلق بالأمن القومى للبلاد، وكيف تستطيع التغلب على عادات وتقاليد عريقة تغلغلت داخل كل تلك الأجهزة، تقضى بحجب المعلومات وتقييمها تحت بند «سرى للغاية» حتى عن أعين شركائهم فى الدفاع عن الأمن الوطنى للبلاد؟
كيف تعمل السيدة فايزة أبوالنجا، وعدد كبير من المسئولين فى مصر لا يدركون أبعاد الأمن القومى للبلاد، ويتركون ذيول الجماعة الإرهابية وأذنابها ينخرون فى عظام هذا الوطن، دون رادع، على سبيل المثال لا الحصر، ماذا فعلت السيدة وزيرة الشئون الاجتماعية فى أكثر من ثلاثمائة وخمسين جمعية إخوانية تم التحفظ على أموالها؟.. أرجو أن تسألها يا سيادة الرئيس وستسمع العجب العجاب، ماذا يحدث فى لجان الزكاة المنتشرة فى الجمعيات والمساجد التى تجمع ملايين الجنيهات كل يوم لتصرف فى أوجه العنف وإرهاب المجتمع، وماذا لو تم إسناد تبعيتها إلى الحكومة؟.. إذن لاستفاد المجتمع منها أيما استفادة.
كيف سيستطيع السيد أحمد جمال الدين أن يعيد لجهاز الأمن الوطنى، الجهاز الوحيد المنوط به مواجهة الإرهاب، هيبته وهو محروم من استجواب المصريين، بحكم القانون، وبأى إبرة سيغزل الرجل إذا كان القانون الجديد الذى أصدرته الحكومة، والذى يقضى بتحويل من يعتدى على المنشآت الهامة والعامة إلى القضاء العسكرى، لا يعتبر الأكمنة الثابتة لجنود الجيش والشرطة وكذا الأكمنة المتحركة، وحيازة السلاح، خفيفا كان أم ثقيلا، ضمن المنشآت الهامة أو العامة، وكأن الحجر يا سيدى أغلى من البشر، وأى بشر يا سيادة الرئيس فهم فلذة أكباد هذا الوطن من رجال الشرطة والجيش.
كيف يعمل الرجل واللجنة المنوط بها التحفظ على أموال الجماعة الإرهابية المسماة بالإخوان، والتى تقدر بمليارات الجنيهات، والتى تم تشكيلها منذ أربعة عشر شهرًا، لا تجد مقرًا يليق بها حتى الآن، والأدهى أن هناك من يرى داخل الحكومة أنها لجنة من عمل الشيطان.
كيف يعمل مستشار الرئيس لمكافحة الإرهاب، والدولة لا تستطيع إصدار قانون للإرهاب ييسر ويسهل عمل أجهزة المواجهة؛ لأن البعض قرر أن يضع ألغاما فى الدستور تحول دون إصدار مثل هذه القوانين.
كيف يعمل الرجل وآلاف مؤلفة من أذناب الإخوان يعششون فى كل الوزارات والهيئات يعرقلون عمل الحكومة وقراراتها، ويفتعلون لها المشكلات يومًا بعد يوم، ويستغلون حتى مسابقات التعيين للدفع بعناصرهم، نعم عناصرهم يا سيادة الرئيس إلى أضابير الحكومة ومصالحها، فى غيبة تامة من أجهزة الرقابة، ومسابقة وزارة التربية والتعليم الأخيرة، ليست ببعيد.
أعلم أن التركة ثقيلة، وأن المؤامرة أبعد من أن تلحظها الأعين المجردة، وأوسع من أن تدركها العقول المحلقة فى الفراغ، لكنى أعرف أيضا أن جماعات المصالح وأذناب الإخوان، وحواريى البرادعى و6 إبريل، وعددا لا بأس به من أجهزة الاستخبارات الدولية يعدون العدة، للانقضاض على هذا الوطن، مستغلين دعوة البعض للاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.
الإرهاب ينخر فى جسد الأمة، وخطاب التهييج الأعمى يسرى كما النار فى الهشيم، فماذا نحن فاعلون يا سيادة الرئيس، أعلم أنهم مهما بلغوا من قوة فلن يسقطوا مصر أبدا، وأعلم أن تدبيرهم سيؤول إلى نحورهم، إن شاء الله، وأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولكن هل نملك ترف إهمال التفكير الجاد فى تلك الدعوات وهذه المخططات، بدعوى أننا أبعد ما يكون عن التأثر بها؟ إننا اليوم، يا سيدى، نعيش حياة «لاعب السيرك»، ففى العالم المملوءِ أخطاءَ مطالبٌ وحده ألا يُخطئ؛ لأن الخطر يحدق به، منتظرًا سقطته المحتملة، فى لحظةٍ يغفل فيها عن حساب الخطوِ، أو يفقد فيها حكمةَ المبادرة، لحظة يقف الزهو على رءوسنا طيرًا، فنذهل عن الأرجوحةِ المنحدرة، إنها الحرب أعرف، قد تثقل القلب يا سيدى، لكن خلفك أفعى رابضة.