من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: دم الحسيني أبو ضيف في رقبة مرشد الإخوان ونائبه
لا أعرف لماذا تداعت إلى ذاكرتي، عقب سماعي لنبأ استشهاد الزميل الأستاذ الحسيني أبو ضيف، متأثرًا بجراحه؛ من جراء طلقة الخرطوش التي اخترقت رأسه، بتعليمات واضحة من مرشد عام جماعة الإخوان ونائبه خيرت الشاطر، التي قضت بضرورة قمع كافة متظاهري الاتحادية السلميين، وكل من يسجل لحظات غضبهم على الإعلان الدستوري والرئيس؛ حتى لا يتكرر المشهد مرة أخرى.
كانت محاكمة عبد الرحمن السندي، رئيس النظام الخاص (الجهاز العسكري للجماعة) عقب مقتل القاضي الخازندار، هي أول ما تبادر إلى ذهني، حيث جلس المرشد المؤسس حسن البنا –وفق رواية المستشار عبد العزيز كامل، أحد قادة النظام الخاص آنذاك- يبدو عليه التوتر، يُرى ذلك في حركة عينيه السريعة، والتفاته العصبي، ووجهه الكظيم، وإلى جواره قادة النظام الخاص: عبدالرحمن السندى، رئيس النظام، وكان لا يقل توترًا وتحفزًا عن الأستاذ، ثم أحمد حسنين، ومحمود الصباغ، وسيد فايز، وأحمد زكي، وإبراهيم الطيب، ويوسف طلعت، وحلمي عبدالمجيد، وحسني عبدالباقي، وسيد سابق، وصالح عشماوي، وأحمد حجازي، ومصطفى مشهور، ومحمود عساف.
قال الأستاذ (يقصد حسن البنا): إن كل ما صدر منه من قول، تعليقًا على أحكام الخازندار في قضايا الإخوان: “,”لو ربنا يخلصنا منه“,”، أو “,”لو نخلص منه“,”، أو “,”لو واحد يخلصنا منه“,”، معنى لا يخرج عن الأمنية، ولا يصل إلى الأمر، فالأمر محدد، وإلى شخص محدد، وهو لم يصدر أمرًا، ولم يكلف أحدًا بتنفيذ ذلك، ففهم عبد الرحمن هذه الأمنية أمرًا، واتخذ إجراءاته التنفيذية، وفوجئ الأستاذ بالتنفيذ.
ووجهت حديثي (الراوي: عبد العزيز كامل) إلى الأستاذ قائلاً:
أريد من فضيلتكم إجابة محددة بنعم أو لا على أسئلة مباشرة لو سمحتم.
فأذن بذلك، فقلت:
- هل أصدرت فضيلتكم أمرًا صريحًا لعبدالرحمن بهذا الحادث؟
- قال: لا
- قلت: هل تحمل دم الخازندار على رأسك وتلقى به الله يوم القيامة؟
- قال: لا
- قلت: إذن فضيلتكم لم تأمر ولا تحمل مسئولية هذا أمام الله.
- قال: نعم
فوجهت القول إلى عبد الرحمن السندي، واستأذنت الأستاذ في ذلك فأذن.
- ممن تليقت الأمر بهذا؟
- فقال: من الأستاذ (يقصد المرشد حسن البنا).
- فقلت: هل تحمل دم الخازندار على رأسك يوم القيامة؟
- قال لا.
- قلت: وهذا الشباب الذي دفعتم به إلى قتل الخازندار من يحمل مسئوليته؟
والأستاذ ينكر، وأنت تنكر، والأستاذ يتبرأ، وأنت تتبرأ.
- قال عبد الرحمن: عندما يقول الأستاذ إنه يتمنى الخلاص من الخازندار، فرغبته في الخلاص أمر يجب تنفيذه.
- قلت (أي عبد العزيز كامل): مثل هذه الأمور ليست بالمفهوم أو بالرغبة، وأسئلتي محددة، وإجاباتكما محددة، وكل منكما يتبرأ من دم الخازندار، ومن المسئولية عن هذا الشباب الذي أمر بقتل الخازندار.
- “,”ولا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يلق الله بدم حرام“,”، هذا حديث رسول الله.
- ثم قلت له: والآن هل تُترك المسائل على ما هي عليه، أم تحتاج منك إلى صورة جديدة من صور القيادة، وتحديد المسئوليات؟
- قال (يقصد المرشد العام حسن البنا): لا بد من صورة جديدة، وتحديد مسئوليات.
واستقر رأيه على تكوين لجنة تضم كبار المسئولين عن النظام، بحيث لا ينفرد عبد الرحمن برأي ولا تصرف، وتأخذ اللجنة توجيهاتها الواضحة المحددة من الأستاذ، وأن يوزن هذا بميزان ديني يقتضي أن يكون من بين أعضائها –بالإضافة إلى أنها تتلقى أوامرها من الأستاذ– رجل دين على علم وإيمان، ومن هنا جاء دور الشيخ سيد سابق ميزانًا لحركة الآلة العنيفة.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يجلس فيها عبد الرحمن مجلس المحاسبة والمؤاخذة أمام الأستاذ وقيادات النظام، بل لعلها المرة الأولى التي يجلس فيها الأستاذ أيضًا مجلس المواجهه الصريحة أمام نفسه وأمام قادة النظام، إلى الدرجة التي يقول فيها لعبد الرحمن (يقصد حسن البنا):
- أنا لم أقل لك، ولا أحمل المسئولية.
- وعبد الرحمن يرد: لا، أنت قلت لي، وتتحمل المسئولية.
ويتبرأ كل منهما من دم الخازندار، ويخشى كل منهما أن يحمل دم الرجل على رأسه يوم القيامة.
وانتهت الجلسة..
ولكن هل انتهى دور الجماعة في قتل وإرهاب المصريين، وآخرهم الحسيني أبو ضيف؟ وهل انتهى تبرؤ الجماعة ومرشدها ونائبه من تحمل وزر دم المصريين أمام الله يوم القيامة؟
لا والله.. فلسوف يحملونه عارًا على رءوسهم يوم القيامة إن شاء الله.
ما دامت مصر ولادة
وفيها الطلق والعادة
هتفضل شمسنا طالعة
برغم القتل والترهيب