الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: استعادة هيبة الدولة.. خيارنا الوحيد

نشر هذا المقال في موقع البوابة نيوز، الأربعاء ٢٨ يناير ٢٠١٥

نشر
عبد الرحيم علي

أتفهم هجوم فهمى هويدى وأزلام تركيا وقطر، من مذيعى الصف السابع والتاسع والعاشر، هؤلاء الذين لم يستطيعوا الوصول إلى قلوب المصريين، ولا إلى عقولهم عندما تصدروا برامج تافهة فى قنوات أتفه، فتحولوا إلى هجامين ومحرضين بالإيجار لكل من يدفع أكثر.
أتفهم ذلك كله، بحكم ما يحدث على الأرض من ضربات مؤلمة للجماعة الإرهابية وأعوانها فى الداخل والخارج، وهو ما يؤلم بالطبع كل المشايعين والتابعين، من كل صنف ولون، وفى مقدمتهم بالطبع، كتبة بالإيجار، تعودوا تسخير أقلامهم لمن يدفع أكثر، سواء كان فى الدوحة أو طهران أو إسطنبول، تلك الضربات الشعبية، قبل الأمنية أو الحكومية، التى أفقدت الإرهاب الأعمى بوصلته، وتوازنه، فراح يقتل النساء والأطفال ويزرع القنابل بجوار المدارس والمستشفيات ودور العبادة.
كان هويدى وأعوانه يتمنون، بالطبع، أن يستمر حكم الإخوان إلى الأبد، لكى يتسنى لكل من مول وخطط، أن يحصد نتائج تمويله وتخطيطه، حتى يتم تفتيت الوطن والأمة، ليقف هويدى وأتباعه، كما يقف الآن، على تلال الخراب فى ليبيا واليمن وسوريا، ناعقين كالبوم.
أتفهم حرقة قلوبهم، من عدم تمكين المصريين لهم ولأعوانهم من الجماعة الإرهابية وحلفائها، من أن يقبضوا باقى الثمن حيث المقدم وحده لا يكفي، ولا يسمن ولا يغنى من جوع، أتفهم أن يهاجم هويدى وأعوانه وأزلامه جريدتنا ويحرض عليها زاعما أنها تدعو إلى قتل المتظاهرين.
لقد جاء مانشيت «البوابة» فى عدد الأحد ٢٥ يناير، يحمل رؤيتنا التى نؤمن بها ونتوكأ عليها، وليس لنا فيها مآرب أخرى، واضحة جلية، وكان عنوانه: «المخربون.. إذا رأيتموهم فى الشوارع فاقتلوهم».
لقد خرجت دعوات المخربين قبل يوم واحد على تظاهرات 25 يناير لتدعو إلى اقتحام السجون وأقسام الشرطة وقتل رجال الجيش والبوليس على الهوية، واقتحام مدينة الإنتاج الإعلامى وقتل من فيها من إعلاميين، فماذا يريدنا أن نفعل الأخ فهمى هويدي، هل يريدنا أن نقول للمصريين اتركوهم ينفذون أجندة من يمولون ويخططون لزرع الفوضى فى ربوع هذا الوطن، فى محاولة مفضوحة لتركيعه وسلب إرادته؟، هل يريدنا أن نتجاهل الحكم الشرعى لهم، فى قول المولى عز وجل: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».
أليس هذا هو الحكم الشرعى أيها المفكر الإسلامى فيمن يخرج على المجتمع شاهرا سيفه ويزرع قنابله وسط تجمعات المدنيين ويقتل الضباط على الهوية وهم يؤدون عملهم فى حفظ الأمن والنظام؟.
ولماذا لم نسمع لكم صوتا عندما قتل الإخوان وأعوانهم، رجال الشرطة والمدنيين، ورجال القوات المسلحة، فى سيناء وكرداسة والمنيا والفيوم وبنى سويف، وعلى طول وعرض مصرنا المحروسة؟، لقد كان موقفنا واضحا من الشهيدة شيماء كتبناه ووثقناه، أيا كان من قتلها فهو عار على أى مصري، سيلاحقه إلى يوم الدين، أما الذين حرضوا على قتل المصريين ومارسوا عمليا عمليات القتل والترويع الممنهجة، فموقفنا أيضا منهم واضح وما زلنا مصرين عليه: «إذا لقيتم المخربين فى الشوارع فاقتلوهم». وهذا الخطاب بالطبع نخص به الدولة ورجال الضبطية القضائية من جيش وشرطة، لأنهم المخولون وحدهم بمواجهة الإرهاب وخططه.
لم تكن دعوتنا أبدا دعوة لقتل الأبرياء كما حاول أن يوحى فهمى هويدى وأعوانه، وإنما هى دعوة للحفاظ على هيبة الدولة ووحدة وطن يقف له بالمرصاد أعداء كثر، فى انتظار أن تثخن فيه الجراح فينقضون عليه، لقد قال فهمى هويدى وأعوانه مثل ذلك، عندما جرى ما جرى فى ليبيا واليمن وسوريا، والآن يقفون مشدوهين دون أن ينبسوا بكلمة واحدة، خشية استرجاع ملفات مقالاتهم القديمة، التى أقل ما توصف به، أنها مثلت جريمة كاملة الأركان فى حق شعوب تلك البلدان، يدفع ثمنها، الآن، الأبرياء من السوريين، والليبيين، واليمنيين، والعراقيين، فى الوقت الذى ما زالت فيه أموال هذه المقالات التى تسببت فى مأساتهم، لم تصرف بعد.
يقول فهمى هويدى فى مقاله المعنون «ترشيد القتل» والمنشور بجريدة الشروق: «لا نعرف كيف سينتهى مسلسل الترويع، لكننى أعرف أمرين، أولهما أن هذا الأسلوب لن يقضى على الإرهاب، الثانى أنه يؤجج المشاعر ويزود الإرهاب بالوقود الذى يكفل له الاستمرار والتصعيد».
ويضيف: «إذا سألتنى ما العمل؟ فردّى إن الأمر لم يعد يحتمل كلاما كثيرا، لأننا بتنا بحاجة إلى قرار سياسى يحسم الاتجاه، ويحدد بصراحة وشجاعة ما إذا كنا سنظل نحتكم إلى الخرطوش أم سنحتكم إلى العقل والحوار».
وهذا هو لب ما يسعى إليه معسكر فهمى هويدى ومن يقفون خلفهم، خطوة للخلف من أجل عشر للإمام، مصالحة تتبعها مشاركة تتبعها مغالبة يتبعها تمكين يتبعها انتقام ثم ارتماء فى حضن أعداء الوطن، أليست تلك هى الخطة التى طرحتموها من قبل على عبدالحليم موسى وزير الداخلية الأسبق أنت وسليم العوا وآخرون إنقاذا لمشروع الجماعة الإسلامية آنذاك، وأن عدم استجابة الدولة لخطتكم هو ما أجبر الجماعة الإسلامية على إعلان وقف العنف من طرف واحد، ثم الشروع فى كتابة ما كتبوه من كتب حول تصحيح المفاهيم، والتى عرفت فيما بعد بكتب المراجعة، والسؤال: ماذا لو استجابت الدولة فى تلك الأيام لرؤيتكم، التى تطرحونها الآن، هل كانت الجماعة الإسلامية التى طرحت إبانها عشرة شروط للمصالحة، قد وقعت على مبادرة وقف العنف من طرف واحد وألقت السلاح.
إن هذه الجماعات يا سيد فهمى لا تعرف سوى القوة لغة، إنما الحوار بالنسبة لهم وفى أدبياتهم، فلا تلجأ إليه سوى الدول الضعيفة والحكومات المرتعشة، تلك أدبياتهم التى تعرفها جيدا، ولو كان المقال يتسع لأوردت لك آلاف النصوص التى يؤكدون فيها على الفكرة.
وأقولها لك صريحة مدوية يا سيد فهمي، لا مصالحة مع القتلة والمجرمين وبائعى الأوطان، لا يملك الرئيس نفسه ولا غيره أن يقدم على هذا الخيار، فقد فوض الشعب رئيس الجمهورية، فى مواجهة الإرهاب، وهذا التفويض سار حتى اليوم، وبهذا التفويض تواجه الدولة الأزلام والخونة والمتآمرين والقتلة، ولن تتراجع حتى تثبيت هيبة الدولة واحترام مؤسساتها فى القلوب، قبل العقول.