الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: ترتيب الأولويات.. الرسالة الأهم للرئيس في عيد الشرطة

نشر هذا المقال على موقع وجريدة البوابة نيوز يوم الأربعاء 21/يناير/2015

نشر
عبد الرحيم علي

أرسل الرئيس عبدالفتاح السيسي، عبر كلمته، التي ألقاها بمناسبة الاحتفال بالعيد السادس والستين للشرطة المصرية، عدة رسائل واضحة وقوية، ليس فقط للمصريين، وإنما للعالم أجمع.
كانت أهم تلك الرسائل على الإطلاق، ما قاله الرئيس، حول الثمن الذي تدفعه مصر، من دماء زكية، وشهداء وأرامل ويتامى، ليس حماية لأمنها القومي فقط، وإنما من أجل استقرار المنطقة بالكامل، وكذا أوروبا والعالم.
تحدث الرئيس عن ترتيب سلم الأولويات، في دولة خرجت من ثورتين متتاليتين باقتصاد منهار، وحرب معلنة، ضد أطراف وتنظيمات متعدية للحدود، تستهدف تركيع البلاد وضرب استقرارها، وضرب السيسي مثلا بالحملات الصحفية والإعلامية التي تتحدث عن قانون التظاهر، بينما يعيش أربعون مليون مصري، أو أكثر تحت خط الفقر، وتساءل الرئيس: أين حقوق أهلنا هؤلاء؟!.
كان الرئيس يتحدث من قلبه، يحيط به أبناء الشهداء، هؤلاء الذين دفعوا دمائهم ثمن حريتنا، كانت عيناه على ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وهو يتحدث، يكاد يتلمس أوضاعًا كان من المخطط أن نمر بها هنا في مصر.
طلب الرئيس من الإعلام والفن أن يساعدا في توصيل الرسالة، وتعديل السلوك، وتصحيح المنهج، وتوضيح حجم المؤامرة والخطر.
الرئيس يعرف أن حجم المؤامرة على مصر والمصريين، والمنطقة ككل، كبير جدًا، ويحاول بكل طاقته أن يشرح ذلك للناس، في كل مناسبة تحدث فيها إليهم، فرغم أن ثورة الثلاثين من يونيو، قد أوقفت الزحف المقدس نحو تقسيم مصر، تلك المؤامرة التي تورطت فيها جماعة الإخوان الإرهابية حتى أذنيها، عادت بعض الأطراف التي خططت ورعت المشروع، لإحيائه من جديد، لقد بدأت عملية التقسيم بالفعل في ليبيا والعراق وسوريا، والآن تحاول زعزعة استقرار اليمن بقصد التأثير على المملكة السعودية، كانت تلك القوى تعتبر مصر الجائزة الكبرى، التي يمكن أن تنتظر إلى ما بعد إعادة رسم المنطقة بالكامل.
لكن يظل السؤال: لماذا تخطط بعض الأطراف في الغرب، وبدأب شديد، من أجل تقسيم مصر؟ ما الذي يضيرها من أن تظل مصر موحدة؟ بل ما الذي يضيرها من أن تظل الدول العربية الأخرى محتفظة بوحدتها وقوتها؟.
الإجابة عن هذا السؤال تضع أيدينا على الصورة الكاملة، وهى إجابة لابد أن تعود بنا إلى عام 1973، عندما انتصرت القوات المسلحة المصرية على إسرائيل في حرب هي الأشرف في تاريخ مصر الحديث.
يومها ترسخ لدى تلك الأطراف أن إسرائيل ليست في مأمن من الخطر، وأنها في أي لحظة يمكن أن تتعرض لخطر وجودي، فالانتصار الذي حققه الجيش المصري يمكن أن يتكرر، وفى حالة اتحاد الجيوش العربية يمكن أن تصبح إسرائيل مجرد ذكرى، وهو ما لا يمكن أن تسمح به تلك الأطراف على الإطلاق.
كان المخطط يقوم على أن تتفتت الدول العربية من الداخل، فلا تكون هناك دولة عربية كبيرة، وبالتالي لا يكون هناك جيش عربى يمكن أن يصلب طوله في المنطقة أو يسبب «ردعًا» للمشروعات التوسعية للدولة الصهيونية.
وكانت تلك الأطراف قد وصلت إلى ذروة حلمها، بعد اندلاع ما سمى بثورات الربيع العربي، تلك التي ركبتها جماعة الإخوان الإرهابية، التي اعتبرتها تلك الأطراف حصان طروادة الذي سوف تعتمد عليه لإعادة ترسيم المنطقة من جديد.
توصلت تلك الأطراف لاتفاق مع جماعة الإخوان الإرهابية، يتم بمقتضاه تنفيذ مخطط التقسيم، وهو ما كشف عنه مركز «جلوبال ريسيرش» الأمريكي في ورقة بحثية نشرها في 28 يونيو 2014، أشار فيها إلى أن إدارة أوباما اتبعت سياسة الدعم السري لجماعة الإخوان والحركات المتمردة الأخرى في الشرق الأوسط منذ عام 2010.
كشف المركز عن وثيقة مهمة صدرت من وزارة الخارجية الأمريكية، بعنوان «مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط». حددت من خلالها هيكلا متطورا من برامج الوزارة يهدف إلى بناء منظمات المجتمع المدني، ولا سيما المنظمات غير الحكومية، بهدف تغيير السياسة الداخلية للبلدان المستهدفة لصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وأهداف الأمن القومى الأمريكى، الوثيقة تشير أيضا إلى أن إدارة أوباما قامت بحملة استباقية لتغيير نظم الحكم في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وكشفت الوثيقة أن المبادرة تعمل في المقام الأول مع المجتمع المدنى، من خلال منظمات غير حكومية متنفذة مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، وفى المنطقة، وتؤكد على أن الأولوية أعطيت، في وقت مبكر من عام 2010، لليمن والسعودية وتونس ومصر والبحرين، وخلال عام على المبادرة أضيفت ليبيا وسوريا على قائمة الدول الأكثر أولوية لتدخل المجتمع المدني.
أصابع تلك الأطراف لا تزال تلعب في المنطقة إذن! توقفت قليلا بعد ثورة 30 يونيو، التي أجلت مشروع إعادة تقسيم المنطقة إلى حين، لكنهم يعيدون الآن ترتيب أوراقهم، لاستئناف تنفيذ المخطط من جديد.
وما يحدث في اليمن وعلى حدودنا الغربية في ليبيا، ليس ببعيد، عما نشير إليه ويشير إليه الرئيس، إننا أمام مؤامرة كبرى تشارك فيها أطراف عديدة، من أجل عيون إسرائيل. مواجهة مفتوحة مع عدد من أهم وأخطر أجهزة الاستخبارات في العالم، إضافة إلى التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية وحلفائه، الهدف منها هو تركيع مصر وإذلالها، ردا على ما فعله هذا الشعب العظيم وجيشه في 30 يونيو 2013، عندما خرج ليعلن هدم أركان المؤامرة، وإلقاء حلم إعادة تقسيم المنطقة، في البحر. فهل نترك المعركة الرئيسية، ونتوجه لمعارك فرعية لا تؤدي سوى إلى ازدياد ضعفنا وهواننا على أعدائنا؟، أعتقد جازما أن تلك، كانت- وما زالت- أهم رسائل الرئيس السيسي في هذه المرحلة، وحتى إشعار آخر.