الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

الإخوان بين "الشتات" وتجفيف "منابع التمويل"

نشر بتاريخ 21/يوليو/2021 بموقع" بوابة الحركات الاسلامية"

نشر
عبد الرحيم علي

عبد الرحيم علي :الجماعة الارهابية تسعى لإحياء "الوهم الكبير" من أجل تخريب المنطقة 

في بدايات يوليو الحالي أصدر عبد الرحيم علي رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس ولندن بيانا يلقي الضوء على محاولات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين لتشكيل كيانا اخوانيا جديدا ، يتبنى علنا "النهج الديموقراطي" ويبتعد تنظيميا عن التنظيم الأم ،بهدف إعادة الروح للجماعة التي باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة. 

 

وحذر عبد الرحيم علي من مخطط "الإخوان" الجديد ومخاطره ، ليس فقط على مصر والدول العربية ، بل على العالم بأسره ، وأن محاولة العودة "بثوب جديد" ،بمباركة بعض أطراف من الإدارة الأمريكية ، تأتي بعد السقوط المروع للجماعة الارهابية ، وتهاوي مشروعها السياسي والتنظيمي ،عقب "ثورات الربيع العربي" ، ومع الضربات القاصمة التي تلقاها التنظيم الاخواني داخل مصر ، والتشريعات التي اتخذتها الكثير من دول العالم بحظر تواجد ونشاط الجماعة على اراضيها، ومثل التقارب التركي القطري مع مصر أزمة خانقة تلتف حول عنق الجماعة ، ليصبح الشتات وتجفيف المصادر الرئيسة للدعم والتمويلمهددا لاستمرار وجودها .

وعن امكانية قدرة الجماعة الارهابية على تجاوز تلك  " المحن " – حسب المصطلح الاخواني لتوصيف أزماتها - خاصة تلك المتعلقة بالبحث عن بدائل للملاذات الاّمنة ، ومصادر جديدة لتمويل أنشطتها، خاصة منصاتها الاعلامية والدعائية ، يرى عبد الرحيم علي ، ان الجماعة تقف على حافة الهاوية ، وانها تقترب من خط النهاية ، نهايتها ، في حال ادراك الدول العربية ، والعالم اجمع لمخطط  اعادة تدوير مشروع الجماعة ومنتجها الفكري والسياسي .

وفي تحليل وتقدير موقف لسيناريوهات مستقبل جماعة الاخوان ، فيما يتعلق ببدائل الملاذات الامنة ،وعن امكانية ان تكون ايران ملجأ لقيادات وعناصر الاخوان المحتمل مغادرتهم تركيا وقطر ، يمكن رصد المؤشرات والمعطيات التالية :

اولا: التقارب الاخواني الايراني :

سعت إيران طيلة السنوات الخمس الماضية إلى التواصل المكثف مع الإخوان وتنظيم الرحلات لهم إلى إيران تحت غطاء التبادل البحثي، من أجل اختراق التنظيم والوصول إلى قيادته العليا ومحاولة إقناعه بتبني أفكار الثورة الإيرانية في التعامل مع الدولة المصرية، تارة من أجل الاستفادة منهم على المستوي الاستخباراتي، وتارة بمعرفتهم لإيجاد ملاذات واستضافات آمنة لهم على جميع المستويات، وهو ما كشفه العام الماضي تسريبات لقاء محمود الإبياري مع إبراهيم منير وممثلين إيرانيين .

حجم الاتصالات التي تمت بين الإخوان وإيران بعد خروجهم إلى تركيا وقطر والسودان وبريطانيا كان كبيرًا جدًّا يصل إلى عقد لقاءات مع الإيرانيين في بريطانيا، وكذلك تدريب عناصر لهم على التجربة الاستخباراتية الجورجية فيما يعرف بخرطوم الأباطيل، وأهداف إيران من التواصل مع الإخوان، والتي تتلخص في جمع المعلومات بشكل دقيق عن قوة وحجم الإخوان، ومدى قدرة إيران في التعويل عليهم كصانعي حدث سياسي في المنطقة، وكيفية توظيفهم في المنطقة ضد أنظمة سياسية بعينها، والتحايل على الحصار الاقتصادي الأمريكي والأوروبي عليهم.

الشكل الذي تم به الاتصال بين الإخوان والإيرانيين المعلن – من خلال الالتقاء في المراكز والمؤتمرات البحثية في تركيا وبريطانيا- وقد أخذ أشكالًا عديدة ومختلفة.

ثانيًا: الجماعة الاسلاميةوفتح آفق للتعاون مع إيران

كما حاولت الإخوان التواصل مع إيران وقبول بعض أدوار اللعبة، سعت الجماعة الإسلامية إلى التواصل مع إيران بعد خروج رموزها إلى تركيا ليكونوا بديلًا في التواصل عن الإخوان، وتقديم أنفسهم باعتبارهم من أكثر التنظيمات الإسلامية التي استفادت من الثورة الإيرانية.

الجماعة الإسلامية  المصرية  قدمت نفسها للإيرانيين باعتبارها الجماعة الوحيدة التي تريد تعميم الاستفادة من الثورة الإيرانية من خلال تدريس منهج الثورة الإسلامية للتيار الإسلامي للاستفادة منه في مجالات التعددية الفقهية ومساحات تكوين الأحزاب السياسية المدعومة من إيران على غرار تجربتي حركة أمل الشيعية وحزب الله اللبناني.

ثالثًا: الإخوان بين الاغتراب والشتات :

خلقت تجربة الاغتراب لدى الإخوان حالة من العزلة الشعورية للأفراد والتنظيم، بشكل ظهر جليًّا في ثقافتهم ونظرتهم للآخر حتى وهم خارج الوطن، وقد هربوا إلى دول أخرى يتحصنوا بها من ملاحقات القضاء المصري لهم بتهم العنف والإرهاب والإساءة إلى الدولة.

فالخطاب الإعلامي لقيادات الاخوان داخل  الأسر التربوية كان يرسخ لقناعة أن التنظيم وأفراده هم فقط الذين «يخوضون هذا الصراع مع الدولة المصرية، وبناء على ذلك فإن أي عطايا أو منح أو دعم يجب أن يكون للتنظيم فقط»، وليس لأي شخص آخر، سواء من له اعتراضات على مسار التنظيم السياسي ومحسوب عليهم، أو أي شخص كان له علاقة بالتنظيم وتركهم، أو أي شخص جاء إلى تركيا أو قطر بزعم أن يكون في معسكرهم.

هذه الحالة من العزلة خلقت صراعًا داخليًّا لدى أفراد التنظيم، وهي حالة ممزوجة بين الشعور بالفوقية تجاه الآخرين، واستمراء عدم الالتفات إلى نصائح البعض الذين كانوا يرون بضرورة إنهاء حالة الصدام هذه، والتوجه للدولة المصرية بخطاب تصالحي، ومحاولة إيجاد صيغة لإنهاء هذا الملف بالكامل.

رابعًا: الصراع على كانتونات التمويل:

ومن هنا كان الصراع على كانتونات التمويل (قطر وتركيا وإيران) وصل الأمر مع تفاقم أزمة إعلام الإخوان إلي ذروته .

فقد شهد العام الماضي أزمة كبيرة داخل قناة "مكملين" بسبب التمويل القطري والسيطرة الإخوانية() وطالت الأزمة شبكة "رصد" الإخوانية والمركز المصري للدراسات في ظل أزمة التمويلات التي طالت الإعلام الإخواني بشكل عام ومنافذ التمويل القطرية على وجه الخصوص، ورغبة الطرف القطري الذي يحاول أن يمول المنصات الإخبارية الإخوانية بالاستحواذ على الشبكات، بدلًا من الاستمرار في تمويلها فقط، فقدم الطرف القطري عرضًا ماليًّا لـ"شبكة رصد" والقائمين عليها لشرائها وإنهاء شراكته مع الأطراف المصرية فيها.

ومن هنا عرض الطرف القطري على شبكة رصد ومسؤوليها عرض الشراء والاستحواذ على الشبكة إلى ممثل الشبكة المعروف إعلاميا عمرو فراج ، عرض الشراء إلى مجلس إدارة شبكة رصد، وكان رد فعل مجلس الإدارة كالاتي: تناقش مجلس الإدارة المكون من 5 أشخاص، وهم المشرفون على الشبكة بكل أقسامها، (فيسبوك، والموقع الإليكتروني، ومسؤولي الترويج، ومسؤولي التنمية البشرية) المسؤولون عن استلام التمويل، مع الطرف القطري بخصوص عرض البيع والشراء.

رفض المجلس العرض القطري وبدأ من هنا البحث عن تمويل جديد لا يفرض شروطه ومساحات الاستحواذ الكبيرة التي يريدها الممول القطري.

ومن هنا كان البحث عن ممول جديد وسط أزمة الممولين وصراعات الجماعة الداخلية: في غياب المحاضن التربوية للتنظيم الإرهابي أو المحاضن الاجتماعية والملاذات المعنوية الآمنة كالحصول على الجنسيات خاصة بعد حصول البعض على الجنسيات الاستثنائية، ورفض السلطات التركية حصول البعض عليها ()، وتقدم لهم إجابات شافية عن المأزق الفكري الذي يعيشون فيه خارج وطنهم، بدأ العشرات في التحلل من التبعية المكانية للتنظيم والتأثير المالي عليهم، وبحثوا عن بدائل لأنفسهم، باحثين عن الأمان والاستقرار النفسي قبل كل شيء، فكثرت محاولات طلب الهجرة إلى إيران وماليزيا وبعض الدول الأوروبية التي من الممكن أن تقبلهم وخاصة كندا.

خلقت كما قلنا أزمة التمويلات المالية التي ضخت بملايين الدولارات للتنظيم وأفراده حالة من الشره أو ما نطلق عليه «الكانتونات» البشرية الإخوانية وخاصة عند العاملين في الإعلام، فكل مجموعة داخل التنظيم، لها شخص هو المسؤول عن التمويل، وكل تيار داخل التنظيم، له طرف مسؤول عن تمويله، وهي كالاتي:

- لذلك تنوعت طرق التمويل داخل تنظيم الإخوان، لكن مصدرها الأول والأخير في الفترات السابقة كان واحدًا وهو قطر، ومؤخرًا دخلت إيران عن طريق وكلائها وبدأت ترث بعض هذه الكنتونات، لكن كانت هناك اختلافات بخصوص الطرق التي يتم الحصول من خلالها على تمويلات مثل:

- المراكز البحثية الإخوانية، منها الذي يتلقى مباشرة من قطر مثل مركز دراسات يخص حسين القزاز، وكان يعمل مستشارًا لمرسي .

- مركز دراسات يخص يحيى حامد وزير الاستثمار في عهد مرسي، يحصل على تمويل مباشر من قطر.

- مركز «المعهد المصري» الذي يخص الوزير في عهد مرسي عمرو دراج، كان يحصل على التمويل مباشرة من قطر لكن الآن يحصل عليه من إيران، بتسهيلات من رجال أعمال فلسطينيين ويتولى إدارته الآن عصام عبد الشافي.

- منصات إخبارية مثل رصد: كانت تحصل على تمويل مباشر من قطر وتولى قطب العربي الآن تمويله من إيران.

- منصة مثل موقع الاستقلال: يحصل على تمويل من عناصر من الكويت.

- منصة بحثية تدعى رواق: تحصل على تمويل من بعض العاملين في ألمانيا بعد توقف التمويل القطري الآن.

ــ طالت أزمة القنوات أيمن نور وقناة الشرق وخاصة مع تأسيس قناة الشرق بلونبرج، فأطاح أيمن نور بحليفته السابقة دعاء حسن وقرر تعيين السيدة «نهاية الطوبجي» وهي شخصية مقربة جدًّا من الجانب الإيراني، ونقل الشركة ومقرها إلى لندن ليتفادى أي صدام محتمل مع الأتراك على أن يكون هناك بديل للقناة في لندن يستطيع أن يعمل من خلالها سواء بتنسيق مع إخوان تركيا أو أي شخصيات أخرى.

وبدأ نور يصنع بعض البرامج التي تنتقد السياسة السعودية لصالح إيران والمعارضة السعودية مثل برنامج «نافذه على السعودية» لإعلامي مغمور يدعي «يزن البوش».

- حزب تحت التأسيس اسمه «أمل مصر»، والذي أسسته غادة نجيب() ومحمد إسماعيل، وله علاقات مع إيران « ويتخذ من اللون البرتقالي رمز نضالي مثل حركة أمل الشيعية تيمّنًا بالحركات السياسية البرتقالية كما بعض بلدان أوروبا الشرقية وخاصة أوكرانيا، وهي إشارة قوية من أيمن نور للحزب لمغازلة حركة أمل الشيعية في لبنان المقرب منها أيمن نور ».