السبت 23 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: فتنة الثورتين.. 25 يناير و30 يونيو

نشر هذا المقال في موقع البوابة نيوز، الأربعاء 3 ديسمبر 2014

نشر
عبد الرحيم علي

لم تُجد مع المصريين نفعا، محاولات إيقاع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، جربوا معنا فتنة المسلمين والمسيحيين، وأثبتنا أننا شعب واحد، يعيش فينا وطن واحد، غير قابل للتجزئة، فجربوا فتنة فلول وثوار، ثم عسكر ومدنيين، فلم تجد إحداها نفعا، وخسر من روج للفكرتين سمعته، وبات ملطشة لكل من هب ودب.
والآن يجربون معنا فتنة الثورتين، ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، لن يكفوا عن محاولاتهم، والهدف واحد، وهو السعى نحو إحداث الفرقة بين المصريين، ليسهل اختراقهم، فلا نجاح لأى محاولات خارجية تريد النيل من هذا الوطن، سوى بإحداث الفرقة بين المصريين، لا شىء غير الفرقة يستطيع أعداء الوطن الولوج من بابها لتدميرنا.
وقد درسنا فى العلوم السياسية أن الثورة، أىّ ثورة، تحتاج إلى ظرفين لتصبح ناضجة وقابلة للاكتمال والتحقق والنجاح فى الوصول إلى أهدافها، الأول الظرف الموضوعى؛ ويعنى وصول الصراع الاجتماعى فى أى بلد لنقطة اللاعودة، عبر ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة تعانى منها الأغلبية الكاسحة من الشعب مقابل أقلية منعمة فى الثروات مستأثرة بها، إضافة الى انسداد لأى أفق سياسى للتغيير عبر استحواذ قوى سياسية بعينها أو طبقة اجتماعية محددة على السلطة والثروة معا، محتمين بأجهزة قمع تحول دون المساس بامتيازاتهم.
والثانى توافر ظرف ذاتى، محدد فى قوى تغيير وطنية ناضجة، لديها مشروع وطنى واضح للتغيير، ولديها شعبية عريضة تؤهلها للقيادة إذا ما حدثت الثورة وخرج الناس إلى الشوارع مطالبين بحقوقهم.
بتوافر هذين الظرفين يكتمل بدر الثورة ويطرح نوره على ربوع الوطن، وتتحقق الأهداف العظيمة لها. والسؤال هل يمكن لنا أن نقدم تقييما موضوعيا لما قام به الشعب المصرى يومى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو على ضوء ما أسلفنا؟!
والإجابة، نعم، نستطيع إخضاع الأحداث لمثل هذا النوع من التحليل العلمى والموضوعى.
ففيما يتعلق بثورة ٢٥ يناير، فقد توفر لها ظرف موضوعى ناضج بامتياز، فقد وصل الفساد والظلم الاجتماعى ومحاولات الاستئثار بالثروة والسلطة إلى أقصى مراحله، مع انعدام وانسداد أى أفق للتغيير السياسى، لكن هل توفر لها ظرف ذاتى ناضج، نقول وبالفم المليان: لا لم يتوفر الظرف الذاتى لقيام ثورة يناير، فلم تكن هناك قوى سياسية مهيأة وناضجة لقيادة تلك الثورة العظيمة، الأمر الذى أوقعها فريسة فى أيدى الطابور الخامس بجناحيه، الإسلامى المتطرف والليبرالى المتأمرك، ففقدت الثورة محتواها، واختطفها أعداؤها، حتى وصلنا بها وبهم إلى ٣٠ يونيو، ذلك اليوم الذى انتفض فيه شعب مصر العظيم على أوضاع أكثر قسوة من تلك التى ثار من أجلها فى ٢٥ يناير، ولكن هذه المرة كانت قوى الشعب الحية والوطنية، المشكّلة من قوى سياسية ومؤسسات وطنية، كالجيش والشرطة والإعلام، ومؤسسات قومية، كالأزهر والكنيسة، حاضرة وبقوة وفق خارطة مستقبل واضحة لالتقاط ثمار الثورة والدفع بها نحو أهدافها التى هى تكملة لأهداف ثورتهم الأولى، تلك الثورة المغدورة فى ٢٥ يناير.
ومع السير قدما نحو خارطة المستقبل، باتت تتضح قوى الثورة المضادة شيئا فشيئا، تلك التى تحاول أن تعرقل مسيرة البناء والتنمية، عبر إحداث نوع من الضغط تارة والابتزاز تارة أخرى، ناهيك عن الإرهاب الواضح الذى يحصد أرواح أبنائنا من ضباط وجنود الجيش والشرطة كل يوم، فى محاولة لتعطيل مسيرتنا، مدعوما بقوى خارجية عملاقة تحاول كسر الإرادة المصرية. لذا فإن واجب اللحظة يحدد علينا رسم خطوط واضحة وفاصلة بين أبناء ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو وبين ثلة من أبناء الطابور الخامس الذين يقفون بالمرصاد ليس لثورة ٢٥ يناير أو ٣٠ يونيو، فى محاولة لتشويه الأولى باعتبارها مؤامرة ليس إلا، غير مفرقين بين مفهوم ثورة شعبية لم يتوفر لها ظرف ذاتى ناضج فجرى اختطافها، وبين مفهوم المؤامرة، والثانية باعتبارها انقلابا على الشرعية، غير مفرقين بين ثورة مكتملة، ضد قوى سياسية ذات تكوين خاص، حماها الجيش، وبين مفهوم الانقلابات العسكرية.
لقد بات لزاما علينا أن نجرى حوارا موضوعيا، بيننا وبين الأجيال الشابة، تتحدد فيه المصطلحات، والمسميات، سعيا نحو وحدة موضوعية، بين أطياف ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو باعتبارهما مسارا لثورة واحدة، أنجزها شعب عظيم وحماها جيش وطنى قوى، فهل نحن فاعلون؟!.