من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: الجنة في نفوسنا
نُشرعلى موقع البوابة نيوز يوم الأحد 03/مايو/2015
النفس أمّارة بالسوء، وأيضا حاضّة على الخير، كيفما تروضها تعطيك وكيفما تدربها تمنحك، أنت كما تريد لنفسك. يمنحك الخالق كل شيء جميل، إذا أردت أنت ذلك، أنا عند حسن ظن عبدى بى، إن كان خيرًا فخير، وإن كان شرًا فشر، وما بكم من نعمة فمن الله وبما بكم من نقمة فمن أنفسكم.
لأن الله لا يأتى إلا بالخير، ولا يمنح إلا الحب والرحمة، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. يومًا قال لأصحابه: يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة، فلما دخل وجلس بينهم وجدوه رجلًا عاديًا، فقرروا متابعته عندما يهم بالانصراف، لعلهم يعرفون ما يفعله، ومن أجله سيفوز بالجنة، فوجدوه يصلى الفروض ويؤدى عمله، ثم يذهب إلى بيته لينام، فجاءوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وقالوا له: يا رسول الله، إنه لا يفعل شيئًا مميزًا يصلى الفروض ويؤدى عمله فى الأسواق، ثم يذهب لينام، فقال لهم النبى الحبيب: ينام وليس فى قلبه ذرة كره لأحد. الحب إذن هو الطريق الوحيد إلى الجنة، بل هو الجنة، بل هو الله نفسه، فالله محبة، فعندما تملأ قلبك بالحب، حتى لمن يكرهونك فأنت تعيش فى الجنة، جنتك أنت التى رسمها الله لك على الأرض حيث الرضا والسلام والطمأنينة، والحب.
لقد كان النبى صلوات ربى وسلامه عليه، رجل من أهل الجنة يمشى بين الناس، التواضع صفة من صفاته، فعندما جلس رجل يرتعش فى حضرته، تهيبًا لمجلسه بين يدى الحبيب، قال له نبى الرحمة قولته المشهورة: هون عليك يا أخى فأنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة.
وعندما استجار به من أمر بقتلهم، ولو تعلقوا بأستار الكعبة، عند فتح مكة، أجارهم وعفا عنهم، وعندما سأله أهل مكة، بعد الفتح، ماذا أنت فاعل يا محمد، قال لهم: ماذا تظنون أنى فاعل بكم، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. العفو والرحمة، إذن، من صفات أهل الجنة.
وفى حديث المبشرين بالجنة، تجد العادل عمر بن الخطاب، والكريم عثمان بن عفان، والرحيم أبا بكر الصديق، والشجاع فى الحق على بن أبى طالب، وهكذا تكون صفات أهل الجنة. فجنة الإنسان توجد فى نفسه، وصفاته هى من تحددها، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى جائزة لا يتم التحصل عليها نتيجة الأعمال الطيبة فى الدنيا فقط، بقدر ما يتم التحصل عليها برحمة الله، هكذا يقول سيدنا أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه: والله لا آمن مكر ربى ولو إحدى قدمىّ فى الجنة. الإنسان يستطيع بالحب والتراحم والإخاء والسلام والتعاون على البر والتقوى، أن يقيم جنة الله فى الأرض، والجحيم عكس ذلك تمامًا، فالكراهية تأكل، كالنار، من يتصف بها، وكذا الحقد والغل والحسد والتجبر، كلها نار تأكل أصحابها كنار جهنم، تجعلهم يعيشون فى الجحيم فلا ينامون ولا يشعرون براحة البال، ويمشون فى الحياة على شوك يدمى أقدامهم وقلوبهم وأجسامهم. فالجنة والنار فى نفوسنا ومن نفوسنا تنبع، فأقيموا الجنة فى نفوسكم تكن لكم فى السماء.