الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: معركة القضاة لاسترداد الوطن "3- 4"

نُشر بتاريخ 11/مارس/2015 على موقع البوابة نيوز

نشر
عبد الرحيم علي

وفى 2 ديسمبر تظاهر قرابة 5 آلاف «إرهابي» أمام مقر المحكمة الدستورية العليا، فى الوقت الذى كان يفترض فيه أن تنظر المحكمة أولى جلسات الدعويين الخاصتين بعدم دستورية قانون مجلس الشورى، وعدم دستورية قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، ولم يستطع قضاة المحكمة دخولها نتيجة محاصرة أنصار مرسى لها، ما أدى إلى تأجيل الجلسة، وهو الحصار الذى استمر لمدة ثمانية عشر يومًا.
وفى 4 ديسمبر، قرر نادى قضاة مجلس الدولة خلال مؤتمر صحفى عدم الإشراف على الاستفتاء على الدستور، ورأى القضاة أن الإعلان الدستورى يسلب كل شيء، وأنهم رُوِّعوا مما تم ضد المحكمة الدستورية، وتم الاتفاق على ندب مستشارى وأعضاء هيئة قضايا الدولة، للإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد المقرر إجراؤه فى 15 ديسمبر.
وفى 10 ديسمبر وافق نادى قضاة مجلس الدولة على الإشراف على استفتاء الدستور فى بيان له ولكن بشروط تضمنت:
إنهاء حالات الحصار الذى يمارسه أعضاء بعض الجماعات الإرهابية ضد مؤسسات الدولة، ومقر المحكمة الدستورية العليا وتمكينها من مباشرة أعمالها دون إرهاب، تحقيقًا لاستقلال القضاء، كشرط أساسى للإشراف على الاستفتاء، وأهمية إعلان ذلك لجموع الشعب المصري.
مطالبة رجال الشرطة بتأمين اللجنة العليا للاستفتاء، ومنع الدعاية أمام اللجان، وقيام الدولة بتأمين وحماية القضاة من أى اعتداء.
حق القضاة فى الانسحاب من العملية الانتخابية، إذا تعرضوا لما يمس كرامتهم، فغير مقبول أن يتعامل أحد مع القاضي، بشكل يسيء إليه، سواء صدر ذلك التصرف عن مواطن أو شرطى أو أى شخص.
وفى اليوم التالى اجتمع نادى قضاة مصر وأكد استمرار القضاة فى تعليق العمل بالجلسات ورفض الإشراف على الاستفتاء على الدستور والمطالبة بإلغاء الإعلانين الدستوريين نهائيًا، وأعلن نادى مستشارى هيئة قضايا الدولة أن مشاركة قضاته فى الاستفتاء على الدستور مشروطة بعدة إجراءات، منها: فض الحصار المفروض على المحكمة الدستورية العليا، وكذا الحصار على مدينة الإنتاج الإعلامي، والحفاظ على هيبة القضاء وحرية الرأى والتعبير وتهيئة الأجواء الأمنية المناسبة لإجراء الاستفتاء فى إطار من المشروعية.
وفى 13 ديسمبر 2012 صرح نادى قضاة مجلس الدولة، بأن الجهات المعنية فى الدولة وفى مقدمتها مؤسسة الرئاسة، ستلبى الشروط الخمسة التى وضعها النادى للإشراف القضائى على الاستفتاء على مشروع الدستور المقترح والتى تضمن:
وقف الاقتتال وإراقة الدماء بين المصريين.
تأمين سير عملية الاستفتاء، ولجان الاقتراع.
منع الترويج لأى موقف يتعلق بالدستور أمام اللجان.
وضع وثيقة تأمين للقضاة المشرفين على الاستفتاء.
إنهاء حصار المحكمة الدستورية.
وأكد النادى على حق جميع قضاة مجلس الدولة فى الانسحاب من لجانهم وغلقها فور تعرضهم لأى أذى أو إهانة لكرامتهم أو أدنى إخلال بإجراءات الاستفتاء أو أى تقاعس من القائمين على تأمين اللجان عن الانصياع لقراراتهم الضابطة لعملية الاستفتاء.
وبالفعل بدأت المرحلة الأولى من الاستفتاء فى موعده المقرر منتصف ديسمبر، ولكن تراجعت الرئاسة عن وعودها وهو ما دفع نادى قضاة مجلس الدولة لعقد اجتماع طارئ قرر فيه عدم المشاركة فى الإشراف على المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور الجديد، وذلك لعدم تحقيق عدد من الشروط التى وضعها النادى قبل إجراء المرحلة الأولى، والتى من بينها فك حصار المحكمة الدستورية العليا، وأكد مجلس إدارة نادى مستشارى هيئة قضايا الدولة أن الإشراف على استفتاء الدستور فى مرحلته الثانية، متروك لرغبة كل عضو من مستشارى الهيئة وفقًا لقناعته.
أزمة النائب العام الإخواني:
فى 17 ديسمبر 2012 اعتصم المئات من أعضاء النيابة العامة أمام مكتب النائب العام السابق المستشار طلعت عبدالله، ورفضوا فض اعتصامهم قبل استقالته، وفى النهاية رضخ لمطالبهم وقدم استقالته مكتوبة إلى مجلس القضاء الأعلى ليلة الـ 17 من ديسمبر، ولكنه عاد وتقدم بطلب لسحبها يوم 20 ديسمبر، وأعلن النائب العام أن سبب عدوله عن الاستقالة هو أنها جاءت فى ظروف غير عادية، و«لا إكراه للنائب العام، ولا أقبل أن يكتب فى تاريخ مصر أن مجموعة من أعضاء النيابة العامة نجحت فى إجبار النائب العام على تقديم استقالته، حتى لا يكون ذلك سُنة متبعة مع نائب عام آخر يأتى من بعدى أثناء تقلده للمنصب»، وردًا على عدول النائب العام عن استقالته هدد أعضاء النيابة العامة على مستوى الجمهورية بالدخول فى اعتصام مفتوح أمام مكتب النائب العام، أينما كان، بدار القضاء العالى أو التجمع الخامس.
محاولة اغتيال المستشار الزند:
وفى 24 ديسمبر 2012 تعرض المستشار الزند لاعتداء أثناء خروجه من مقر نادى القضاة من جانب عشرة أفراد، ما أسفر عن إصابته بكدمات فى وجهه نقل على أثرها إلى المستشفى حيث تلقى العلاج، فيما تمكن القضاة وأعضاء النيابة العامة من إلقاء القبض على ثلاثة منهم. وفى أول تعليق له على الحادث أكد المستشار الزند، أن الاعتداء عليه هو فى حقيقة الأمر اعتداء موجه إلى رمز من رموز السلطة القضائية، مضيفا أن ما حدث يعد انتهاكا لقدسية العدالة، واحترام القضاء، وطالب أجهزة الدولة بالتحقيق فى الحادث لبيان من وراء ارتكاب الواقعة التى أحزنت جموع القضاة.
وفى 30 ديسمبر لم يتمكن مستشارو المحكمة الدستورية العليا من الحضور إلى مقر المحكمة لنظر الحكم فى قضيتى عدم دستورية قانون مجلس الشورى وطريقة اختيار الجمعية التأسيسية، بسبب الحصار الذى فرضه آلاف المتظاهرين، من المنتمين إلى جماعة الإخوان الإرهابية، على مقر المحكمة.
وقد أرجأت المحكمة النظر فى الدعويين، إلا أنه لم يحدد سبب التأجيل، أو موعد جديد لانعقاد المحكمة، واحتشد ما يقرب من خمسة آلاف شخص أمام مقر المحكمة الدستورية بالمعادي، ورددوا هتافات مناوئة للمحكمة، كما اتهموا قضاتها بالسعى لـ«هدم مؤسسات الدولة المنتخبة»، وأقام المتظاهرون منصة أمام بوابتى الدخول للمحكمة، كما قاموا بوضع مكبرات صوت عليها، رددوا من خلالها الهتافات المناوئة للمحكمة وقضاتها، ورفعوا لافتات وشعارات تؤيد الإعلان الدستوري، وفى مؤتمر صحفى أكد المستشار ماهر البحيري، رئيس المحكمة أنها تنظر الدعاوى بحسب القانون والدستور، ولا تتدخل فى أى أعمال سياسية، وأنها ستنظر دعاوى بطلان التأسيسية ومجلس الشورى، فى موعدهما دون تأجيل.
فى 27 مارس 2013 أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها الذى يقضى بانعدام قرار مرسى بإقالة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، وتعيين طلعت عبدالله بدلا منه، ما يعنى أن قرار رئيس الجمهورية بإقالة عبدالمجيد محمود باطل، لأنه طبقًا للقانون، فإن النائب العام بموجب الحصانة القضائية المقررة له قانونًا، ولرجال القضاء والنيابة العامة، يستمر بمنصبه إلى أن يتقاعد ببلوغه السن القانونية، ولا يجوز نقله للعمل بالقضاء أثناء مدة خدمته إلا بناء على طلبه، ولفتت المحكمة فى حيثياتها، إلى أن المستشار عبدالمجيد محمود شغل منصب النائب العام منذ عام 2006 ولم يقدم طلبًا بإبداء رغبته فى العودة للعمل بالقضاء حتى صدور القرار الجمهورى بتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبًا عامًا بدلًا منه، حيث استند القرار الجمهورى إلى الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2012، بشأن طريق تعيين النائب العام وتحديد مدة ولايته. وانتهت فى حيثيات حكمها إلى أنها استجابت لطلبات المستشار عبدالمجيد محمود بإلغاء قرار تعيين النائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودة المستشار عبدالمجيد محمود لعمله كنائب عام.