من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: حان وقت الحساب
نُشربتاريخ 09/سبتمبر/2015 على موقع البوابة نيوز
فى فيلمه الشهير طيور الظلام لفت الكاتب الكبير الأستاذ وحيد حامد النظر مبكرا إلى ظاهرة ارتباط الإرهاب بالفساد، فهما وجهان لعملة واحدة، كل يعتمد على الآخر ويمهد له الأرضية للنمو والتطور، كلاهما مراوغ يملك أدوات الإفلات من العقاب دائما، الأمر الذى يجعله يتمدد ويكبر فى غفلة تامة من عملية الربط بينهما.
ومع الوقت اكتشفنا أيضا أنه لا يمكن مواجهة أحد وجهى العملة التى تتسبب فى انهيار الأوطان بمعزل عن الوجه الآخر، فكلاهما يفضى لبعضهما البعض.
ولأول مرة فى التاريخ الحديث يأتى رجل على رأس السلطة فى مصر ويربط بين الظاهرتين، ليس فقط فيما يتعلق بأدوات وسبل المواجهة، ولكن أيضا فى توقيت المواجهة، فلا يتعلل، كالآخرين، بمواجهة إحداها وتأجيل الأخرى مخافة تحالف المنتفعين من الظاهرتين ومن يدعمونهما فى الداخل والخارج فى مواجهته. شجاعة واضحة وإرادة سياسية من حديد وتوكل على الله بات معروفا للقاصى والداني، فماذا بقي؟!.
لقد أعطى الرئيس السيسى المثل والقدوة، وواجه فى يوم واحد الإرهاب فى سيناء عبر إطلاق عملية «حق الشهيد»، وواجه الفساد فى نفس اللحظة عبر القبض على موظف عام بدرجة وزير، وهو أعلى درجة فى السلم الإدارى للدولة، بتهم تتعلق بالفساد، لقد أطلق الرئيس عملية «حق الفقير» فى مواجهة الفساد، كما أطلق عملية «حق الشهيد» فى مواجهة خلايا الإرهاب المنتشرة فى سيناء.
صحيح أن لكل ظاهرة أدواتها فى المواجهة لكن العملة واحدة، والمنهج واحد، الضرب بيد من حديد على يد كل من يحاول قتل المصريين سواء معنويا عبر تفقيرهم وإذلالهم باستخدام أدوات الفساد والاستيلاء على المال العام وتسهيل إثراء البعض من رجال الأعمال على حساب حقوق المواطنين الفقراء والغلابة، أو ماديا عبر استخدام أدوات الإرهاب وتوجيهها إلى صدور أبنائنا من جنود الجيش والشرطة.
معركة لا تقل أهمية عن معارك استرداد الأرض فى أكتوبر، ومعارك الكرامة فى حرب الاستنزاف، وثورة لا تقل أهمية عن ثورتى يناير و٣٠ يونيو.
وإذا كانت الحربان؛ حرب استرداد الأرض، ومن قبلها استرداد الكرامة، والثورتان اللتان أكملت إحداهما مهام الأخرى فى تناغم شعبى لم نشهد له مثيلا، قد نالتا شرف مشاركة الملايين من أبناء الشعب المصرى جنبا إلى جنب، مع إخوتهم من رجال القوات المسلحة، فإن هذه المعركة/ الثورة لفى حاجة ماسة إلى مشاركتنا ودعمنا جميعا بالمعلومة والموقف، وتقديم الدعم سواء للواقفين فوق الرمال الساخنة يواجهون غربان داعش والقاعدة ووكلاء الشيطان من كوادر أنصار بيت المقدس المدعومين من حركة حماس، أو هؤلاء الذين يصلون الليل بالنهار يدرسون الملفات الغامضة والثروات المشبوهة والعلاقات العنكبوتية بين رجال المال ورجال السياسة، فى محاولة لكشف الألغاز ووضع النقاط فوق الحروف واكتشاف الجرائم الكبرى التى ترتكب فى حق مصر والمصريين، عبر العلاقة الحرام بين المال والسياسة.
نعلم أنها مهمة تنوء بحملها الجبال، لكننا نوقن أن من يتصدون لها هم أبناء أجهزة تربت على عشق تراب هذا الوطن، جلهم من الطبقة الوسطى التى ذاق بعضها مرارة الحاجة يوما ما أو تذوقها أحد أقربائه من جراء فساد البعض وانعدام ضمائرهم، هم يعرفونهم جيدا يشمون رائحتهم كل يوم، يدركون وسائلهم فى التخفى والمراوغة، ولكنها مسألة وقت وسرعان ما سوف يتساقط الفاسدون، كما يتساقط غربان الإرهاب، فقد حان وقت الحساب!.