من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: جحيم السلفيين
نُشربتاريخ 06/سبتمبر/2015 على موقع البوابة نيوز
هل رأيتموه من قبل أو سمعتم عنه طوال السنوات التى تلت ثورة الخامس والعشرين من يناير، أم تحتاجون من يذكركم به.
لقد جعلنا ذلك الجحيم نصرخ فى يوم من الأيام مخاطبين حزب النور وقادته «لسنا كفار قريش ولستم أصحاب النبي».
وفى الحقيقة فإن التيار السلفى عمومًا وكوادر وقيادات حزب النور وسلفية الإسكندرية على وجه الخصوص، لم يعترفوا يومًا بشرعية العمل السياسى قبل ثورة 25 يناير 2011، فقد كانوا يرون أن الديمقراطية كفر، وأن ما يستند إليه السياسيون فى العمل السياسى من نظم حكم بعيد كل البعد عن الشريعة الرسلامية فى وجهها الصحيح.
وما إن اندلعت ثورة 25 يناير 2011، حتى انبرى السلفيون يصفونها بهبشات الأسواق، أى مشاجرات الأفراح، حيث لا يعرف أحد من قتل ومن لم يقتل، وتتوه الحقوق.
لم يعترف السلفيون أبدًا بالثورة ولم يشاركوا فيها خوفا من بطش نظام مبارك إذا ما فشل الثوار فى الإطاحة به.
ولكن سرعان ما اندفعت «سلفية الإسكندرية» إلى المشاركة السياسية بعد نجاح الثورة فى الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وقاموا بتأسيس «حزب النور».
وخطا الحزب بخطوات واسعة، فكان ضمن أسرع الأحزاب من حيث إجراءات التأسيس، بعد الثورة، إذ لم يسبقه فى الحصول على التوكيلات المطلوبة فى كل المحافظات، ثم موافقة لجنة شئون الأحزاب، إلا حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الارهابية.
غزوة الصناديق
قبل الاستفتاء على تعديلات الدستور فى 19 مارس 2011 كان هناك استقطاب حاد فى الشارع المصرى حول تلك التعديلات، قام الإخوان والسلفيون بتحويله إلى معركة دينية، واختيار ما بين الجنة والنار.
وعقب ظهور النتيجة لصالح «نعم» قام الداعية السلفى محمد حسين يعقوب بوصف الاستفتاء على التعديلات الدستورية بأنه «غزوة الصناديق»، مؤكداً ما سماه «انتصار الدين» فيها.
وقال يعقوب فى مقطع فيديو نشره موقعه الرسمى فى كلمة ألقاها بمسجد «الهدى» بإمبابة: «كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم نقول بيننا وبينكم الصناديق، وقد قالت الصناديق للدين (نعم)»، داعياً الحضور إلى ترديد تكبيرات العيد احتفالاً بموافقة 77% من الناخبين على التعديلات.
وقال يعقوب: «الدين هيدخل فى كل حاجة، مش دى الديمقراطية بتاعتكم، الشعب قال نعم للدين، واللى يقول البلد ما نعرفش نعيش فيه أنت حر، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا».
واعتبر الداعية السلفى أن «القضية ليست قضية دستور»، موضحاً «انقسم الناس إلى فسطاطين، فسطاط دين فيه كل أهل الدين والمشايخ، كل أهل الدين بلا استثناء كانوا بيقولوا نعم، الإخوان والتبليغ والجمعية الشرعية وأنصار السنة والسلفيين، وقصادهم من الناحية التانية (ناس تانية)»، وقال: «شكلك وحش لو ما كنتش فى الناحية اللى فيها المشايخ».
وأكد يعقوب أنه لا يطمح للقيام بدور سياسى قائلاً: «إحنا مش سياسيين ولا عايزين منها حاجة، ووعد أقطعه أمام الله لن أنضم لحزب ولا أترشح لأى حاجة فى الدنيا»، واختتم كلمته قائلاً للمصلين من أنصاره: «ما تخافوش خلاص البلد بلدنا».
نعم قالها السلفيون يومها: اللى مش عاجبه ياخد شنطته ويتكل على الله، أرض الله واسعة، حاولوا طردنا من وطننا لمجرد أنهم فازوا بجولة فى المعركة، وعندما استشعروا يوما بتحركات للقوى المدنية لوضع ما سمى وقتها «مبادئ فوق دستورية لحماية الدولة المدنية فى مصر من عبث السلفيين والإخوان»، الذى ظهر لاحقًا وتصدى له الشعب المصرى عن بكرة أبيه فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، خرجوا يرهبوننا فى جمعة قندهار الشهيرة
مليونية قندهار
فى التاسع والعشرين من يوليو ٢٠١١ تم الاتفاق بين الإخوان المسلمين على الحشد لمليونية تحت عنوان «جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف» وشاركهم فى الحشد «حزب النور».
تعددت المنصات فى هذا اليوم «5 منصات على الأقل» كان أكبرها من حيث الحجم منصة «الإخوان المسلمين» مع حضور طاغ للإسلاميين أغلبهم من التيار السلفى، والذى قام بحشد أنصاره من كافة محافظات الجمهورية بدعوات مثبتة وموثقة بتنظيمهم لرحلات إلى التحرير تحت رعاية «حزب النور» والعديد من مشايخ السلفية، وعلى رأسهم الشيخ حسان، والتف أغلبهم حول منصة «الحزب» الممثل الرسمى للسلفيين آنذاك.
وارتفع علم القاعدة فى ذلك اليوم لأول مرة على الأرض المصرية، وهتف المتظاهرون «صور صور يا أوباما كلنا هنا أسامة» فى إشارة إلى أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة.
وفى محاولة لتحييد القوات المسلحة وإبعادها عن الصراع، بشكل مؤقت، هتف المتظاهرون للمشير طنطاوى «يا مشير يا مشير.. ألف تحية من التحرير».
السلفيون والأذان فى البرلمان
ولم ننس بالطبع واقعة الأذان فى البرلمان، ففى سابقة هى الأولى من نوعها داخل جلسات مجلس الشعب، رفع المحامى ممدوح إسماعيل، عضو مجلس الشعب المصرى عن التيار السلفى، أذان العصر داخل وأثناء سير الجلسة، وسط دهشة من الجميع، بمن فيهم أعضاء الإخوان أنفسهم.
ولم تقف نوادر السلفيين عند هذا الحد، فقد رفض خمسة من أعضاء الجمعية التأسيسية الأولى لكتابة الدستور، ينتمون لحزب النور، الوقوف تحية خلال عزف موسيقى السلام الوطنى احتفالا بانتهاء أعمال اللجنة، كان من بين هؤلاء نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ياسر برهامي، ورئيس الحزب حاليا يونس مخيون، وأمين سر اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل محمد إبراهيم منصور، والمتحدث الرسمى باسم الهيئة البرلمانية للحزب أحمد خليل.
الموقف من الأقباط
فى ديسمبر ٢٠١١ قال ياسر برهامى، الأب الروحى لحزب النور، وصاحب اليد الطولى فى الدعوة السلفية بالإسكندرية، إنه لا يجوز للمسيحى الترشح للانتخابات البرلمانية لأنها سلطة تشريعية ورقابية، ولأن هذا سيمكنه من عزل رئيس الدولة ومحاسبة الحكومة، مشددًا على أنه «لا يحل للكافر أن يتولاها»، فى إشارة للمسيحيين.
وعن المرأة حدث ولا حرج فقد رفضوا ليس فقط ترشحها بل خروجها من المنزل بالأساس، حتى جعلونا فى مناظرة مشهورة بتليفزيون أوربت نقول لهم: لقد حررتكم المرأة عندما خرجت فى ٢٥ يناير من قمع وبطش مبارك وجعلتكم تكونون أحزابا وتصعدون للمنابر وتجوبون الفضائيات ليل نهار، أفبعد ذلك تكون مكافأتها الجلوس فى المنزل؟!
هذا هو جحيم السلفيين الذين يحاولون عبر التقية أن يرجعوكم إليه، فيعترفون باللسان بحق المرأة فى الترشح بل ويرشحون نساءً على قوائمهم، وحق القبطى ويجلبون أقباطًا للترشح على قوائمهم، فهذا فقه الضعف وتلك هى الضرورات التى تبيح المحظورات فى فقههم وفهمهم المغلوط للدين، إنهم يلتفون عليكم ليغدروا بكم وبمكتسباتكم، فلا تمكنوهم، وإذا لقيتموهم فى لجان الانتخابات فلا تصوتوا لهم فهم أذى لكم ولوطنكم.