من أرشيف عبد الرحيم علي
الملفات السرية للإخوان.. الحلقة الثالثة «اغتيال النقراشي باشا»
نشر بتاريخ 29 ديسمبر 2013 بموقع "المركز العربي للدراسات والبحوث"
التنظيم رأى أن عبد المجيد خائن لاعترافه على أسماء شركائه
التنظيم سلم المتهم الثانى سلاحاً ليدافع به عن نفسه عند محاولة القبض عليه
الاتصال بين التنظيم ومنفذ العملية كان يتم من هاتف مقهى مقابل للوزارة
المتهم قام بتفصيل بدلة الظابط قبل العملية بـ10 أيام
اثنين من مخططى العملية كانا يعملان بمطار ألماظة
ونمضي في ملاحظات النائب العام المستشار محمود منصور المحررة في الحادي عشر من يوليو عام 1949، والتي يبدأها بملاحظاته على اعترافات المتهم الأول، حيث تورد المذكرة:
أولا : اعترف المتهم الأول عبدالمجيد أحمد حسن بقتل المغفور له دولة محمود فهمي النقراشي باشا، وقرر أنه كان عضوا في خلية سرية من جماعة الأخوان المسلمين وأنه في يوم السبت الأسبق على تاريخ حادث قتل دولة القنراشي باشا (أي يوم 18 ديسمبر سنة 1948)، حضر إليه المتهم الثاني محمد مالك يوسف وهو رئيس خليته في منزله حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا، وطلب منه أن يذهب لمقابلة أحمد فؤاد في منزله بالعباسية فتوجه إليه وجلس معه في غرفة في فناء هذا المنزل حيث سلمه أحمد فؤاد ستة جنيهات، وكلفه بشراء ثلاثة أمتار من قماش أسود ليصنع منه سترة كاملة لضابط بوليس كما سلمه جنيهين لشراء الأزرار والنجوم والحذاء، وأبلغه بأن الاختيار قد وقع عليه لقتل النقراشي باشا وكلفه بأن يقابل المتهم الثالث عاطف عطيه حلمى في محل استرا بميدان الخديوي إسماعيل، وبأن يبحث عن مقهى قريب من زارة الداخلية وأن يتحقق من رقم تليفونه، فذهب إلى قهوة الإعلام الواقعة عند تقاطع شارعي السلطان حسين وعماد الدين وبها تليفون رقمه 49066 ومنها إلى محل نجار، بميدان الأوبرا، فاشترى منه ثلاثة أمتار من قماش أسود بسعر المتر 210 قرشا (وقد وجد مثبتاً بدفتر ذلك المحل بيع هذا القماش بمقاسه في تاريخ 18 ديسمبر سنة 1948) ثم اشترى الأزرار والنجوم وذهب إلى محل استرا بميدان الخديوي إسماعيل حيث تقابل مع المتهم الثالث عاطف عطيه ثم ذهبا معا إلى دكان (تبين عند الإرشاد أنه دكان المتهم الرابع كمال سيد سيد القزاز) وانتظر عبدالمجيد في الخارج ودخل عاطف هذا الدكان، ثم خرج منه وواصل سيره مع عبدالمجيد حتى وصلا إلى دكان مجاور لدكان الترزي عبدالعزيز احمد البقلى المتهم الخامس وحضر هذا إلى الدكان المجاور حيث أخذ مقاسه كما أجرى له البروفة في دكانه في مساء اليوم نفسه، ثم قابله في اليوم التالي (يوم الاحد 19 نوفمبر سنة 1948) أمام سينما إيزيس حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، وذهبا معا إلى منزل الترزي حيث أجرى له بروفة ثانية، كما اشترى عبدالمجيد أحمد حسن في هذا اليوم حذاء أسود اللون سلمه للمتهم الثالث عاطف عطيه حلمي وتقابل في المساء مع الضابط أحمد فؤاد بناء على اتفاق سابق أمام دار الحكمة في شارع قصر العيني ثم ذهبا معا إلى منزل عاطف عطيه وهناك وافاهم المتهم السادس السيد سابق محمد التهامي، وقدمه إليه عاطف عطيه فتلا عليه السيد سابق بعض الآيات والأدعية مبررا له ارتكاب الجريمة وأوصاه بتلاوة دعاء خاص في طريقه إلى ارتكاب الحادث.
وفي صبيحة يوم الاثنين 20 ديسمبر سنة 1948 ذهب إلى منزل في شبرا عينوه له حيث وجد الحذاء والسترة فلبسهما في حضور أحمد فؤاد ثم ذهب إلى قهوة الإعلام، وطلبه أحمد فؤاد فيها تليفونيا باسم حسنى وذلك على سبيل التجربة، وفي يوم الأحد التالي 26 ديسمبر سنة 1948 ذهب ثانية إلى ذلك المنزل بشبرا حيث سلمه أحمد فؤاد المسدس ورسم له بهو وزارة الداخلية وحدد له مكان وقوفه فيه، ثم لبس السترة العسكرية وذهب إلى قهوة الإعلام على سبيل التجربة مرة أخرى.
– وفي يوم الحادث ذهب مرة ثالثة إلى ذلك المنزل حاملا المسدس واستبدل فيه بملابسه السترة العسكرية وذهب إلى قهوة الإعلام حيث تلقى إخطارا تليفونيا باقتراب موعد وصول المجنى عليه فقصد من فوره إلى وزارة الداخلية ودخل إلى البهو بالطابق الأرضي متوسلا بتلك السترة وانتظر فهي حتى قدم المجني عليه وسار في طريقه إلى المصعد فأطلق المتهم عليه من اليسار ومن الخلف رصاصتين وسقط بعد ذلك على الأرض وانطلقت من المسدس رصاصة ثالثة.
المتهم يتعرف على شركائه:
وقد تعرف المتهم الأول على المتهمين الثاني والثالث والسادس وهم محمد مالك يوسف وعاطف عطيه حلمى والسيد سابق محمد التهامي عند عرضهم عليه بين آخرين وأرشد عن منازل المتهمين محمد مالك يوسف وعاطف عطيه حلمي وعبدالعزيز احمد البقلى كما أرشد عن منزل احمد فؤاد عبدالوهاب ووصفها جميعا ووصف محتوياتها من الداخل وصفاً دقيقاً تبينت من المعاينة صحته كما ارشد عن مسكن بالطابق الأول من المنزل رقم 25 شارع على يونس بشبرا وهو المنزل الذي كان يستبدل فيه بملابسه والذي تبين انه مملوك للشاهد العاشر محمد احمد دياب.
ثانيا: تبين ان أحمد فؤاد الذي قصده المتهم الأول في اقواله هو الملازم اول احمد فؤاد عبدالوهاب ضابط البوليس ببندر بنها وقد كان ملحقا ببوليس ادارة الجوازات بمطار الماظه في تاريخ الحادث ونقل بعد ذلك إلى بندر بنها ثم قبض عليه بعد اعتراف المتهم الأول عليه ولكنه تمكن من الهروب من الضابط المعين لحراسته فتعقبته قوة من رجال البوليس إلى المزارع وتبادلت معه إطلاق النار فأصيب برصاصة وتوفى على الأثر.
ثالثا: تبين عند البحث عن المتهم الثاني محمد مالك يوسف في ليلة 23 مارس سنة 1949 بعد اعتراف المتهم الأول عليه انه كان يعمل في نوبته بمطار الماظه حتى الساعة الثامنة من مساء يوم 22 مارس سنة 1949 ولكنه اختفى عقب ذلك وشاهده أحد رجال البوليس الملكي حوالي ظهر يوم 23 مارس سنة 1949 وهو يلجأ إلى منزل قريبتين له ولما حاول ضبطه ضربه بمقعد وفر هارباً وقد ضبط بعد ذلك بمدينة الاسكندرية في يوم 14 مايو سنة 1949 واستجوب في التهمة المسندة اليه فنفى في بادئ الأمر معرفته بالمتهم الأول عبد المجيد احمد حسن ثم قرر بعد أن تعرف هذا عليه أنه يعرفه حقيقة كما يعرف الضابط أحمد فؤاد عبدالوهاب، وأن هذا الأخير كلفه قبل حادث قتل المرحوم النقراشي باشا أن يمر على عبد المجيد في منزله وأن يطلب منه الذهاب لمقابلة أحمد فؤاد في منزله – وقد زعم انه لم يكن يدري الغرض من هذه المقابلة – كما ذكر ان احمد فؤاد كان قد طلب منه قبل ذلك ان يدرب عبدالمجيد على قيادة السيارات. ثم عاد وقرر في رواية أخرى أنه تعرف إلى كل من المتهم الاول عبدالمجيد احمد حسن والضابط احمد فؤاد عبدالوهاب في نادي جمعية الشبان المسلمين وعرف أولهما باسم حسنى والثاني باسم فريد، وأنه قبل حادث قتل المرحوم النقراشي باشا بنحو عشرة أيام او اسبوعين قابله ثانيهما في قهوة البسفور وطلب منه ان يبلغ الاول عند رؤيته له في نادي الشبان المسلمين انه يريد مقابلته فأبلغه ذلك – ثم علم بحادث القتل ورأى صورة القاتل في الصحف وبعد ذلك بنحو أسبوع دعاه أحمد فؤاد عبدالوهاب لمقابلته في قهوة البسفور فلما قابله نصحه بأن ينفي صلته بالقاتل – ولما فتش منزله في مساء يوم 22 مارس سنة 1949 وعلم ان البوليس يجد في القبض عليه سلمه فؤاد أحمد الصادق (الذي كان أحمد فؤاد قد عرفه به) مسدساً ليدافع به عن نفسه عند محاولة القبض عليه كما عمل هو وغيره من جماعة الأخوان المسلمين على إخفائه في منازل متعددة بمدينتي القاهرة والاسكندرية وفهم منهم أنهم يؤلفون جمعية سرية وأنهم اعتزموا ألا يسلموه إلى البوليس حيا.
دور محمد مالك والد حسن مالك في القضية:
رابعا : قرر مصطفى كمال عبدالمجيد (المتهم في قضية الجناية رقم 41 سنة 1949 مصر القديمة بإلقاء قنابل على سيارة سعادة رئيس مجلس النواب) في تحقيق قضية الجناية العسكرية رقم 227 سنة 1948 الوايلي أنه اجتمع مع المتهم محمد مالك يوسف في أحد المنازل التي كان يختفي بها ودار بينهما حديث قال فيه محمد مالك ان عبدالمجيد احمد حسن قد خانه وخان الأخوان بالافصاح اسماء شركائه في الجريمة عن وقد اعترف محمد مالك بحصول هذا الحديث وقرر أنه قصد بالخيانة التي أسندها لعبدالمجيد أنه اتهمه كذبا بالاشتراك في حادث القتل.
خامسا: نفى المتهم الثالث عاطف عطيه حلمى بادئ الأمر صلته بالمتهم الأول عبدالمجيد أحمد حسن ولكنه عدل عن ذلك بعد ان تعرف عليه هذا المتهم في عملية العرض وقرر أنه يعرفه من قبل إذ كان من شهود مشادة وقعت بينه وبين آخر وهو يستمع إلى محاضرة في دار المركز العام للإخوان المسلمين في سنة 1945، وأنه قابله مصادفة قبل الحادث بنحو أسبوعين في ميدان الخديوي اسماعيل على مقربة من محل استرا ثم رافقه إلى منزله ودار بينهما حديث طويل فهم منه أن الإخوان المسلمين اعتزموا قتل النقراشي باشا فلم يوافقه على ذلك.
سادسا : اعترف الدكتور السيد بهجت الجيار – في تحقيق خاص بمعاونة المتهم الثاني محمد مالك يوسف على الفرار – بأنه هرب هذا المتهم في سيارة من القاهرة إلى الاسكندرية وقرر أن المتهم الثالث عاطف عطيه حلمى كان قد اقترح عليه في شهر مايو سنة 1947 تكوين خلية طبية لمعالجة الإخوان المسلمين مما قد يصابون به بسبب تدريبهم على استعمال الأسلحة وأنه قابله أخيرا من نحو شهرين ونصح له بأن يتخذ لنفسه اسما مستعارا لأن دعوة الأخوان قد تناهض بالقوة فيتطلب الأمر الرد على هذه القوة بمثلها – وزعم الدكتور الجيار بعد ذلك أنه لا يذكر أن كان من حدثه في هذه الشئون هو عاطف عطيه أو أحد غيره.
سابعا :قرر المتهم الخامس عبدالعزيز أحمد البقلى أن المتهم الرابع كمال سيد سيد القزاز حضر له في دكانه وأخبره بأن شخصين سيحضران إليه ليصنع لاحدهما سترة عسكرية وبعد يومين حضر له المتهم الأول عبدالمجيد أحمد حسن في سيارة مع شخصين ودخل المتهم الأول مع أحدهما إلى دكانه فأخذ مقاسه ثم أجرى له بروفة في دكانه في اليوم التالي ولما اتم صنع السترة سلمها إلى زميل ذلك المتهم – وقد تعرف على المتهم الثالث عاطف عطيه حلمى عند عرضه عليه بين آخرين وقرر انه يشتبه في أن يكون هو زميل المتهم الأول الذي حضر معه إلى دكانه.
ونوقش المتهم الخامس فيما قرره عامله مصطفى عبدالمنعم المنوفى الشاهد التاسع من انه اخذ الجاكته وخرج بها من الدكان وعاد بها بعد اجراء البروفة فقرر انه خرج بالجاكته حقيقة بعد ظهر ذلك اليوم وعاد بها بعد نحو نصف ساعة وزعم أنه كان قد أخذها لرفوها ولكنه عدل عن ذلك وعاد بها إلى الدكان.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة لنقرأ ماذا قالوا شهود الإثبات في القضية المفصلية في تاريخ الإخوان.