من أرشيف عبد الرحيم علي
عبد الرحيم علي يكتب: مصر إلى أين؟
نشر بتاريخ 09/فبراير/2013 بموقع"المركز العربي للدراسات والبحوث"
من يقرأ المشهد السياسي في مصر بعد أحداث 25 يناير2013 ، لا بد أن يتوقف أمام العديد من الشواهد التي تعطي مدلولات ومؤشرات عن خطورة الموقف الذي تعيشه البلاد بسبب ممارسات الرئيس وجماعته، وقراراتهم المتخبطة في العديد من المواقف السياسية التي أدت الى شق الصف وانقسام الوطن. هذه السياسة أفرزت مناخًا ملتهبًا استقبلته ذكرى ثورة 25 يناير بدعوى من القوى الوطنية والحركات السياسية للقطاعات الجماهيرية للنزول الى الشارع في مسيرات حاشدة للتنديد بممارسات السيد الرئيس وتفعيل مطالب ثورة 25 يناير الحقيقية من “,”عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية“,”.. ونتيجة لحالة الاحتقان الجماهيري، والمناخ المتوتر، والسياسة المتخبطة، تحول الاحتفال بذكرى الثورة الى حالة ثورية يعيشها المجتمع المصري. الغريب في الأمر أن سيناريو 25 يناير2011 بكل تفصيلاته يتكرر من جديد بشكل يوحي بأننا أمام ثورة حقيقية.. فالأحداث تتصاعد بشكل سريع، وسقف المطالب يعلو، والقيادة السياسية تتعامل مع الموقف بتجاهل واستفزاز، بصورة تعيد إلينا موقف الرئيس السابق في فهم وتقدير الأحداث والبطء في سرعة اتخاذ القرار .
لقد ساهمت سياسة الرئيس وعدم احترامه القانون والدستور والقضاء وأحكامه الى احتقان الشارع وتصاعد أعمال العنف بالصورة التي نشاهدها اليوم. فمنذ تولي الرئيس الحكم والشعب يشعر بأنه يعمل لمصلحة جماعة الإخوان وليس لمصلحة الوطن، وأن جميع قراراته تنصبّ لتنفيذ أجندة إخوانية وليس لخدمة مصر وشعب مصر. الأمر الذي دفع بهم للتعامل معه على أنه ليس رئيسًا لكل المصريين بل رئيس لأهله وعشيرته من جماعة الإخوان المسلمين. وفي ذكرى الثورة ومع تصاعد الأحداث والبطء في اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، ارتفع سقف المطالب لإسقاط النظام رافعين شعار “,”الشعب يريد إسقاط النظام “,”.
واكب الاحتفال بذكرى 25 يناير.. موعد الحكم في قضية “,”مذبحة بورسعيد“,” يوم السبت 26 يناير.. وذكرى جمعة الغضب يوم الأحد 28 يناير، وهو ما أدى الى تصاعد حدة الغضب لدى الجماهير المحتشدة في ميادين مصر بكافة المحافظات. حيث قام شباب الأولتراس الأهلاوي ببعض أعمال الشغب المحدودة في العديد من الأماكن الحيوية والتي تعطي مؤشرًا لرد الفعل المتوقع في حالة صدور أحكام لا تمثل القصاص من وجهة نظرهم .
هذا المناخ المحيط بذكرى الاحتفال بثورة 25 يناير أدى الى توتر بالشارع المصري والدفع بالجماهير للصدام مع الأجهزة الأمنية في بعض المحافظات، كان من نتيجتها سقوط “,”9 قتلى“,” بمحافظة السويس.. ووقوع أعمال شغب عنيفة بمحافظات “,”الإسكندرية – الغربية – الشرقية – والمنيا....“,”، كان من نتيجة أعمال الشغب وسقوط قتلى، اشتعال الأحداث بصورة عنيفة قبل النطق في قضية مذبحة بورسعيد، وأصبح الشارع مهيئًا لمزيد من العنف في حالة صدور أحكام ليست على هوى شباب الأولتراس الأهلاوي .
عقب صدور قرار محكمة جنايات بورسعيد يوم السبت 26 يناير بتحويل أوراق 21 متهمًا لفضيلة المفتي اشتعلت الأحداث بصورة عنيفة وتصاعدت أعمال العنف وصلت الى حد التعامل بالذخيرة الحية في محافظتي بورسعيد والسويس “,”اللتين كانتا بطبيعتهما مشتعلتين نتيجة سقوط عدد من الشهداء بهما“,”، حيث سقط 38 قتيلاً من محافظة بورسعيد وحدها، وإحراق أحد نوادي القوات المسلحة وآخر خاص بضباط الشرطة، ما دفع القوات المسلحة الى النزول في محاولة منها للسيطرة على الموقف الذي أصبح خارج السيطرة الكاملة في كافة محافظات مدن القناة. هذا بخلاف أعمال شغب عنيفة شهدتها معظم محافظات الجمهورية .
كان الاحتفال بذكرى جمعة الغضب يوم الأحد 28 يناير، هو امتداد لتصعيد أعمال العنف والشغب بصورة تنبئ عن كارثة لم تشهدها البلاد من قبل، كان أخطرها تمرد بعض ضباط الأمن المركزي على وزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم وطرده من مسجد الشرطة أثناء تشييع جنازة أحد شهداء الشرطة الذي لقي مصرعه في أحداث التعدي على سجن بورسعيد عقب صدور قرار محكمة جنايات بورسعيد بتحويل أوراق 21 متهمًا لفضيلة المفتي. الأمر الذي دفع بالرئيس الى إلقاء خطاب على جموع الشعب المصري قرر فيه تطبيق قانون الطوارئ على محافظات مدن القناة وحظر التجول بها من الساعة التاسعة مساءً وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، والتهديد بمزيد من القرارات الاستثنائية إذا تطلب الموقف منه ذلك. بالإضافة الى دعوة الأحزاب السياسية وبعض الشخصيات العامة للحوار الوطني. وقد أدى خطاب الرئيس الى اشتعال الموقف في معظم محافظات الجمهورية وحدوث أعمال عنف وشغب وقطع طرق وسقوط قتلى ومصابين بصورة تنبئ بأن مصر على مشارف حرب أهلية .
مؤشرات ودلائل :
جميع المؤشرات والتحليلات السياسية تشير الى أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من أعمال العنف والغضب على الساحة المصرية، ومصادمات قد تدفع بالبلاد الى نفق مظلم سيكون الخروج منه مكلفًا للغاية، الأمر الذي يدفعنا الى عرض بعض المظاهر التي مهدت للمشهد الذي نراه على الساحة منذ تولي الرئيس مرسي مقاليد السلطة :
إن الحديث عن مؤسسة الرئاسة والرئيس هو في حقيقة الأمر حديث عن مرشد جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد، إذ لا يمكن عمليًا الفصل بينهم – فالرئيس هو مندوب مكتب الإرشاد بمؤسسة الرئاسة -.
إن الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دورًا هامًا في رسم السياسة المصرية سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي بما يحقق مصالحها في المنطقة مقابل دعم سياسة الرئيس مرسي وجماعة الإخوان في إدارتهم للبلاد .
الاعتداء على السلطة القضائية، وعدم احترام أحكام القضاء، وتهديد وترهيب ومنع القضاة من ممارسة رسالتهم في تحقيق العدالة مهد تمهيدًا واضحًا لإسقاط دولة القانون .
صدور عفو رئاسي عشوائي من قبل الرئيس مرسي شمل جميع العناصر الإرهابية - ممن سبق اتهامهم في قضايا إرهاب وصدور أحكام بشأنهم – ضاربًا عرض الحائط بجميع التقارير الأمنية التي تشير لخطورتهم وتهديدهم للأمن العام، في حال إخلاء سبيلهم .
وتنفيذ قرار العفو، وهو ما تأكد من اشتراك أحد العناصر ممن شملهم قرار العفو في العملية الإرهابية المعروفة بـ“,”خلية مدينة نصر“,”، وهو طارق أبوالعزم - ضابط سابق بالقوات المسلحة سبق ضبطه في قضية تنظيم جند الله في عام 2001 -.
قيام الرئيس بإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وتعيين نائب عام جديد من المرتبطين بجماعة الإخوان، مخالفًا بذلك قانون الهيئة القضائية، ما دفع أعضاء النيابة العامة على مستوى الجمهورية من التجمع والحشد بدار القضاء العالي والمطالبة بعزل النائب العام الجديد لعدم شرعيته .
قيام ميليشيات الإخوان والسلفيين “,”المرتبطين بالشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل“,” وبموافقة وتأييد من الرئيس ومكتب الإرشاد بممارسة أعمال بلطجة وترويع للقضاة، واعتداء على الإعلاميين، وذلك بمحاصرة كل من “,”المحكمة الدستورية العليا“,”، و“,”مدينة الإنتاج الإعلامي “,”.
منع الأجهزة الأمنية من ملاحقة ومتابعة الخارجين عن القانون من المرتبطين بالتيارات الدينية وهو ما حال دون أجهزة الأمن والتدخل، للقبض على “,”ميليشيات الإخوان“,” وحركة “,”حازمون“,” - نسبة للشيخ حازم أبوإسماعيل - عندما قاموا بحصار “,”مدينة الإنتاج الإعلامي“,” و“,”المحكمة الدستورية العليا “,”.
إجراء تعديل وزاري، هدفه الأساسي الدفع بكوادر إخوانية في المواقع الوزارية المهمة، بهدف تنفيذ خطة الجماعة لـ“,”أخونة الدولة“,”، - الإعلام.. العدل.. التربية والتعليم.. الحكم المحلي.. التموين.. والشباب والرياضة -.
إجراء حركة محافظين والدفع بكوادر إخوانية في منصب المحافظ في كافة المحافظات التي ساندت الفريق أحمد شفيق في حملته الانتخابية الرئاسية، وكذا منصب نائب المحافظ في إطار أخونة الدولة .
توتر العلاقة بين مؤسسة الرئاسة ووزارة الداخلية بسبب قيام الرئيس “,”بشكل متعمد“,” بتعيين رئيس جهاز الأمن الوطني دون استشارة وزير الداخلية “,”الواء أحمد جمال آنذاك“,”.. الأمر الذي أدى الى توتر العلاقة بينهما لاستشعار “,”الوزير“,” أن رئيس جهاز الأمن الوطني يدين بالولاء لمؤسسة الرئاسة وليس لوزارة الداخلية، ما انعكس على الأداء الأمني .
إصدار إعلان دستوري مخالف للقانون وتحصين قرارات الرئيس فيما يتعلق باللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وكذا مجلس الشورى لحين الانتهاء من إجراءات الاستفتاء على الدستور الجديد، وذلك بعد التأكد من اتجاه المحكمة الدستورية العليا لإصدار حكم بعدم دستورية مجلس الشورى واللجنة التأسيسية .
إقالة اللواء أحمد جمال زير الداخلية، بتعليمات من خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، قبل الاحتفال بذكرى 25 يناير بخمسة عشر يومًا تقريبًا، رغم تحقيقه نجاحات ملموسة على مستوى الأمن العام وتمكنه من احتواء ضباطه وإحداث التوازن المطلوب الى حد ما في علاقة رجل الأمن بالشارع. وذلك لما تردد من عدم رضاء مؤسسة الرئاسة ومكتب الإرشاد، عن شخصه لتصديه لمواقف المؤسسة في سعيها لأخونة وزارة الداخلية. ورفضه تأمين مقار حزب الحرية والعدالة، “,”الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين“,” وضبط الحارس الخاص لنائب المرشد العام المهندس خيرت الشاطر وبحوزته “,”طبنجة“,” بدون ترخيص، وعدم استخدامه العنف ضد المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، إضافة الى حالة التناغم في علاقته بالفريق أول “,”عبدالفتاح السيسي“,” وزير الدفاع، خاصة بعدما ظهرا في الإعلام متشابكي الأيدي، في إشارة لوحدة الجيش والشرطة، تلك الصورة التي أقلقت مؤسسة الرئاسة، وأشعرتها بضرورة الفصل بين المؤسستين، لضمان ولاء كل مؤسسة على حدة، للرئيس وجماعته .
إجراء تعديل وزاري آخر، شمل تعيين الدكتور محمد علي بشر “,”عضو مكتب الإرشاد“,” وزيرًا للحكم المحلي – قبل موعد إجراء انتخابات مجلس الشعب القادمة - في إشارة الى أن إدارة العملية الانتخابية، ستتم من داخل مكتب الإرشاد بمدينة المقطم .
تدخل ميليشيات الإخوان في فض اعتصام سلمي أمام قصر الاتحادية فيما عرف بيوم الثلاثاء الدامي .
فشل السياسات الاقتصادية في تحقيق أي تقدم ملموس لرجل الشارع العادي. وما تشير إليه كافة الاحتمالات من مزيد من التدهور ورفع أسعار السلع الأساسية خلال الفترة القادمة .
اعتمدت مؤسسة الرئاسة في علاقتها الخارجية على حُسن العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ودولة قطر، بينما شاب التوتر علاقتها بمعظم دول الخليج، ما يترتب عليه من مردود سلبي على العلاقات المصرية العربية من جهة، وعلى الوضع الداخلي من جهة أخرى .
كل العوامل السابقة، ساهمت، بشكل مباشر، أو غير مباشر، في التصعيد من حدة الغضب والعنف في الشارع المصري قبل الاحتفال بذكرى 25 يناير وهو ما يدفعنا الى التعرض للأطراف الرئيسية في المشهد السياسي وكيفية تعاملها مع الأحداث حتى يمكن إدراك الواقع المادي الملموس الذي تعيشه البلاد الآن وذلك على النحو التالي :
أولا: مؤسسة الرئاسة ..
من الواضح بشكل جلي أن المرشد العام ومكتب الإرشاد هم الذين يديرون الأزمة التي تمر بها البلاد وليست مؤسسة الرئاسة، وأن دور الرئيس لا يتعدى تنفيذ توجيهاتهم في هذا الشأن .
وباستقراء الأحداث يمكن الوقوف على العديد من النقاط الهامة لتحليل موقف مؤسسة الرئاسة من المشهد وكيف تعاملت معه وذلك على النحو التالي :
1- استقبل الرئيس وجماعته الأحداث الجارية بفتور شديد ولا مبالاة وعدم اكتراث، وصل الى حد قيام بعض مكاتب الإخوان الإدارية في بعض المحافظات بتنظيم دورات لكرة القدم وأخرى للبلاي استيشن، بالإضافة لحفل غنائي بمدينة الغردقة لتنشيط السياحة أحيته الفنانة دوللي شاهين. هذا في الوقت الذي كان يقوم فيه مجلس الشورى بمناقشة أزمة الصكوك الإسلامية، وقوانين انتخابات مجلس الشعب القادمة. في ذلك الوقت كان عدد الشهداء بمحافظة بورسعيد قد وصل الى 38 شهيدًا بخلاف الشهداء في باقي المحافظات .
هذا التجاهل لحركة الشارع ومطالب المعارضة استهدف :
أ- إطالة أمد الصراع الذي من شأنه فض الالتفاف الجماهيري حول المعارضة، بشكل يحاكي ما حدث عقب أحداث الاتحادية، وذلك للتدليل على افتقاد المعارضة المساندة الجماهيرية .
ب- إنهاك قوى المعارضة في استكمال ما بدأته بشكل تصاعدي واستنفاذ مواردها بشكل لا يمكّنها من استكمال مشروعها .
ج- تجاهل مطالب قوى المعارضة قد يدفعها في مرحلة معينة عند فقد تأييد الشارع الي قبول الحوار لتحقيق أي مكاسب للحفاظ على ماء الوجه. وفي هذه الحالة سيتم الحوار بشروط وضوابط جماعة الإخوان .
2- اعتبر الإخوان ومؤسسة الرئاسة، أن قبول أي تنازلات لصالح الشارع الثائر والغاضب، سيكون على حساب الأجندة الإخوانية، ومكاسب الجماعة التي تحققت بعد 25 يناير .
3- هدفت دعوة الرئيس لمعارضيه للحوار الوطني، الى تحسين صورته أمام الرأي العام العالمي، تلك التي سبق له أن شوهها نتيجة ممارساته الخاطئة، والتي وضعته - حسب استطلاعات الرأي - في مقدمة الرؤساء الديكتاتوريين .
استقواء “,”مؤسسة الرئاسة“,” بدعم الإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي في تعاملها مع الأزمة. حيث تلاحظ قيام الإدارة الامريكية بالثناء على خطاب الرئيس الذي دعا فيه معارضيه الى الحوار.. في الوقت الذي لم يلق فيه الحوار أي ترحيب من قبل الشعب المصري .
إن صمود “,”مؤسسة الرئاسة“,” تجاه الأحداث الجارية والخروج من الأزمة بأقل خسائر هو ما يعني الوصول الى مرحلة متقدمة من التمكين وفقًا لمخططات الجماعة .
ثانيًا: المؤسسة العسكرية ..
خرج المجلس العسكري من المشهد السياسي فور تسليمه السلطة لرئيس مدني منتخب. ومنذ ذلك التاريخ لم يشارك في أي عمل أو قرار سياسي، واكتفى بدور المراقب للأحداث نتيجة استمرار حالة الفوضى والانفلات الأمني وتخبط مؤسسة الرئاسة في إصدار القرارات ثم العدول عنها في وقت قصير للغاية. والتدخل فقط عند استشعاره وجود خطر يهدد الأمن القومي للبلاد نتيجة قرار سياسي خاطئ.. من ذلك على سبيل المثال :
قرار عسكري بمنع تملك الأجانب للأراضي في شمال سيناء .
قرار عسكري يقضي باعتبار قناة السويس والمنطقة المحيطة بها خطًا أحمر، أمام أي استثمارات أجنبية من شأنها تهديد الأمن القومي للبلاد .
الدعوة لحوار وطني يضم جميع القوي السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة تحت رعاية المؤسسة العسكرية لرأب الصدع الذي أصاب المجتمع المصري، جراء سياسات الرئيس مرسي التي أدت الى انقسام الوطن الى فريقين متناحرين بما ينبئ بدخول البلاد الى نفق مظلم .
إصدار بيان شديد اللهجة موجه للمرشد العام وجماعته ردًا على تجاوز المرشد في إحدى رسائله الأسبوعية، وتطاوله فيها على قادة المؤسسة العسكرية السابقة. وهو ما دفع السيد الرئيس للتحرك السريع وتوجيه الاعتذار للمؤسسة .
هذا التحرك من قبل المؤسسة العسكرية، لم يكن على هوى مؤسسة الرئاسة ومكتب الإرشاد. وهو ما ولد تخوفًا لديهم جميعًا أن يكون للمؤسسة العسكرية الرغبة في أن تلعب دورًا سياسيًا في المرحلة القادمة. زاد من هذا التخوف حالة التناغم بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية وخروج وزيري الدفاع والداخلية بعد لقاء جمعهما، متشابكي الأيدي في رسالة للشعب المصري والسلطة الحاكمة بأن الجيش والشرطة يد واحدة .
رسائل الثلاثاء الدامي :
جاءت أحداث الاتحادية 5 ديسمبر والمعروفة بيوم الثلاثاء الدامي لتضيف لغمًا آخر في العلاقة بين المؤسستين العسكرية والأمنية، ومؤسسة الرئاسة، خاصة بعد صدور تعليمات لقوات الأمن بعدم الاشتباك أو التعامل مع المتظاهرين والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف المشاركة في التظاهر. وهو نفس ما اتبعته قوات الحرس الجمهوري. وهو السبب الرئيسي الذي دفع مؤسسة الرئاسة الى إقالة اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية وكانت في طريقها الى إقالة وزير الداخلية، لولا اعتراض بعض مستشاري الرئيس، الذين طلبوا تأجيل هذا القرار الى ما بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، وحصول الجماعة على أغلبية تتيح لها تشكيل حكومة إخوانية، تسمح بإجراء مثل هذا التغيير داخل المؤسسة العسكرية .
- بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في أعقاب الاحتفال بذكرى 25 يناير أصدر المجلس العسكري بيانًا أوضح فيه موقفه من الأحداث وأن الجيش ملك للشعب ولن يكون أداة لقمع المتظاهرين وأن الجيش يقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية وأنه سيظل هو والشعب يدًا واحدة. وهذا ما ظهر في تعامل القوات المسلحة مع المواطنين في محافظات مدن القناة عقب إصدار القرار الرئاسي بحظر التجول في الفترة مابين 9م وحتى 6ص، ولمدة 30 يومًا. والذي لم يلتزم به أحد على الإطلاق .
ثالثًا: المؤسسة الأمنية ..
منذ تولي اللواء أحمد جمال وزير الداخلية السابق حقيبة الداخلية والعلاقة بين الوزارة ومؤسسة الرئاسة متوترة للغاية. يرجع السبب في ذلك الى رفض جمال الدين كل ما من شأنه أخونة وزارة الداخلية والتي تعتبر من أهم أهداف مؤسسة الرئاسة في هذه المرحلة .
ولقد تمكن الوزير جمال الدين، وعلى الرغم من المناخ السياسي السيئ الذي أفرزته سياسة الرئيس مرسي في تلك المرحلة، من تحقيق تقدم ملحوظ نسبيًا، في الحد من حالة الانفلات الأمني بالشارع المصري نظرًا لخبراته المتنوعة في مجال الأمن العام من أحد رجال الأمن المحترفين في هذا المجال “,”المطلوب في هذه المرحلة“,” وكان هذا من أسباب اختياره لهذا المنصب الرفيع .
رأت مؤسسة الرئاسة أن سياسة وزير الداخلية تتعارض مع توجهاتها، وأنه يعوق حركتها وأهدافها، التي هي في حقيقة الأمر أهداف مكتب الإرشاد وجماعة الإخوان. فقام الرئيس في إطار شق الصف بوزارة الداخلية بتعيين رئيس جهاز الأمن الوطني، - كما سبق الإشارة إليه - دون استشارة أو أخذ رأي وزير الداخلية. الأمر الذي كان له مردود سلبي على حركة العمل بوزارة الداخلية، كانت أبرز ملامحه عدم التنسيق الجيد، في أخطر مرحلة تمر بها البلاد، بين الأمن السياسي والأمن الجنائي لاستشعار الوزير أن ولاء رئيس جهاز الأمن الوطني لمؤسسة الرئاسة وليس لوزارة الداخلية. ما دفع بوزير الداخلية الى رسم سياسات وإصدار توجيهات اعتبرتها مؤسسة الرئاسة تحدي الرئيس ومكتب الإرشاد منها :
إلقاء القبض على بعض الأفراد من المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين وبحوزتهم أسلحة نارية تسببت في قتل بعض المتظاهرين أمام قصر الاتحادية والمعروفة بأحداث الثلاثاء الدامي 5 ديسمبر .
إلقاء القبض على الحارث الخاص للمهندس خيرت الشاطر وبحوزته سلاح ناري غير مرخص .
عدم الموافقة على منح تراخيص سلاح لعدد كبير من أفراد جماعة الإخوان المسلمين في ضوء توجيهات صدرت لهم بحمل سلاح للدفاع عن مقرات الجماعة .
عدم الموافقة على فض اعتصام التحرير بالقوة .
عدم الموافقة على تأمين مقار جماعة الإخوان المسلمين .
عدم الموافقة علي تأمين مقار حزب الحرية والعدالة شأنه في ذلك شأن باقي مقار الأحزاب الأخري الموجودة على الساحة .
القبض على بعض أتباع الشيخ حازم أبوإسماعيل وتحميل الأخير أحداث حرق مقر حزب الوفد. وعرض أحد اتباعه على النيابة العامة وبحوزته بندقية آلية .
عدم الزج بالمؤسسة الأمنية في الصراع السياسي الذي تشهده البلاد والذي أدى الى انقسام المجتمع الى فريقين متناحرين. ما دفع بالوزير للوقوف على مسافة واحدة منهما دون التدخل لطرف على حساب الآخر “,”موقف الأمن من أحداث قصر الاتحادية 5 ديسمبر “,”.
وزير داخلية جديد وسياسة جديدة ..
كان اختيار الرئيس للواء محمد إبراهيم وزيرًا للداخلية، مفاجئًا لجميع العاملين بهيئة الشرطة باعتباره لم يكن من الأسماء المطروحة لخلافة جمال الدين، إضافة الى أن طبيعة المرحلة تقتضي أن يحتل هذا المنصب قيادة أمنية معروفة تتمتع بثقل داخل الوزارة، الأمر الذي من شأنه تخفيف الاحتقان، وزيادة معدلات الأداء الأمني .
وقد تأكد هذا الانطباع، من خلال ممارسات الوزير الجديد التي جاءت معاكسة تمامًا، لسياسات الوزير جمال الدين. حيث كانت أولى قراراته تأمين مقرات جماعة الإخوان المسلمين، والدفع بقوات مكثفة للتعامل بقوة وعنف مع التظاهرات السلمية، خاصة لأنصار قوى المعارضة .
تولد شعور لدى قيادات وضباط الشرطة بأن السيد الوزير جاء بسياسة محددة له سلفًا لتنفيذ أجندة إخوانية. وأن هذه السياسة ستدفع فاتورتها الشرطة لثاني مرة في علاقاتها مع الشعب. فقد كان تعامل الأمن مع الأحداث الأخيرة يتسم بالعنف. الذي وصل الى حد سقوط العديد من القتلى وانتشار الفوضى في البلاد. الأمر الذي أثار استياء ضباط الشرطة أنفسهم ووصل بهم الأمر الى حد تطاول بعض ضباط الأمن المركزي على الوزير، في سابقة أولى من نوعها “,”في تاريخ الوزارة“,” وطرده من مسجد الشرطة أثناء تشييع جنازة أحد شهداء الشرطة والذي لقي مصرعه في أحداث التعدي على سجن بورسعيد عقب قرار محكمة جنايات بورسعيد بتحويل أوراق 21 متهمًا لفضيلة المفتي. وكذا تمرد ضباط وجنود الأمن المركزي بقطاع منطقة طره .
وجاء مشهد سحل أحد المواطنين عاريًا، والذي نقلته عدد من القنوات الفضائية بشكل مباشر على الهواء، ليضاعف الأثر السيئ في نفوس المواطنين تجاه الشرطة، رغم الجهد الذي بذلوه طوال عامين، لتحسين تلك الصورة .
رابعًا: قوى المعارضة ..
شهدت الساحة السياسة المصرية خلال الشهور القليلة الماضية اعتراضًا من جميع القوى السياسية بمختلف انتماءاتها الفكرية لطريقة الرئيس مرسي في إدارة البلاد، عبر تهميش واضح لدور المعارضة والاعتماد على السياسة التي يمليها عليه المرشد ومكتب الإرشاد، تلك التي تسير في مسار واضح، يهدف بشكل مباشر الى السيطرة على مفاصل الدولة من خلال أخونة جميع مؤسساتها .
وتكمن اعتراضات قوى المعارضة في نقطتين جوهريتين، الأولى: عدم شرعية اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وأسلوب وضع الدستور ذاته. والثانية: شرعية استمرار عمل مجلس الشورى. وهما النقطتان المحوريتان اللتان تحولان - في حال تلبية مطالب المعارضة - دون تحقيق أهداف الجماعة في السيطرة على مفاصل الدولة. في المقابل يرى الرئيس أن الاستجابة لمطالب المعارضة سيكون لها مردود سلبي على إنجازات الجماعة التي حصلت عليها بعد 25 يناير. ونتيجة التخوف “,”من قبل مكتب الإرشاد والرئيس“,” من صدور حكم دستوري من المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعية اللجنة التأسيسية ومجلس الشورى، قام الرئيس بإصدار إعلان دستوري يحصن جميع قراراته لحين وضع الدستور والاستفتاء عليه. والذي اعتبرته المعارضة ضربًا للشرعية وإهدارًا لدولة القانون .
اتفقت قوى المعارضة على تجميع شتاتها وتوحيد صفوفها في كيان واحد أطلق عليه جبهة الإنقاذ، حيث نظموا فعاليات للتعبير عن وجهة نظرهم فيما يحدث من قبل مؤسسة الرئاسة من ممارسات لا تتفق مع الشرعية، وفي مقدمتها صمت المؤسسة الحاكمة تجاه ممارسات قوى الإسلام السياسي، سواء في حصارها للمحكمة الدستورية العليا أو مدينة الإنتاج الإعلامي، والتعدي على بعض رموز المعارضة بالضرب. ومحاولة اغتيال السيد المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر .
دعت جبهة الإنقاذ والقوى والحركات السياسية، القطاعات الجماهيرية للخروج بمسيرات يوم الجمعة للاحتفال بذكرى 25 يناير. وكان المناخ العام والتوقعات تشير الى أن هذا اليوم سيشهد أحداث عنف نتيجة ما تحمله الجماهير من مشاعر غاضبة لفشل السياسة التي ينتهجها رئيس الجمهورية على المستوى السياسي والاقتصادي والتي كان من نتيجتها أحداث الفرقة والانقسام داخل الوطن بالإضافة الى عدم تحقيق مطالب الثورة من “,”عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية “,”.
انفجرت الأحداث بشكل خطير.. ما دفع بالرئيس الى إلقاء خطاب دعا فيه الأحزاب السياسية والحركات والقوى الوطنية للحوار الوطني .
ورفضت جبهة الإنقاذ والأحزاب السياسية قبول دعوة الحوار التي وجهها السيد الرئيس لعدة أسباب أهمها :
1- عدم الثقة في التزام السيد الرئيس بأي تعهدات يتفق عليها لوجود سوابق متعددة في هذا الشأن .
2- عدم المغامرة، بفقدان ثقة الشارع، وشباب الثورة اللذين مكنا جبهة الإنقاذ والقوى الوطنية من هذا الحشد الهائل لجماهير الشعب .
هذا وتتعرض قوى المعارضة الى حملة عنيفة من قبل التيار الإسلامي وتحميلهم مسئولية أعمال العنف والتخريب وسقوط مزيد من القتلى. وفي ضوء ذلك أعطت مؤسسة الرئاسة الضوء الأخضر لوزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات التي من شأنها إجهاض تحركات قوى المعارضة. وقامت على أثر ذلك قوات الأمن باستهداف وضبط أعداد كبيرة من النشطاء السياسيين من أصحاب الاتجاهات الليبرالية .
خامسًا: قوى الإسلام السياسي
يتسم تحرك قوى الإسلام السياسي بالحكمة أمام الرأي العام الداخلي والخارجي بالابتعاد عن المشهد وعدم الظهور أو الحشد أو إبراز القوة أو نزول الشارع في أي صورة من الصور للابتعاد عن الصدام، ووضع قوى المعارضة أمام مسئوليتها في حال تطور الأمور وخروجها عن نطاق السيطرة. واكتفت بالانتظار والاستعداد لأي تحرك إذا تطلب الأمر منها ذلك، في الإطار التالي :
قام حزب النور السلفي “,”الذراع السياسية للدعوة السلفية“,” بإطلاق مبادرة دعا فيها الى إدانة العنف وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، وإقالة النائب العام .
ولقد أحدثت تلك المبادرة العديد من ردود الافعال المتباينة بين مؤيد ومعارض في محيط قوى الإسلام السياسي. وبصرف النظر عن تأييد جبهة الإنقاذ الوطني وجميع القوى الوطنية للمبادرة والمطالبة بالعمل على تفعيلها، فإن قوى الإسلام السياسي كان لها موقف آخر، حيث يرى البعض منهم بأنها تؤدي الى إحداث شرخ في الصف الإسلامي وداخل حزب النور ذاته، بينما يرى آخرون أن التوقيت نموذجي، لقيام تيار ذات مرجعية إسلامية، بمبادرة من هذا النوع، تهدف الى حقن الدماء ووقف العنف والتخريب وجر البلاد الى فتنة كبيرة .
ويرى أنصار قوى الإسلام السياسي أن ما يحدث على الساحة ما هو إلا صراع بين المشروع الإسلامي والمشروع العلماني، وأنهم لن يُمكنوا أعداء الإسلام من إسقاط رئيس له مرجعية إسلامية، وصل الى سدة الحكم بإرادة شعبية عبر صناديق الاقتراع .
في ضوء تلك الخريطة المتشابكة المصالح والمواقف والأهداف والرؤى، يمكن الوقوف على بعض النقاط المهمة لقراءة المشهد :
هناك انعدام ثقة بين جميع أطراف المشهد السياسي.. فمؤسسة الرئاسة تتعامل مع المؤسسة العسكرية بحذر شديد خشية أن يكون لديها الرغبة في التفاعل الإيجابي مع الخريطة السياسية مرة أخرى، خلال المرحلة القادمة.. والجهاز الأمني لا يدين بالولاء لمؤسسة الرئاسة التي تمثلها جماعة الإخوان والعكس صحيح.. وقوى المعارضة في تناحر مع مؤسسة الرئاسة ولا تثق في وعودها.. حتي قوى الإسلام السياسي انقسمت على نفسها بعد مبادرة حزب النور. ومن هنا يتضح أن مؤسسة الرئاسة في خصومة مع جميع أطراف المشهد، ولكن يجب أن نرصد عددًا من الملاحظات :
إن تأييد مؤسسة الرئاسة لوزارة الداخلية في تصديها للمتظاهرين ولأعمال الشغب والعنف “,”رغم عدم الثقة المتبادلة بينهما“,” هو في حقيقة الأمر استنزاف لطاقات رجال الأمن واستهلاك لقواهم وتوريطهم مع الشعب مرة أخرى، بهدف إسقاط وزارة الداخلية كمطلب شعبي نتيجة ممارساتها التي تتسم بالعنف “,”والتي كانت من أسباب ثورة 25 يناير 2011“,”.. وإحلال ميليشيات الإخوان بدلاً منها لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، لحين إعادة هيكلة، أو بالأحرى “,”أخونة“,” وزارة الداخلية .
عدم قدرة جميع القوى السياسية بمختلف انتماءاتهم الفكرية والحزبية من السيطرة على المتظاهرين في الشارع وهو ما يشير الى اقتراب البلاد من حالة الفوضى، الأمر الذي يهدد - مع استمرار أعمال العنف بالصورة التي تشهدها البلاد -، بانهيار الدولة .
إن واقعة سحل المواطن “,”حمادة صابر“,” هي بداية لنقل المواجهات للمنشآت الشرطية وقوات الأمن من قبل المتظاهرين كرد فعل لسياسة العنف التي ينتهجها الأمن في تعامله معهم. والتي أسفرت عن سقوط شهداء.. وهو الأمر الذي سيؤدي الى عنف متبادل بين الطرفين وسقوط المزيد من الشهداء والقتلى.. ما يصب في مصلحة تنفيذ الأجندة الإخوانية الهادفة لإسقاط وزارة الداخلية وإعادة هيكلتها .
إن اختفاء عدد من النشطاء السياسيين في ظروف غامضة، وتعرض آخرين لحملات اعتقال واغتيالات، وما يقابله من صمت من قبل مؤسسة الرئاسة، وتجاهل من النائب العام المعروف بميوله الإخوانية، وعدم فتحه لأي تحقيقات تشير الى تورط مؤسسة الرئاسة أو عناصر من جماعة الإخوان في تلك الأحداث، رغم توافر العديد من الأدلة المادية، سيرفع من سقف مطالب الجماهير الغاضبة، وسيُسرع من وتيرة الأحداث في اتجاه ما لا تحمد عقباه .
هناك شكوك لدى الإدارة الأمريكية حول مستقبل الحكومة المصرية، في ضوء التخبط في سياسة الرئيس المصري والتي أدت الى تفجير الوضع وانتشار الفوضى والعنف على الساحة بصورة تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة. وهو ما دفع الإدارة الأمريكية لإرسال وفد عسكري رفيع المستوى لبحث إجراءات تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس، والتي يخشى أن تمتد أعمال العنف والشغب له، الأمر الذي قد يؤدي الى قيام الإدارة الأمريكية بإعادة تقييم موقفها الداعم للحكومة المصرية وجماعة الإخوان، خاصة وأن الإدارة الأمريكية تتعرض لضغوط وانتقادات شديدة من قبل الكونجرس في هذا الشأن .
وجود رأي عام في محيط ضباط الشرطة رافضًا السياسة التي يتبعها اللواء محمد إبراهيم الوزير الحالي، والتي تسير في اتجاه معاكس لسياسة الوزير السابق.. تلك التي كانت تتماشى مع رؤية وقناعة معظم العاملين بوزارة الداخلية، الرافضين لأخونة الوزارة، واستغلال الجهاز الأمني لتنفيذ سياسة مكتب إرشاد جماعة الإخوان .
إن الجماعة منذ تولي رئيس من بينهم مقاليد الحكم وهي تنفذ خطة التمكين من خلال السيطرة على مفاصل الدولة. وهو هدف ثابت لن تحيد عنه أيًا كان حجم وشكل التضحيات، وما نشاهده من أحداث لن يغير من موقفها أو موقف مؤسسة الرئاسة. فهي تتعامل من مفهوم “,”الكلاب تنبح والقافلة تسير“,”، ما يشير الى أن مؤسسة الرئاسة “,”مكتب الإرشاد“,” ستتخذ العديد من الإجراءات الاستثنائية لمواجهة عنف المرحلة القادمة .
الأمر الذي يجعلنا أمام سيناريو على النحو التالي :
1- استمرار حالة الغضب والتصعيد الجماهيري وتصاعد أعمال العنف والشغب .
2- صدور قرارات استثنائية رئاسية تستهدف بعض رموز القوى الوطنية والحركات السياسية والإعلامية المؤثرة على الساحة الجماهيرية والتحفظ عليهم .
3- استمرار التصعيد الجماهيري قد يدفع بقوى الإسلام السياسي لنزول الشارع في محاولة لتحقيق التوازن بين القوى المتناحرة. ما قد يؤدي الى الصدام العنيف والاقتتال بما ينذر بحرب أهلية .
4- تنفيذ الجماعة “,”عمليات اغتيال“,” لشخصيات من المعارضة ونشطاء سياسيين، إذا ما رأت الجماعة أن تلك العمليات تتفق ومصالحها وفقًا للمتغيرات السياسية والأمنية على الساحة الداخلية .
5- دفع العناصر الجهادية التي تم الإفراج عنها بمرسوم رئاسي للقيام بأعمال عنف ضد القوى السياسية المناهضة وأنصارهم .
6 - تكليف الجناح العسكري لـ“,”حركة حماس“,” بتنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد .
7- نشر ميليشيات مسلحة من شباب الإخوان وعناصر من جماعات الإسلام السياسي تحت مسمى لجان شعبية على مستوى كافة المحافظات لإرهاب المواطنين حتى لا يتعاطفوا مع القوى السياسية الأخرى .
إن الأمر جد خطير.. وليس أمام الرئيس الإخواني، حاليًا، - نتيجة التصعيد المتزايد والعنيف والسريع والذي يمتد لمعظم المحافظات - إلا أن يضع مستقبل البلاد أمام عينيه عبر اتخاذ مجموعة من القرارات السريعة دون مماطلة أو تأخير لإصلاح المناخ الذي أفسدته قراراته السابقة وتلبية مطالب القوى الوطنية والسياسية المشروعة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، قبل أن تدخل البلاد في نفق قد لا تخرج منه إلا بعد فترات طويلة من المعاناة لا يريدها أحد لهذا الوطن .