الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: مصر اليوم في عيد

نُشرعلى موقع البوابة نيوز، الأربعاء ٥ أغسطس2015

نشر
عبد الرحيم علي

«ياللى من البحيرة وياللى من آخر الصعيد.. ياللى من العريش الحرة أو من بورسعيد.. هنوا بعضيكم وشاركوا جمعنا السعيد.. مصر اليوم فى عيد».
نعم، فمصر اليوم تعيش حالة استثنائية من الفرح، حالة من المشاعر الفياضة تجاه الوطن، تلك الكلمة الساحرة التى عبر عنها الأسطورة صلاح جاهين بالقول: «مصر التلات أحرف اللى مالية الدنيا ضجيج.. باحبها وهى مالكة الأرض شرق وغرب.. باحبها وهى مرمية جريحة حرب.. باحبها برقة وعنف وعلى استحياء.. وأكرهها والعن أبوها بعشق زى الداء.. وأهرب فى درب.. وتبقى هى فى درب.. وتلتفت تلاقينى جنبها فى الكرب».
أيوه مصر ومين سواها؟.. ساحرة القلوب والعقول.. أصل الحضارات والممالك.. قلب الأمة العربية النابض.. "شاى بالحليب على قهوة فى الضاهر هناك.. نسمة عصارى السيدة ودير الملاك".. ترنيمة موسى.. وأنشودة المسيح.. ووصية النبى محمد، عليهم جميعا الصلاة والسلام.
حائط الصد الأخير عندما تقف آلة الزمن عاجزة عن تحديد الاتجاه.. سيف قطز.. وصلابة صلاح الدين الأيوبى.. وعزيمة أبطال أكتوبر.. وهمم ثوار 30 يونيو.. هؤلاء الذين غيروا مجرى التاريخ.. وأوقفوا آلة الزمن عن الدوران، عندما تصدوا عبر مراحل التاريخ المختلفة للعدوان على البشرية ومحاولات تغيير وحرف مسار الحضارة الإنسانية.
قيضهم الله لتلك الغاية النبيلة على مر العصور، لذا كانت مصر- لدى المصريين والعالم- مذاقًا مختلفًا ومشاعر مغايرة، نعم هى وطن، لكنها عند المصريين أصل كل شىء ومنبع الحضارات وفجر الضمير، لا يضاهيها بلد أو مكان، ولا يعلو فى قلوبهم عن حبها حب، لذلك استحقت بحق لقب «الساحرة المبهرة».
اليوم يتجمع المصريون، أمام المنازل، فى الشرفات، فى الشوارع، والحارات، ليعبروا عن ابتهاجهم وفرحهم، بافتتاح مشروعهم العملاق، قناة السويس الجديدة، اليوم يقول المصريون للعالم بأعلى صوت، نحن جسر التواصل بين الحضارات، شاء من شاء وأبى من أبى، اليوم يعلو صوت المصريين بالغنا، فالأمانى ما زالت ممكنة، والأحلام تتحقق، والله يضع يده حيث يضع المصريون، فيكثر الخير ويضمر الشر وتتحقق المعجزات، نعم ألم يضع الله سبحانه وتعالى يده حيث وضعها المصريون فى 30 يونيو 2013؟ من يعتقد فى غير ذلك فهو واهم، نعم لقد كان الله معنا فى كل خطوة خطوناها يبارك ويحمى، فيتحقق النصر وتحدث لنا الغلبة على أعدائنا، نحن من وصفنا الآخرون بالضعف والقلة، فعلناها وانتصرنا على من وصفوا أنفسهم بالقوة والكثرة، إنها إرادة الله، فى البدء كانت، ومازالت معنا تفعل فعلها، فى حفر القناة، فى التصدى للإرهاب، نعم، وستظل معنا ما حيينا لأننا عاهدنا الله سبحانه وتعالى على الصبر والعمل، فقيض لنا النصر بإذنه سبحانه، ونحن ما زلنا على العهد سائرين.
نعم على هذه الأرض ما يستحق الحياة.. صلوات أمى، وعظام أبى فى تربته.. صرخات الأمهات الثكالى، وعشق البنات الجميلات لكاب الجنود.
نسر على رأس ضابط يتحدى الموت، وترنيمة عشق فى الأوبرا.. كورنيش الإسكندرية، ونساء بحرى.. زفة زار قديمة على أعتاب آل البيت، وحنين المجذوبين.. عجوز تودعنى على مدخل قريتى بالدموع، شوارع قريتنا الضيقة.. وسط البلد، ومقهى ريش.. نادى السيارات ومكتبة مدبولى.. الكنيسة المرقسية، والجامع الأزهر.. نوبات غضب الجنود، والشهداء المبتسمون.. ورق البردى، ورأس أبوالهول.. تراتيل مصطفى إسماعيل، وعبدالباسط عبدالصمد، والمنشاوى، ومحمد رفعت.. السيرة العطرة للبابا كيرلس، والأنبا شنودة، والشيخ عبدالغنى النابلسى ومحمد عبده، وشلتوت والإمام عبدالحليم محمود. إنها مصر العظيمة، تلك التى تفرح اليوم.