من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: حلم القناة.. والقناة الحلم
نُشرعلى موقع البوابة نيوز، السبت ١ أغسطس 2015
لو بطلنا نحلم نموت.. من حقنا أن نحلم.. نعم، ومن حقنا أن نحلق أيضًا بأحلامنا فى الآفاق، ونقول للعالم: نعم نستطيع أن نفعلها، ونحقق تلك الأحلام.
باقي من الزمن خمسة أيام ونرى الحلم شاخصًا على الأرض، نلمسه وننظر إليه، نحدق في كل ملامحه، فقد فعلها المصريون حقًّا.
عندما تساءل البعض هل معقول ستقوم هيئة قناة السويس بتنفيذ ما أمر به الرئيس عبدالفتاح السيسى وتنتهي من مشروع قناة السويس الجديدة فى المدة التى طلبها، وهى عام واحد فقط؟ لم يصدقنا أحد، ولكن المعجزة تحققت، رأيناها بأم أعيننا عندما وجه لنا اللواء محسن عبدالنبى مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة دعوة كريمة قبل أكثر من شهر لزيارة المشروع، والوقوف على ما وصل إليه من إنجاز على الأرض، كنا وقتها على بُعد خمسين يومًا على انتهاء المدة التى حددها الرئيس لتسليم المشروع وبدء تشغيله.
تساءلتُ- وقتها- وأنا أسير بجوار الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس نتفقد عمليات "التكريك والتدبيش"، باستخدام الكراكات العملاقة، هل حدث على مرِّ التاريخ أن قامت مجموعة من البشر بتحويل جبل بارتفاع خمسة أمتار على الأقل وبطول ٣٧ كيلومترًا إلى قناة تنساب فيها المياه بحرية بعمق ٢٤ مترًا وبعرض ٤٠٠ متر، وبطول ٣٧ كيلومترًا، بالإضافة إلى تكريك ضعف هذا الكم من الكيلومترات والوصول بالعمق من ١٦ مترًا إلى ٢٤ مترًا، كل ذلك فى أقل من عام؟!
أى موسوعات تستوعب هذه الأرقام الفلكية من الأمتار المربعة للرمال التى تم رفعها فى عملية من أعقد وأكثر، إن لم تكن أكثر، العمليات تحديًا لقدرة البشر فى التاريخ الإنساني؟ لقد فعلها المصريون إذن، ويوم 6 يونيو ٢٠١٥ سيقدمون إنجازهم للعالم.
لقد أتت الحاجة لهذا المشروع العملاق، وفق ما قدمه لنا الفريق مهاب مميش فى العرض الذي سبق جولتنا، استجابة للنمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل، فمن المتوقع أن تضاعف القناة الجديدة من القدرة الاستيعابية لعدد السفن التى تمر بالقناة لتصل إلى ٩٧ سفينة يوميًا بحلول عام ٢٠٢٣، بدلًا من ٤٩ سفينة حاليًا، وأيضًا تتضاعف عائدات القناة بنسبة ٢٥٩٪ لتصل إلى ١٣.٢٢٦ مليار دولار مقارنة بالعائد الحالى الذى يصل لـ٥.٣ مليار دولار.
وبالإضافة إلى زيادة العائد بالعملة الصعبة، من الدخل القومي، فيهدف المشروع أيضًا إلى تحقيق ازدواجية المرور الحر فى قناة السويس؛ بهدف تقليل زمن العبور بالنسبة لقافلتى الشمال ليكون ١١ ساعة بدلا من ١٨ ساعة، الأمر الذى يخفض من زمن الانتظار للسفن العابرة، وهو ما ينعكس إيجابًا على تقليل تكلفة الرحلة بالنسبة لملاك السفن.
تبلغ مدة تنفيذ المشروع ١٢ شهرًا تنتهى فى الخامس من أغسطس ٢٠١٥، وتبلغ التكلفة التقديرية ٨.٢ مليار دولار تعادل ٦٠ مليار جنيه، قام الشعب المصرى العظيم بجمعها فى ثمانية أيام فقط.
ويتضمن المشروع، حفر وإنشاء ٦ أنفاق جديدة أسفل القناة علاوة على إنشاء ٣ أنفاق إضافية، تلك التى تُعرف بأنفاق الإسماعيلية، نفقان منها للسيارات ونفق للسكك الحديدية، لربط سيناء بالضفة الغربية، بالإضافة إلى إنشاء نفق للسيارات بالكيلومتر ١٧ ترقيم القناة.
وقد تم الانتهاء على أرض الواقع من حفر ٢٣٠ مليون متر مكعب من أعمال الحفر الجاف بنسبة تنفيذ «١٠٠ ٪» للقناة الرئيسية بطول ٣٥ كم من علامة الكم ٦٠ ترقيم القناة شمالًا حتى علامة الكم ٩٥ ترقيم قناة جنوبًا، وقنوات الاتصال عند علامة الكيلو «٦٥ - ٧٦ - ٨٤ - ٨٩» ترقيم قناة بطول «٤» كم، بإجمالى «١٨٠» مليون متر مكعب أعمال حفر جاف، تم الانتهاء من تنفيذها بنسبة ١٠٠٪ بعد مرور ٨ شهور فقط من تاريخ تلقى الأمر من الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، بالبدء فى تنفيذ المشروع.
كذلك تم الانتهاء من حفر خمسين مليون متر مكعب لتوسعة تفريعة البلاح بطول «١٠» كم وعرض «٦١» مترًا بنسبة تنفيذ ١٠٠٪ ليصبح عرضها «٣١٢» مترًا بالإضافة إلى حفر مساطيح شمعات الرباط وتخليق الميول الجانبية للتكسيات والتجهيز الهندسى للكبارى والمعديات وتفريغ أحواض الترسيب فى القناة الرئيسية وتعميق وتوسعة البحيرات الطبيعية بمدينة الإسماعيلية الجديدة.
وتعمل حاليا ٣٨ كراكة تمكنت من تكريك «٢١٧» مليون متر مكعب حتى الآن (منذ شهر مضى تقريبًا) بنسبة تنفيذ «٨٤.١٪» من إجمالى المخطط البالغ «٢٥٨» مليون متر مكعب حيث تم تكريك حوالى «٢٨» كم طولى بأعماق مختلفة بالمناطق المخططة.
ولنقل وتأمين مرافق الاتصالات - الكهرباء - المياه - الوقود - مياه الرى وتمريرها أسفل قناة السويس الجديدة جارٍ تنفيذ ٣٠ عداية «سيفون سحارة»، أسفل قناة السويس الجديدة، بالإضافة لتأمين تقاطع خط السكة الحديد الفردان - بئر العبد، مع مسار قناة السويس الجديدة، كما تم تأمين خطوط الغاز الطبيعية فى مناطق تقاطعها مع الطرق بنسب تنفيذ بلغت ١٠٠ ٪ لعدايات كابلات الاتصالات وتأمين خطوط الغاز الطبيعى وسيفونات المياه والوقود، وفك ونقل خط سكة حديد الفردان، بينما تم الانتهاء من ٩٠ ٪ من عدايات كابلات الكهرباء، وبنسبة ٥٩ ٪ من سحارات المياه، حيث يجرى حاليًّا إنشاء ٤ سحارات بقطر ٣.٢ متر لنقل مياه الرى إلى ترعة سيناء الشرق.
كل هذا يأتى من خلال الخطوات التنفيذية للمشروع والتى تضمنت حفر المجرى الملاحى الجديد بطول ٣٥ كيلومترًا أو بعمق ٢٤ مترًا وعرض ٣٢٠ مترًا عن صفحة المياه وبغاطس ٦٦ قدمًا، وتوسيع وتعميق التفريعات الغربية الحالية بطول إجمالى ٧٣ كيلومترًا وبعمق ٤٢ مترًا، وبغاطس ٦٦ قدمًا، وتشمل التفريعات الغربية بمنطقة البحيرات المرة الكبرى ٢٧ كيلومترًا، والتفريعة الغربية للبلاح بطول ١٠ كيلومترات، علاوة على أعمال تكريك بكميات حوالى ٢٥٠ مليون متر مكعب «حفر تحت منسوب المياه» بتكلفة تقديرية تبلغ ١٥ مليار جنيه.
سيمفونية من العمل والإنجاز والإعجاز، سيراها المصريون بعد أيام ثلاثة شاخصة على شاطئ القناة، ساعتها سيدرك كل مصري بل العالم أجمع ماذا فعلت الساحرة المسماة بثورة ـ٣٠ يونيو فى مصر والمصريين، سيكتشفون تفاصيلها فى كل ذرة عرق سالت من جندى أو عامل مصرى أسهم فى هذا المشروع العظيم، أو كما يحب أن يطلق عليه الرئيس السيسي "الحلم المصرى العظيم".