الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: المواطن هشام بركات

نُشرعلى موقع البوابة نيوز، الاثنين 29 يونيو 2015

نشر
عبد الرحيم علي

شاءت الأقدار أن يتولى المستشار هشام بركات منصب النائب العام في أوقات حرجة تمر بها البلاد، بعد رحيل الإخوان عن السلطة، عبر ثورة شعبية شهد لها القاصي والداني.
ومنذ اللحظة الأولى أعلن الرجل أنه نائب عام لكل المصريين، لا علاقة له بما يدور في أروقة السياسة من قريب أو بعيد، ولا علاقة له بأي صراع دائر بين السلطة وجماعة الإخوان الإرهابية.
رفض الرجل في أكثر من مناسبة التمديد أو التجديد لعدد كبير من متهمي الإخوان على خلفيات غير قانونية، فعندما ذهب له عدد كبير من المحامين العموميين يخبرونه أن لدى كل واحد منهم عددا من المحبوسين احتياطيا ليس عليهم أي أدلة، حتى الآن، تستدعي الحبس الاحتياطي، قال لهم الرجل إنني لن أدافع عنكم أمام الله يوم القيامة، وعلى كل محام عام منكم أن يواجه ضميره فإن أطمأن إلى أوامر الحبس أصدرها، وما لا تطمئنوا إليه افرجوا عنهم في الحال، وقد كان، فتم الإفراج في ذلك اليوم عن أكثر ثمانمائة متهم كانوا محبوسين احتياطيا على ذمة قضايا عنف.
وفي واقعة أخرى مشهورة جاءه المستشار إبراهيم صالح المحامي العام الأول لنيابات غرب القاهرة، والذي حقق في قضية الاتحادية الشهيرة، وقال له بالحرف إنه غير مطمئن لإسناد تهمة القتل للرئيس المعزول محمد مرسي وباقي المتهمين في القضية، وإن ما لديه ومقتنع به ومطمئن إليه هو جرائم الخطف والاحتجاز والتعذيب، فقال له إنني لن أكون معك ساعة الحساب، افعل ما يتوجب عليك مهنيا وضميريا، وقد كان وتم استبعاد تهمة القتل عن الرئيس المعزول محمد مرسي ورفاقه، وأصدر القاضي الجليل حكمه على مرسي العياط بالسجن عشرين عاما وسط حالة من الذهول والاستهجان في أوساط المصريين، لتوقعهم الحكم بإعدام مرسي في هذه القضية، ومرة أخرى لم يعبأ الرجل بكلام الناس ولا بمشاعرهم.
وقد قابلتُ النائب العام بمكتبه قبل أسبوع بناء على طلبه، كنت أناقشه في قضية معينة، وكرر الرجل لي ما قاله أكثر من مرة في العلن، إنه نائب عام للتسعين مليون مصري، وأنه يعلم أنه سيلاقي الله وحيدا ليسأله عما فعل وأقسم لي أنه يراعي الله ويحتكم لضميره في كل قرار يصدره، وعندما قلت له إن الإخوان يعتقدون أنك تتلقى تعليماتكم من الرئاسة، ابتسم الرجل وقال لي: أقسم بالله ما من أحد في مصر يستطيع الاتصال بالنائب العام أو توجيهه لفعل شيء ما، وأضاف الرجل: وللأمانة لم يحدث أن فعلها لا الرئيس السيسي ولا أحد في مكتبه على الإطلاق.
هكذا كان المواطن هشام بركات الذي اغتاله الإرهابيون اليوم بتوجيه من قادة الجماعة الإرهابية، ليسطروا أمام الله وأمام المصريين والعالم أجمع صفحة جديدة من جرائمهم التي لن يفلتوا بها لا في الدنيا ولا في الآخرة إن شاء الله.