من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا"
نُشرعلى موقع البوابة نيوز، الأربعاء 28أكتوبر2015
كان يمكن أن أتصدى- بغضب- لكل من تجرأوا علىّ بكلامهم السخيف وغير المنطقى، كان يمكن أن أقف لهم، فلدىّ ما أقوله، فلا أحد يكتب ضدى إلا مدفوعًا أو ممولا أو خادمًا، يعرفون أنفسهم، ويعرفون من أى بئر عفنة يشربون، لكننى لن أخفيكم سرًا أننى أتعاطف مع كل من هاجمنى، وأشفق عليهم، فالحزن يأكلهم، ويحرمهم من النوم، بعد أن احتشدوا جميعا من أجل أن يحولوا بينى وبين الناس فى معركتى الانتخابية.
إننى أتفهم غضبهم، أجد لهم مبررًا فى أن يخرجوا عن شعورهم، وهم يكتبون ما أضعه تحت قدمىّ، وأكمل مسيرتى مع الناس إلى الأمام، فقد بارت تجارتهم، خاب مشروعهم، كان اختيار الناس لى فى دائرتى الانتخابية، رسالة إلى الجميع، أن الناس لا يركنون إلى من يناصبون الوطن العداء، من يخططون لتفتيته، وتقسيمه، من تآمروا عليه بعد أن قبضوا الثمن.
كانت الرسالة واضحة، فكل من منحنى صوته، قال إنه ضد سماسرة الوطن، يفرقون جيدا بين من خرجوا للثورة مطالبين بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ومن تاجروا باسم الثورة، وجمعوا الثروات الطائلة على حسابها، كل من أعطانى ثقته رفض كل من وقفوا فى الميادين المتهافتة يهتف بسقوط حكم العسكر، عرفوا أن الجيش هو حاميهم وحصنهم الحصين الذى يركنون إليه فى اطمئنان، فاختاروا من يدعم الدولة المصرية، ويقدر دور جيشها، وأعطوا ظهورهم لمن يناصبونه العداء.
أعرف أن الرسالة كانت قاسية، أدخلت كل الفئران المذعورة جحورها، فلا أحد يستطيع أن يقف أمام الشعب، ولا أن يزوّر إرادته، وكان عجيبا أن يهاجم مرتزقة الصحف من منحونى أصواتهم، وكأنه مطلوب من الناس أن يوافقوا على بيع وطنهم وهم صامتون، مطلوب منهم أن يمرروا مخططات تفتيت الوطن وهم مبتسمون، أليس هؤلاء من يتغنى بهم المدعون، أليس هذا الشعب من ينافقه تجار الثورات، حتى يستخدموه فى الحشد لتحقيق أهدافهم، ما الذى أغضبكم من الشعب الآن، وجعلكم تسبونه وتلعنونه، وتهيلون عليه التراب؟
إننى أضع أصوات من قالوا كلمتهم لأجلى فوق رأسى، ليس لأنهم منحونى ثقتهم فقط، ولكن لأنهم أسقطوا كل أساطير الزيف، التى نسجها من ارتضوا التعاون مع أعداء الوطن لتدميره، من ركنوا إلى الإخوان المسلمين وسعوا إلى كسب رضاهم، من حول العمل الثورى المشروع إلى سبوبة، هؤلاء الذين يسبحون باسم المال، وليذهب بعدها الوطن إلى الجحيم.
لقد عاهدت نفسى ألا ألتفت إلى من يضعون أنفسهم فى غرفة الخدم، يكتبون منهم ما يملى عليهم، فهؤلاء مرتزقة، مصيرهم إلى صناديق الزبالة فهى الأوْلى بهم، وقد يكون من الأفضل أن يذهبوا إلى طبيب نفسى، علهم يحصلون على علاج يخففون به وطأة الألم النفسى الذى يحاصرهم بعد أن قال الناس كلمتهم التى كشفت عارهم وعريهم وسقوطهم، فقد وقفوا على حافة الهاوية، أقنعوا أنفسهم طويلا أن الناس تقف إلى جوارهم، فإذا بهم يجدون أنفسهم فرادى، انفض عنهم الناس بعد أن اكتشفوا زيفهم وحقدهم وكراهيتهم لكل من يقف فى صف هذا الوطن.
إننا أمام حالة من السقوط الكبير، رجال أعمال أنفقوا الملايين، ومذيعين خصصوا برامجهم للهجوم، وكتاب أعمدة صحفية تجاوزهم الزمن، يعتقدون أنهم مؤثرون، رغم أنه لا أحد يعرفهم حتى من يجاورونهم من صحفيين فى نفس الصفحة التى يكتبون فيها، خاضوا فيما لا يعرفون، كشفهم جهلهم، وبان حقدهم على الناس، وظهر للجميع أننا أمام كُتّاب يعيشون فى غيبوبة، وبدلا من أن يبحثوا عن أسباب فشلهم، يوجهون سهام غضبهم إلى من اتفق عليه الناس، واختاروه، وأدركوا أنه يقف فى صفهم.
أعاهدكم أننى لن أتوقف عند هؤلاء كثيرا، فما الذى يستفيده الناس عندما أشتبك مع سفيه أو جاهل أو متآمر؟! لدينا مشاريع كبرى، وأفكار كبرى، ومستقبل ينتظر منا أن نعمل، أن ننجز من أجل الوطن، أما هؤلاء فإننا لا نراهم، سأتركهم لغضبهم يأكلهم، سأدعو الله لهم أن يشفيهم من أمراضهم النفسية، وأن يمن عليهم بأن يروا أنفسهم فى مرآة الحقيقة، علهم يدركون أنهم انتهوا تماما، وأن بسطاء هذا الوطن يميزون الخبيث من الطيب، ولن يثقوا إلا في من يُعلى شأنه ومصلحته.