الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: رسالة لمن منحوني محبتهم قبل أصواتهم

نُشرعلى موقع البوابة نيوز، الخميس 22 أكتوبر 2015

نشر
عبد الرحيم علي


كنت أراهن على الناس، شعب مصر الطيب صاحب المعجزات، فلم يخذلونى، وكنت أثق فى الله ثقة مطلقة، فلم يتخل عنى.

وكنت أعرف أننى أخوض معركتى، ووطنى فى قلبى، فلم تهزنى محاولات من خططوا ودبروا ونفذوا وأنفقوا الملايين، ليحولوا بينى وبين الناس، فقد مكروا مكرهم، لكن مكر الله أشد.

لقد قرأت محبة الناس الصادقة فى عيون من قابلتهم، فى أحياء الدقى والعجوزة والحيتية وميت عقبة وأرض اللواء وبين السرايات وأولاد علام، كانت دائرتى الانتخابية خلال أيام الجولات الانتخابية تضاهى عندى الدنيا وما فيها، فأهلها أهلي، لم أذهب إليهم لأسمع مشاكلهم، فقد كنت أعرفها، تعهدت لهم أن أبذل كل ما أستطيع لإنجاز ما هو حق لهم فى حياة كريمة ومحترمة، ومستقبل آمن لأولادهم، وهو ما سأكون حريصًا عليه من هذه اللحظة.

لقد تعرضت خلال حملتي الانتخابية لحملة ضارية، حاول من وقفوا وراءها تشويه صورتى، نسبوا لى ما لم أقله، نسجوا حولى حكايات تصل إلى درجة الأساطير (وهذا حديث يطول)، لم ألتفت لما قيل، فليس لدى وقت أضيعه فى تفاهات الصياد، لكنى توقفت عند تصريح واحد نسبوه لى، وهو أن أهالى الدائرة ردوا لى الجميل.

اعتبرت هذا التصريح محاولة قذرة للإيقاع بينى وبين أهالى دائرتى، توقفت أمامه قليلًا، لأقول لهؤلاء: كم أنتم بؤساء ومساكين وتستحقون الشفقة، فليس بينى وبين أهلى وناسى جميل، فما قمت به خلال سنوات عمرى، كان ردًا لجزء بسيط من جميل هذا الوطن علينا جميعًا، هذا الوطن الذى لو ظللنا عمرنا كله نعمل من أجله فلن نوفيه حقه.

ثم إننى مدين بالفعل لأهل دائرتى، ليس لأنهم منحوني أصواتهم، ولكن لأنهم منحوني محبتهم قبل تأييدهم، شعرت وأنا أصافحهم وأجلس معهم وأدخل بيوتهم، أننى لم أغادر بيتى الذى نشأت فيه بين أحضان أبى وأمى، لقد منحنى الناس شحنة إيجابية وطاقة بلا حدود، رأيت فى عيونهم رغبة فى العمل، وإخلاصًا فى حب وطن يحميه أبناؤه المحبون بكل ما يملكون، وتذكرت من يحاولون جلد هذا الشعب متهمين إياه بالسلبية والتقصير، إنهم يقولون ذلك، لأنهم لا يعرفونه جيدًا، لم يجلسوا إليه ولم يسمعوا منه، يتحدثون عن شعب لا يعرفونه، وأثق تمامًا أنه لا يريد أن يعرفهم.

لقد اكتشفت نفسى من جديد وأنا بين الناس، قضيت سنوات طويلة من عمرى أبحث وأكتب وأقاوم تيارات العنف والتطرف بقلمي وكلمتى، ولا يسعد الكاتب شىء أكثر من شعوره أن هناك من يتابعه ويقدر دوره وما يقوم به، وهو ما شعرت به بين الناس، لم يضع العمر هدرًا، ولم تتبدد آثار المعارك التى خضتها، مستجيبًا لمعرفتى أن هذا الشعب يستحق أن نعمل من أجله، بل يستحق أن نحمل رقابنا على أكفنا ونقدمها له هدية متواضعة.

إننى أجدد عهدى مع من انحازوا لوطنهم، من قالوا لا فى وجه أباطرة المال السياسى وبارونات الإرهاب، من رفضوا أن يتم استغلالهم ليصعد على ظهورهم، من لا يرون فى هذا الوطن سوى خزانة أموال يغترفون منها، يتاجرون به، ثم يدعون كذبًا وزورًا على شرفائه ما ليس فيهم.

لن أستطيع أن أوفى كل امرأة ورجل، كل شاب وشابة، كل طفل وكل طفلة، كل مواطن بسيط يسعى ليعيش بكل كرامة وحرية وشرف، حقوقهم جميعًا، لكنى سأعمل من الآن لتكون مصر وطنًا للجميع، نحميها بأرواحنا من كل شر يراد بها، لقد بدأنا المعركة الكبرى من أجل هذا الوطن، فالوطن ليس اختيارًا، ولكنه قدرنا جميعًا، مدوا أيديكم لنعمل معًا، والله معنا جميعًا.