السبت 23 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: وتستمر معارك الوطن

نُشربموقع البوابة نيوز، لأحد 24 أبريل 2016

نشر
عبد الرحيم علي


قدري أن أواجه، أن أظل فى ساحة المعركة حتى النهاية، لقد عاهدتكم ألا أضع سيفي إلا بعد أن يخلص هذا الوطن لأبنائه، وألا أتراجع عن عهد قطعته معكم إلا بعد أن نقضى على كل خفافيش الظلام، وكل تجار الأوطان، الذين لا يبحثون إلا عن مصالحهم الخاصة، غير عابئين بمصير هذا الوطن الذى تتخطفه الذئاب. 

لقد هالنى ما جرى خلال الأيام الماضية، ففى الوقت الذى كانت تستقبل فيه القاهرة عددًا من ملوك ورؤساء وأمراء ومسئولى العالم الكبار، يتباحثون خلال لقاءاتهم مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مصير ومستقبل المنطقة، فى ظل تكتلات إجرامية تريد بمصر شرًا، كان هناك من يخطط بليل للسيطرة على البرلمان المصرى لصالحه فقط. 

وفى الوقت الذى نجحت فيه مصر فى مواجهة كل محاولات تقزيمها وعزلها دوليًا، من خلال افتعال أزمات تافهة من حولها، ووقفت على قدميها صلبة عفية رافضة كل ما يراد بها ومنها، كان هناك من يعقد اجتماعات مطولة ليحصل على مكاسب صغيرة وبلا قيمة، بأن يبدو أنه الأقوى تحت قبة البرلمان. 

وفى الوقت الذى تواصل الحكومة فيه العمل، لا تنقطع عنه ليلا ولا نهارا، فى محاولة منها لتنفيذ المشروعات الكبرى التى يعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، كان هناك من يتجاهل ذلك كله، ويعقد الصفقات الانتخابية ليقف فى صدارة المشهد، دون أن يكون مؤهلا ولا مستحقًا لذلك من الأساس. 

لقد دخلت مجلس النواب وأنا على ثقة تامة أنه يمثل مشروع دولة 30 يونيو، الدولة التى ضحينا من أجل خروجها للنور، وسنضحى من أجل أن تبقى، قررت أن أرشح نفسى لرئاسة لجنة الشئون العربية، وأنا على ثقة تامة أنى سأمنحها الروح التى افتقدتها طوال السنوات الماضية، كان لدى مشروع متكامل، ولم أكن طامعا فى شيء. 

لكن فى لحظة معينة قررت أن أنسحب، ليس من المعركة، فأنا لا أنسحب أبدًا من المعارك، ولكنى انسحبت من مهزلة، ولدى من التفاصيل ما لو ذكرته لوضعت كثيرين فى حرج بالغ، لكن وكما يقولون: لكل حادث حديث، وليس كل ما يُعرف يُقال. 

كان بيانى الذى أعلنت فيه انسحابى من انتخابات لجنة الشئون العربية واضحًا، وضعته أمامكم، حتى لا أخفى عليكم أسبابى ودوافعى، كنت حريصًا فى هذا البيان أن أؤكد على معانٍ واضحة جدًا، ويمكننى أن أجملها لكم فى نقاط محددة. 

أولًا: لقد خضت انتخابات مجلس النواب فى دائرة الدقى والعجوزة، حاملًا ومعبرًا عن مشروع ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وانحازت غالبية الجماهير من الناخبين لهذا المشروع الوطنى وشرفتنى بتمثيلها من الجولة الأولى، وكنت أول عضو يعلن فوزه ببرلمان 30 يونيو، وأقسمت تحت قبة مجلس النواب، على رعاية مصالح الشعب واحترام الدستور والقانون، وعاهدت نفسى أن استمر وفيًا ومخلصًا للمشروع الوطنى الذى أحمله وأعبر عنه أنا وعدد كبير من نواب المجلس رغم ما واجهنا من صعوبات عديدة من بعض القوى خارج المجلس وداخله المعادين لهذا المشروع الوطنى، مشروع ثورة 30 يونيو. 

ثانيًا: جاءت لحظة الاختبار الحقيقى، ومع قرب إجراء انتخابات رئاسة اللجان النوعية لهذا المجلس، قفزت القوى المعادية لمشروع 30  يونيو والمعبرة عن مشروع ما قبل ثورة 25 يناير، لكى تدفع بوجوه وأشخاص يعبرون عن مشروع ما قبل 25 يناير، لتولى رئاسة لجنة الشئون العربية، وهى نفس الوجوه التى تولت رئاسة اللجنة فى برلمان 2005-2010 دون أن تقدم ما يجعلها مؤهلة وقادرة على قيادة اللجنة فى هذه المرحلة التاريخية والمهمة من حياة مصر وشعبها، وتطلع هذا الشعب لدور بارز فى تحرك برلمانى واعٍ وقوى لدعم مسيرة العلاقات المصرية العربية، ومساندة توجهات القيادة السياسية للرئيس عبدالفتاح السيسى.

ثالثًا: هالنى ما شاهدته بنفسى من ممارسات غير ديمقراطية من أجل السيطرة على رئاسة هذه اللجنة، وحشد أكبر عدد من النواب والموالين لهذه الوجوه، من خلال ما يسمى ائتلاف دعم مصر، وأن مصر بريئة من هذا الائتلاف، بل تجاوز ذلك إلى الحصول على بيعة من بعض النواب لصالح مرشح الائتلاف، لرئاسة هذه اللجنة مع تقديرى واحترامى لخيارات الزملاء، إلا أنها ليست خيارات بإرادة حرة، ولكنها خيارات تحت ضوابط الائتلاف، وأيضا تحت التزامات البيعة، والتى سبق للشعب المصرى أن ثار على المبايعين للمرشد، لكى تعود البيعة من جديد وفى ثوب وشكل جديد. 

رابعًا: الغريب أن اللجان البرلمانية المرتبطة بمصالح وخدمات الجماهير الملحة والمباشرة، ضمت عددًا لا يزيد على أصابع اليدين، كما هو الحال فى لجنة الصناعة، بينما لجنة الشئون العربية ومن أجل إزاحة صاحب مشروع ثورة 3 يونيو ضمت 42 عضوًا لأول مرة فى تاريخ هذه اللجنة البرلمانى على مدار الحياة النيابية لمصر، بل وفى نفس الفترة التى رأسها المرشح لتولى رئاستها مرة أخرى.

خامسًا: إن ممارسة الديمقراطية التى كنا نتطلع لها فى هذا البرلمان، قد ذهبت أدراج الرياح، فى ظل هذه الممارسات، وفى ظل عودة البيعة وعودة ممثلى مشروع ما قبل 25 يناير، ما يدفعنى إلى إعلان اعتذارى وانسحابى من خوض معركة أشبه بتمثيلية هزلية ومسرحية كوميدية، من تأليف وإخراج بعض قيادات ما يسمى بائتلاف دعم مصر، وحتى لا أعطى لهؤلاء صك البراءة من الاتهامات التى سوف تلاحقهم وتطاردهم، بعد أن انكشفت عورة هؤلاء داخل البرلمان وخارجه، فليتولوا رئاسة هذه اللجنة ولكنهم لن يهنأوا بها كثيرًا، لأنهم لم يتعلموا من دروس الماضى القريب والبعيد. 

سادسًا: أقسمت فى نهاية بيانى بأننى لن أترك ما حدث دون أن أكشف كل المشاركين فيه سواء بالتحريض أو بالصمت أو بالخضوع للبيعة والضغوط، وإسقاط ممثلى مشروع ما قبل 25 يناير، تحت قبة هذا المجلس، لأن رئاسة اللجنة لن تمنحهم حصانة من غضب الشعب المصرى عليهم. 

بعد ساعات من بيانى تحقق ما تنبأت به، قام ائتلاف دعم مصر بعملية تكويش على البرلمان، معيدين إلى الأذهان ممارسات الحزب الوطنى الاستبدادية التى أوردت الوطن موارد التهلكة، إنهم يحاولون خداع الجميع بأنهم يعملون على تأسيس ظهير سياسى للرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو برىء منهم براءة كاملة، إلا أنهم لا يكفّون عن الكذب، الذى لن ينفعهم كثيرًا. 

إننا نعمل من أجل مستقبل هذا الوطن، لن نترك من يحاولون التجارة به أن يسطوا عليه مرة أخرى، هذه معركتنا الكبيرة التى لن ننسحب منها أبدًا، واعتبروا أن هذا وعد مني لكم، وأنا الذى لم أخلف معكم وعدًا أبدًا.