الأحد 24 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: ترحيب خاص بالملك سلمان في القاهرة

نُشر بموقع البوابة نيوز، الأربعاء ٦ أبريل ٢٠١٦

نشر
عبد الرحيم علي

تأتى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فى وقت تعصف فيه المؤامرات بالوطن العربى.

من سوريا إلى العراق، إلى لبنان، إلى اليمن، وإلى مصر، والسعودية، ينتشر دعاة الفوضى وتدمير الأوطان.

تعيد هذه الزيارة إليَّ دعوة كنت قد أطلقتها بعد ثورة ٣٠ يونيو المجيدة بضرورة تدشين تحالف استراتيجى بين القاهرة والرياض لمواجهة مخططات تقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية بشعارات ظاهرها الحرية والديمقراطية.

إن هذا الرجل له مكانة خاصة، فهو الملك السابع ضمن أسرة عبدالعزيز آل سعود، المؤسسة للدولة السعودية الثالثة، والابن السادس من أبناء الملك المؤسس الذى يتولى مقاليد السلطة فى المملكة منذ إنشائها عام 1932، سبقه من أبناء عبدالعزيز آل سعود كل من: الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، (1953- 1964)، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، (1964- 1975)، والملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، (1975- 1982)، والملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، (1982- 2005)، والملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، (2005- 2015).

وهو رابع أمير سديرى، من أصل سبعة -نسبة إلى انحدارهم من أم واحدة هى الأميرة حصة بنت أحمد السديرى- يصل لمنصب ولى العهد، وهم: الأمير فهد بن عبد العزيز، والأمير سلطان بن عبد العزيز، والأمير نايف بن عبد العزيز وأخيرا هو شخصيا، وقد وصل اثنان منهم إلى منصب الملك وهما الملك فهد بن عبد العزيز، أكثر ملوك آل سعود مكوثا فى السلطة حيث حكم المملكة من عام 1982 وحتى 2005، ثم الملك سلمان بن عبد العزيز. 

ولعل فترة حكم الملك فهد هى التى مكنت للأمراء السديريين فى الحكم، وربما يدور التاريخ دورته مرة أخرى، ليعود مجد السديريين، بعد وصول عميدهم الملك سلمان بن عبد العزيز إلى سدة الحكم.

وبقدر ما هى معقدة، علاقات الأسر الحاكمة فى الملكيات القائمة فى الخليج، فإن أعرافا متعددة وعريقة وقديمة نمت وتطورت طوال عقود طويلة، حمت تلك الممالك والدول من أى صراع على السلطة، وهو ما كذب دائما تكهنات البعض بوجود خلافات داخل تلك الأسر قد تعصف بتلك الممالك، وذلك عند اقتراب أى استحقاق لنقل السلطة، سواء بسبب الوفاة أو المرض العضال، وسواء كان ذلك متعلقا بمنصب الملك أو منصب ولى العهد، وقد حظيت المملكة العربية السعودية -بالطبع- بالجزء الأكبر من تلك التكهنات والتعقيدات، بحكم كونها الشقيقة الكبرى والدولة الأقدم وسط دول وإمارات الخليج.

وكالعادة، وبحكم تلك الأعراف العريقة والقديمة، جاء اختيار الملك سلمان بن عبد العزيز، ملكا سابعا للمملكة، أمرا سهلا يسيرا لم تكتنفه أى عقبات، باعتباره ولى العهد الشرعى للبلاد، ولكن المفاجأة كانت فيما قام به الملك الجديد الذى رأى تأرجح المملكة بين أزمات واضطرابات إقليمية تحيطها من كل جانب، بين «التهديد» (النووى - الشيعى الإيرانى)، والحرب الدائرة مع جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر، والمشكلات التى تسببها شيعة البحرين وحوثيو اليمن، و«الأزمة» السورية وتمددها نحو الأردن ولبنان والعراق، ومستقبل أفغانستان، والعلاقة مع باكستان، وأمن الطاقة، وما تقوم به القيادة التركية وحزبهم الحاكم فى المنطقة، الأمر الذى يجعل المملكة تعيش أوضاعا هى الأكثر حساسية منذ تأسيس دولتها السعودية الأولى فى العام ١٧٤٤. 

فأراد الملك الشجاع -وفق ما أرى- أن يقدم وبجرأة على ما لم يستطع أن يقدم عليه أحكم وأشجع الملوك الذين حكموا المملكة من أشقائه، وفى مقدمتهم، حكيم العرب الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو تعيين واحد من أمراء الجيل الثاني، جيل الأبناء، هو الأمير محمد بن نايف ، فى منصب  ولى العهد، والنائب الثانى لرئيس الوزراء، مع احتفاظه بمنصب وزير الداخلية، وهو ذات المنصب الذى تولاه والده من قبل الأمير نايف بن عبدالعزيز، عندما كان وليا لولى العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، وهو أيضا ذات المنصب الذى كان يتولاه ولى العهد السابق الأمير مقرن بن عبد العزيز، أصغر الموجودين على قيد الحياة من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود سنا.

وربما أيضا يقوم الملك باصطياد عصفورين بحجر واحد، تأمين الانتقال السلمى والسلس للسلطة فى البلاد للجيل الثاني، جيل الأبناء، ورد الجميل للأمير محمد وأشقائه وأبناء عمومتهم من الأمراء السديريين، الذين وقفوا معه ودعموه ليتولى منصب ولاية العهد خلفا للأمير نايف بن عبد العزيز، ذلك المنصب الذى فتح الطريق أمامه على مصراعيه لتولى زمام الحكم فى المملكة كملك سابع لها.

ولكن وبرغم كل تلك التكهنات، يظل ما فعله الملك سلمان عملا عظيما يحسب له، ويوضع فى ميزان حسناته، أمام الله -سبحانه وتعالى- وأمام الشعب السعودى، فى وقت تحتاج فيه الأمة العربية، وفى القلب منها المملكة العربية السعودية، أشد ما تحتاج، إلى رسم خريطة واضحة للانتقال السلمى والمنظم للسلطة، حتى لا يستغل أعداء الأمة تلك الثغرة ويعصفون بها.