من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: معنى أن يكون الملك سلمان في مصر
نُشر بموقع البوابة نيوز، الخميس ٧ أبريل ٢٠١٦
حاولوا كثيرًا أن يفسدوا العلاقة بين البلدين الكبيرين، حاولوا أن يصنعوا الفتن فى طريق صلات الرحم والدم والمصير المشترك، عزفوا على لحن الفُرقة والتفرقة، نهش الإعلام الغربى المُغرض فى أواصر الصداقة بين جناحى الأمن القومى العربى مصر والسعودية، لكن الملك الحكيم أفسد على الجميع خططهم التى نسجوها بليل، عندما خطا على أرض مصر وسط ترحيب رسمى وشعبى هائل.
كانت الروح التى استقبل بها الشعب المصرى كله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تعبيرا عن أنه صاحب بيت، كثيرون يأتون القاهرة ويرحلون عنها، تستقبلهم بشكل رسمى فيه تقدير واحترام يليق بضيوف العاصمة الكبيرة، لكن الملك سلمان نال من القاهرة وأهلها التقدير والاحترام والود والمحبة.
أتخيل خادم الحرمين الشريفين وهو يصافح هواء القاهرة فى أول زيارة رسمية له إلى مصر منذ توليه مقاليد الحكم فى المملكة العربية السعودية، قد تذكر عندما تطوع للدفاع عن مصر فى عام 1956، عندما أرادها أعداؤها بسوء، جاء هو وإخوته للدفاع عن قلب العروبة النابض، مدفوعين بحبهم لها وخوفهم عليها، وكأن الأقدار تسوق هذا الرجل إلى مصر فى أوقات بعينها، كأنه مقيد لمساندة مصر والدفاع عنها، فهو يأتى هذه المرة وبعد كل هذه السنوات الطويلة، ومصر محاطة بمؤامرات عديدة داخلية وخارجية، مستهدفة من خصوم على استعداد للنيل منها بأى ثمن، جاء ليقول للعالم كله من القاهرة، إن أمن مصر من أمن المملكة العربية السعودية، جاء ليقول: إنه لن يستطيع أحد على الإطلاق أن يفك حالة الارتباط القدرية التى جمعت بين مصر والمملكة.
يأتى على هامش الزيارة توقيع اتفاقيات اقتصادية بمليارات الجنيهات، فى إشارة إلى أن المملكة تقف اقتصاديًا إلى جوار مصر، لأن هناك من يعمل بدأب شديد على إنهاكها اقتصاديًا حتى تركع، ومعنى الاستثمارات السعودية فى هذه اللحظة ليس اقتصاديًا فقط، ولكنه سياسى أيضًا، فلن تسمح المملكة بتركيع مصر أبدًا، لأنها تعلم أن من يريد شرًّا بمصر، لن يتوقف أبدًا عند حدود القاعدة، بل سيمتد بأطماعه إلى الرياض، ولذلك تأتى الزيارة تأكيدًا على الخطر المشترك والمصير المشترك أيضًا.
إننى أرصد للتاريخ أن هذه الزيارة التى يقوم بها الملك سلمان ستدخل من الباب الواسع لتاريخ مصر، وستذكرها الأجيال القادمة بإجلال وإكبار، لأنها زيارة تأتى فى وقت يهدد الإرهاب الأسود الجميع، وتقف فيه خفافيش الظلام متراصة على حدودنا لتقطع رقابنا بلا رحمة، لتؤسس لجمهوريات العمالة والخوف، وعندما يمسك الملك سلمان بيد شقيقه الرئيس عبدالفتاح السيسى متحدين ضد الإرهاب ومن يقف خلفه، فإننا يجب أن نعترف بعبقرية المشهد وبراعته.
إننا نُجدِّد الترحيب بخادم الحرمين الشريفين، نقول له: هذا وطنك وبيتك الثانى، جئت من أجل ما بنته الأقدار بين مصر والسعودية من علاقات ومصير، ونحن جميعًا نقف خلفك وخلف القيادة المصرية التى تعمل من أجل أمن وأمان المنطقة، فنحن فى معركة مصيرية، ولن تجدونا إلا جنودًا مخلصين للوطن فيها.