الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: رسالة مفتوحة للسيد الرئيس

نُشر هذا المقال بموقع البوابة نيوز يوم الإثنين 10/أبريل/2017

نشر
عبد الرحيم علي

يبدو أننا نحتاج بعد كل هذا الوقت، وبعد كل ما فعلناه من أجل هذا الوطن، أن نُعيد توضيح مواقفنا لكى يصادر رأينا من يصادر عن بَيِّنة، ولكى يصل موقفنا كما يجب أن يصل خالصًا من شوائب التوصيل المجانى، حيث تُحرف الكلمات والجُمل عن مواضعها؛ لذا يجب أن نتحدث بصراحة مطلقة موجهين حديثنا للسيد الرئيس مباشرة، فمن حقنا، وقد اخترناه عن قناعة، وأيدناه عن إيمان عميق به، وبمشروعه أن يسمعنا، خاصة فى هذا الظرف الدقيق الذى تمر به البلاد.

بداية فأنتم تعلمون، يا سيادة الرئيس، موقفنا جيدًا من جماعة الإخوان الإرهابية، وتعلمون ما عانيناه على خلفية موقفنا الحاسم والحازم منها، ووقفتنا ضدها وضد أفكارها وتحركاتها وحلفائها منذ حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وحتى صعودهم إلى قمة السلطة بعد ثورة يناير 2011 مرورًا بثورة 30 يونيو، وما حدث بعدها من مواجهات.

تعلمون جيدًا يا سيادة الرئيس موقفنا من المعزول محمد مرسى العياط منذ اللحظة الأولى لتوليه السلطة فى مصر، وتعلمون أننا واجهناه وحدنا فى ديسمبر 2012، ولم يكن مضى على حكمه سوى أربعة أشهر حيث قدمنا ضده بلاغًا نتهمه فيه بالخيانة العظمى والتخابر مع دولة أجنبية، لم يقف معى ساعتها سوى أعضاء أسرتى الصغيرة، بناتى الثلاث وابنى وزوجتى، كنت وحدى فى مواجهة جماعة إرهابية شرسة لها أعوانها فى الداخل والخارج، وكان جهاز الأمن ينصحنى وقتها أن أنسحب من المعركة، كل أجهزة الأمن، على اختلاف مسمياتها، كانت تنصحنى بالانسحاب، فهى معركة كبيرة لا يجب أن أخوضها وحدى، تلك كانت رؤيتهم آنذاك، ولكننى كنت مؤمنًا، أن للحكومات ضروراتها، وللشعوب خياراتها، مؤمن أن لأجهزة الأمن ضروراتها التى تحكمها كمؤسسات أمنية، تعمل مع رئيس منتخب، أيّا كان رأيها فيه، ولى، كسياسى وصحفى، خياراتى باعتباره لا يمثل بالنسبة لى سوى «جاسوس» لا يجوز أن يتربع على عرش هذا البلد الأمين. هكذا كان موقفى منذ البداية وحتى قيام ثورة 30 يونيو.

يعلم الله مدى ما عانيته أنا وأسرتى طوال شهور عديدة، ونحن نعد الناس فى الشوارع وفى الميادين برحيل تلك الجماعة الإرهابية فى غضون فترة زمنية لم تتجاوز العام، وقبيل ثورة 30 يونيو بأيام معدودة جلست مع عدد كبير ممن كانوا يتحكمون فى الأمور الأمنية فى هذا البلد، أستطيع أن أتناول أسماءهم اسمًا اسمًا، قلت لهم بوضوح شديد: أنتم معنا أم علينا؟ سننزل يوم 30 يونيو لدحر الإخوان، وكانت قولتهم التى ما زالت ترن فى أذنى حتى اليوم: إنها بلدكم أنتم فإن نزلتم بالملايين فى الشوارع سندعمكم وإن لم تنزلوا فى الميادين بالملايين سنحمى الشرعية.

تلك كانت كلماتهم، والأسماء موجودة، وكل شيء مسجل لدىّ باليوم والساعة والدقيقة. لم نيأس جُبنا محافظات مصر من شمالها إلى جنوبها نحمس الجماهير كى تنزل إلى الشوارع. عقدنا الاجتماعات فى أنحاء القاهرة الكبرى على مرأى ومسمع من أجهزة أمن الإخوان، آنذاك، الذين كانوا يراقبون تحركاتنا، ليل نهار، حتى وصل بنا الأمر إلى النزول عشرات الآلاف إلى ميدان التحرير فى السابع عشر من مايو 2013 لنعد الناس من فوق منصة ميدان التحرير بأننا سنعيد الإخوان ورئيسهم إلى السجون مرة أخرى متهمين بقتل الثوار.

وكنا أول من نزل إلى الميادين منذ الثامن والعشرين من يونيو، وظللنا ماكثين هناك حتى صدور بيان 3 _7 _2013 .

لا نقول هذا منًا منّا على أحد، إنها مسئوليتنا الوطنية، لقد تعلمنا من تاريخ بلادنا أن نقول كلمتنا فى الوقت المناسب وباللغة المناسبة، لم تغب قضية الأمن القومى لحظة عن أعيننا، ونحن نواجه بعض من خانوا ثورة يناير، حينما أعلنا للعالم كله كيف خانوا هذا الوطن من خلال تسجيلات وصلت إلينا بطريق الصدفة، كنا قاب قوسين أو أدنى من محاكمات وصلت إلى 29 قضية، لكننا لم نهن، لم نرتجف قاومنا وحدنا لم يقف معنا أحد، ونحن نخوض القضية تلو القضية، وننزع عن هؤلاء الذين كانوا يستطيعون أن يدعوا الملايين للنزول فى الشوارع فيستجيبون، ورقة التوت التى كانوا يسترون بها عورتهم، وحدنا منعناهم من الخروج من منازلهم عندما فضحناهم علنًا على شاشات التليفزيون.

كانت تأتى لنا التعليمات من كل الجهات الأمنية، بلا استثناء، أوقفوا إذاعة التسجيلات، خاطبنا رئيس الجمهورية المؤقت آنذاك مطالبًا إيانا بوقف إذاعة التسجيلات، قدم الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء آنذاك، بلاغًا إلى النائب العام للتحقيق معنا فى إذاعة التسجيلات، وكنا نرى، وحدنا، أنها أهم عمل نقوم به من أجل بلادنا فى هذا التوقيت، خدمة للأمن القومى المصرى وحماية لهذا البلد.

وعندما بدأ الإرهاب يطل برأسه بعد 30 يونيو كنا أول من واجهناه بصدور عارية، ووضعت تلك الجماعات أسماءنا على قوائم الاغتيال ليخيفونا فلم نهن ولم نتخاذل، واجهنا بشجاعة كل مؤامراتهم حتى اليوم. دافعنا عن بلادنا فى الداخل والخارج كتبنا، وترجمنا، وقابلنا كل المسئولين الأجانب فى الخارج لنشرح لهم حجم الشر الذى تحمله تلك الجماعات التى نواجهها فى مصر، للإنسانية بشكل عام. 

جهزنا ملفًا ضخمًا بمن يؤذون الأمن القومى المصرى على الحدود الشرقية وفى قطر وفى تركيا، وقلنا إننا سنذهب إلى محكمة الجنايات الدولية لنقدم هذا الملف، ونحن الآن بصدد ترجمته. لم نطلب معونة من أحد، لم نطلب مساندة من أحد، لكننا كنا نرى أن ذلك هو دورنا الذى يجب علينا أن نقوم به دون مزايدة ولا إعلان.

وفى الحادثتين الأخيرتين عندما قلنا: إن هناك تقصيرًا أمنيًا يستوجب المحاسبة لم نخترق الأمن القومى بل كنا ندافع عنه، هذا حقنا يا سيادة الرئيس، الذى كفله لنا الدستور كصحفيين ونواب فضلًا عن كوننا مواطنين صالحين.

لقد ساندناك ونزلنا فى الشوارع نحمل صورك، وانتخبناك لأنك تحمل مشروع مصر المدنية الحديثة التى تؤمن بحرية الرأى والتعبير، فما الذى حدث لكى تصادر جريدتنا يا سيادة الرئيس، من حقنا أن نسأل، ومن حقنا أن يتم الإجابة علينا ما قلناه فقط، أن هناك تقصيرًا أمنيًا يجب أن يحاسب مرتكبوه، ماذا فى هذا الرأى من إساءة للأمن القومى تستوجب المصادرة، نحن نساندك نؤمن بك ونقف خلف جيشنا وشرطتنا، فقط هذا رأينا فلماذا لا تتسع الصدور له؟ نقولها بوضوح يا سيادة الرئيس حتى لا يصلك كلام مغاير، نحن نساند الدولة المصرية، نساند الرئيس الذى آمنا به ودعمناه ودعونا إلى انتخابه، نساند الأمن القومى المصرى، ونقف ضد من يعبث به ولو كان الثمن رقابنا، ونرى فيما حدث تقصيرًا أمنيًا يستوجب المساءلة.

الكلمة نور يا سيادة الرئيس، ونحن سوف نحمل مشاعلها طالما فى القلب نبض مهما كلفنا الأمر.