من أرشيف عبد الرحيم علي
عبد الرحيم علي يكتب.. عن معجزة المصريين: تحية للإيدين الشقيانة
أكتب هذه الكلمات وأنا بعيد عن أرض الوطن، لا أستطيع تلبية الدعوة الكريمة لحضور الاحتفال بالعيد الأول لافتتاح قناة السويس الجديدة، والعيد الستين لتأميم القناة، ولكننى ملآن بالفرح ولِمَ لا فمن حقى.
من حق المصريين أن يحتفلوا بإنجازهم، أن يفرحوا بما فعلوه، حتى لو شكك العالم كله فى أهميته وجدواه، بل عليهم أن يتأكدوا أنهم يسيرون على الطريق الصحيح، فأعداء هذا الوطن لن يتركوه أبدًا يصلب عوده، ومن يخططون لتركيعه لن يتوقفوا عن الكيد والإرهاب والتخريب، وهو ما يجعلنا نقف صفًا واحدًا فى مواجهة من يريدون بنا شرًا ولنا دمارًا.
أكتب هذه الكلمات ومصر تحتفل بالعيد الأول لافتتاح قناة السويس الجديدة، المشروع الحلم، الذى لا تأتى قيمته فقط من جدواه الاقتصادية التى شكك فيها كثيرون، وخططوا لإجهاضه وتشويهه، ولكن لأنه يأتى دليلًا على أن الإرادة المصرية لا يقف أمامها أحد، فإذا أراد هذا الشعب أن يحقق المعجزات فى زمن انتهت فيه المعجزات سيفعل، ولن يقف أحد فى طريقه.
ما زلت أتذكر هذا المشهد الأسطورى، اللواء كامل الوزير يقف أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أغسطس ٢٠١٤ يتحدث عن تصوره لمشروع قناة السويس الجديدة، يسأله الرئيس عن الوقت الذى يستغرقه العمل، فيجيب: ٣ سنوات يا فندم، فيشير له السيسى: لا سنة واحدة، فيرد كامل الوزير: عُلم وينفذ يا فندم.
من أين جاء هذا الرجل بكل هذا اليقين، ومن أين أتى بهذه الحماسة، ثم وهذا هو المهم كيف استطاع أن ينجز ما تعهد به؟ ففى أغسطس ٢٠١٥ كان العالم كله يشهد مع مصر الافتتاح الأسطورى لقناة السويس الجديدة.
الإجابة ليست بعيدة عنا، فهى تسكن روحنا، تحيط بنا، وتظللنا، إنها الإرادة المصرية، التصدى الذى ظهر فى عيون من حفروا القناة، فى الإيدين الشقيانة التى واصلت العمل ليلًا بنهار، لم تشك من تعب، ولم تنتظر عائدًا ماديًا، كان الذين يعملون هناك لا يرجون إلا وجه الله والوطن.
الاحتفال بالقناة ليس احتفالًا بحدث عظيم، أطل علينا منذ عام، ولكنه احتفال بقدرتنا على العمل، وإذا كان هناك من يتحدثون عن روح أكتوبر التى عبر المصريون بها حاجز الهزيمة فى ١٩٧٣، فيجب علينا أن نعلى من شأن روح القناة التى استطعنا من خلالها أن نعبر روح العجز.
لقد حاولوا أن يزرعوا فينا روح التخاذل، شككونا فى أنفسنا، لكن المعجزة المصرية لا تفنى، ولا يمكن لأحد أن يعطلها، لقد أثبتوا للعالم كله، أننا عندما نريد نفعل، بيننا رجال قادرون على خوض المعارك، ولم يكن حفر القناة الجديدة إلا معركة جديدة من معارك البقاء والبناء، وقد أثبتنا بالفعل أننا نستحق البقاء.
لا تلتفتوا إلى من أدمنوا التشكيك فى كل شىء، افرحوا بإنجازكم الكبير، انشروا فرحتكم فى كل مكان، أثبتوا للعالم أننا قادرون على الحياة، واصلوا العمل، حتى نثبت للجميع أننا من علمنا العالم، وما زلنا قادرين على تعليمه، اجعلوا من يوم الاحتفال بعيد القناة الأول، يومًا وطنيًا، علقوا علم مصر على شرفاتكم ونوافذ بيوتكم، قولوا للعالم إننا نجحنا، وهذا من أيام أعيادنا، افرحوا بأبنائكم الذين يحاربون فى كل الجبهات من أجل أن تبقى مصر، لأننا نستحق الفرحة.