من أرشيف عبد الرحيم علي
القيادي الأردني عبد المجيد الذنيبات خلال حواره مع عبد الرحيم علي: نعم للحوار مع المجتمع المدني الأمريكي
نُشر هذا الحوار في موقع “اسلام أون لاين نت” بتاريخ 25 إبريل 2005
إخوان الأردن: نعم للحوار مع المجتمع المدني الأمريكي
في إطار سلسة الحوارات التي تجريها "إسلام أون لاين نت" مع رموز الحركات الإسلامية المختلفة في العالم العربي لاستطلاع رأيهم حول توجه الولايات المتحدة للتحاور مع القوى الإسلامية "المعتدلة" بالمنطقة، كان هذا الحوار مع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن "عبد المجيد الذنيبات".
رأى "الذنيبات" في المقابلة أنه لا يوجد تغيير إستراتيجي في سياسة أمريكا الخارجية بالمنطقة العربية؛ لأنها لا تزال ترى الإسلام هو عدوها الأول، وأن القبول بالحوار مع القوى الإسلامية هو تكتيك أمريكي لتفهم القوى الأكثر شعبية للمخططات الأمريكية في المنطقة، وأكد أن الإدارة الأمريكية تنطلق لهذا الحوار من منطق القوة وإملاء سياستها.
وأعرب "الذنيبات" عن شروط الإسلاميين لقبول الحوار؛ وهي الانسحاب الأمريكي من العراق وأفغانستان، واتخاذها موقفا متوازنا من الصراع العربي الصهيوني في فلسطين. وشدد على أن جوهر الخلاف بين الجانبين يكمن في أن أمريكا تطرح شعارات لا يقابلها أي ممارسات ملموسة على أرض الواقع.
وأكد على أن الجماعة لا ترى جدوى من الحوار مع الإدارة الرسمية لأمريكا، لكنها في الوقت نفسه تفضل الحوار مع المؤسسات المدنية ومراكز الدراسات الأكاديمية الأمريكية، وصولا للفهم الحقيقي، وتحقيقا لمصالح الشعب الأمريكي والشعوب العربية والإسلامية على حد سواء.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقرءون تصريحات المسئولين الأمريكيين حول قبول الحوار مع الإسلاميين المعتدلين في المنطقة؟ وما هي دوافع هذا الحوار من وجهة نظركم؟
- بداية نأمل أن تكون الإدارة الأمريكية قد طرحت الحوار مع الإسلاميين المعتدلين الذين تعد جماعة الإخوان المسلمين عنوانا لهم من باب أن هذا الحوار يفتح الطريق أمام التفاهم مع الشعوب العربية والإسلامية، وهو ما أستبعده حاليا؛ لأن الإدارة الأمريكية كانت تصنف هذه الحركات ضمن الحركات الإرهابية في المنطقة..
والآن تعلم الولايات المتحدة أن هذه الحركات باتت تشكل تيارا شعبيا واسعا ذا تأثير في مقاومة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وبسبب إغراق أمريكا نفسها في وحل التدخل العسكري في أفغانستان والعراق وتفاقم خسائرها؛ فهي تفتش عن طريقة تحفظ لها ماء الوجه، وتحسن صورتها أمام الشعوب العربية والإسلامية؛ لذا بدأت في طرح إشارات تعبر عن قبولها للحوار مع المعتدلين الإسلاميين أو قبول مشاركتهم في الحكم.
هل يعني ذلك حدوث بعض التغيير في التوجهات الإستراتيجية للولايات المتحدة بالمنطقة يسمح بقبولكم للحوار؟
- أعتقد أن هذا التغيير في السياسة الأمريكية ليس تغييرا إستراتيجيا في سياستها الخارجية؛ فهي ما زالت تعتبر أن الإسلام هو العدو الأول لها، وهو الخطر الذي يهدد حضارتها وقوتها في العالم بعد سقوط الخطر الشيوعي من قبل.
ونرى أن مثل هذه الأطروحات لا يمكن الركون لها ما لم تشهد تغيرا حقيقيا ملموسا في سياستها الخارجية، وهذا لا يكون إلا بالانسحاب من العراق وأفغانستان وموقف متوازن من الصراع العربي الصهيوني في فلسطين؛ الأمر الذي نرى عكسه في واقع الأمر؛ فأمريكا ماضية في مخططاتها الاستعمارية وبسط سيطرتها على المنطقة، واحتواء خيراتها وامتلاك قرارها السياسي والاقتصادي والانحياز للعدو الصهيوني؛ ولذا فلا بد من كشف هذه المخططات، وتوعية شعوبنا بها حتى تبقى في مواجهة مع المخطط الأمريكي الصهيوني تقاومه وتمانع تنفيذه في واقع الأمر.
ما هو موقفكم من الحوار مع الولايات المتحدة؟ وما هي الشروط التي يمكن قبولها للدخول في مثل هذا الحوار؟
- الولايات المتحدة لا تريد حوارا حقيقيا مع القوى الإسلامية؛ لأنها تتصرف من منطق القوة وإملاء سياستها على الآخرين، ومن ثم فإنه سيكون حوارا لتفهم القوى الإسلامية للمواقف الأمريكية بالمنطقة والاستجابة لمخططاتها.
ولذا فنحن لا نرى جدوى من الحوار مع الإدارة الأمريكية الرسمية، لكن ليس لدينا أي مانع من الحوار مع المؤسسات المدنية ومراكز الدراسات الأكاديمية الأمريكية وصولا للفهم الحقيقي، وتحقيقا لمصالح الشعب الأمريكي والشعوب العربية والإسلامية، وهناك مؤسسات مدنية ورجال فكر أمريكيون غير راضين عن السياسات الأمريكية في منطقتنا، وينطلقون من المصالح الحقيقية لشعوبهم، ونحن لا نرى مانعا من محاورتهم والالتقاء معهم، على أن يكون هذا الحوار علنيا وشفافا.
هل يمكن القول بأن هناك مناطق مشتركة للتوافق بينكم وبين الإدارة الأمريكية؟ وما هي القضايا الرئيسية التي ترونها محل خلاف؟
- ترفع أمريكا شعار الحرية والديمقراطية والمدافعة عن حقوق الإنسان، ونحن مع هذا الشعار، ولكن للأسف فإن الترجمة الحقيقية لهذه الممارسات تخالف الواقع الذي تنتهجه الإدارة الحاكمة في أمريكا؛ فأين حرية الشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في شئونها الداخلية كما في أفغانستان والعراق والسودان وسوريا وغيرها...؟ وأين المحافظة على حقوق الإنسان في ظل ما يجري في سجون أبو غريب وجوانتانامو؟ وأين هي الدعوة إلى الديمقراطية في ظل دعمها للأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في بعض البلدان العربية والإسلامية؟ وأين الحديث عن حرية الشعوب في ظل مد العدو الصهيوني بكل أنواع الإمدادات المادية والمعنوية في عدوانه على حقوق الشعب الفلسطيني؟.
إن أمريكا تريد إصلاحات تخدم منهجها وإستراتيجياتها في المنطقة، وهي تردد شعارات لدغدغة أحلام الجماهير العربية والإسلامية المتعطشة للحرية والديمقراطية، ولتحسين وجهها أمام هذه الشعوب، وهذا جوهر الخلاف بيننا وبينها؛ فهي تريد شعارات فقط، أما الممارسات فهي عكس ذلك تماما.
ما هي آليات التغيير التي تفضلونها؟ الاستعانة بالجماهير أم الحوار مع الأنظمة؟
- نحن نفتح الباب للحوار مع الأنظمة أولا؛ فهذا نهجنا الحضاري في التحاور وإقامة الحجة على الأنظمة الحاكمة للانحياز إلى خيار الأمة في الاستقلال والحرية والسيادة والديمقراطية. وثانيا نعول على الجماهير للضغط على الحكام لانتزاع هذه الحقوق والانحياز لمصالح الأمة. فقوة الجماهير هي القوة الحقيقية التي يمكن أن تحقق التغيير، وقد رأينا ذلك في كثير من البلدان مثل أوكرانيا وغيرها...
ما رأيكم في استعانة البعض بالخارج لفرض التغيير والإصلاح؟
- نحن لا نستعين بالقوى الخارجية لإحداث تغيير في أوطاننا، وعلينا أن نتعظ بما جرى في بعض البلدان التي استعان بعض المعارضين فيها بأمريكا ضد أنظمتهم؛ فكانت الكارثة، وما جرى في أفغانستان والعراق خير دليل.. إننا نستعين بالله أولا ثم بوعي جماهيرنا وشعوبنا وتمسكنا بحقوقنا على إحداث التغيير المطلوب والمنشود.