الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبد المنعم أبو الفتوح خلال حواره مع عبد الرحيم علي يسرد تخلخل الإخوان في العمل السياسي بدءًا من انتخابات الطلاب والنقابات وصولًا للرئاسة

نُشر هذا الحوار في موقع "إسلام أون لاين نت" بتاريخ سبتمبر 2011

نشر
عبد الرحيم علي

 

الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح واحد من أهم أبناء تيار السبعينات أو جيل السبعينات داخل التيار الإسلامي في المنطقة العربية وفي مصر، وكان له دائمًا رؤية واضحة حول الإسلاميين ورؤيتهم للسياسة ورؤيتهم للعمل العام ورؤيتهم للتغيير، خاصة فيما يتعلق بمفهوم الإسلام الشامل للتغير للإصلاح كما نشرنا قبل ذلك وتداولتها بعض الصحف والمواقع علي الانترنت، فسواء نختلف أو نتفق معها فالواضح أنه هناك مخطط في المنطقة العربية سواء بدوافع من ضغوط خارجية أو بدوافع من ضغوط شعبية، سيحمل شيئا ما جديدا سواء في الاستراتيجيات على مستوى الأشخاص والمؤسسات.

في البداية ماذا عن جذور العلاقة بين الجماعات الإسلامية التي نشأت في بداية السبعينيات في الجامعات المصرية وبين جماعة الإخوان المسلمين؟

على الرغم من أن بداية السبعينات شهدت خليطًا من علماء كثيرين ومدارس فكرية عديدة سلفيين وصوفيين وإخوان قدامى كالغزالي وسيد سابق، إلا أن اتصالنا نحن كمجموعة من طلبة كلية الطب بكوادر وشيوخ الإخوان بدأ مبكراً "أظن عام 70 أو 1971"، حيث كان عدد من قادة الإخوان يتم تحويلهم إلى عنبر المعتقلين في القصر العيني وكان مسموحاً لنا كطلبة طب أن ندخل إلى هذه العنابر، وتعتبر هذه الزيارات البوادر الأولى التي شكلت علاقتنا بالإخوان حيث بدأنا نطلع على رسائل حسن البنا ونتداولها من خلالهم – في السر – حتى سمح لنا بطباعتها في أواخر عام 1974 بعد خروج معظم الإخوان من السجون.

الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح

عنبر المستشفى

هل تتذكر أول من قابلتهم في هذه الفترة من خلال زيارتك لعنبر المعتقلين؟

كنا كلما سمعنا عن شيخ من شيوخ الإخوان تواجد في هذا العنبر ذهبنا وجلسنا معه أيامًا، نتبادل المناقشات ولا أذكر الآن سوى الأستاذ صلاح شادي والشيخ فتحي رفاعي ولكن الوحيد الذي لم نستطع مقابلته هناك الأستاذ الهضيبى رحمه الله.

يفهم من هذا أن علاقتكم بالإخوان بدأت تقريباً العام 1970، فكيف وحتى ثم انضمامكم تنظيميا بالفعل للجماعة؟

لقد كنا مبهورين بشيوخ الإخوان ومتعاطفين معهم فى الوقت نفسه فهم الشيوخ الذين سجنوا وماتوا ولكن كان لدينا أيضاً عدد كير من التحفظات عليهم وهى ما أجلت قليلا حسم قضية الانضمام للجماعة.

أي تحفظات تقصدون؟

قضية استخدام العنف فقد كان الإخوان يؤمنون في تلك الفترة بتطليق العنف بشكل نهائي واستراتيجي وكنا نؤمن بأن العنف له وقته الذي يجب أن يحسب جيداً ولكن لابد منه في النهاية.

كما كان البعض منهم من حيث الشكل بدأ في حلق اللحى وسماع الموسيقى ولم يجدوا في هذا غضاضة وكنا نحن مازلنا ننظر لمن يفعل ذلك بتشدد رافضين مثل هذه التصرفات.

القيادي الإخواني عمر التلمساني

نعود إلى ارتباطكم التنظيمي بالإخوان متى كان هذا بالتحديد؟

لا أستطيع بالطبع أن أذكر تاريخاً محدداً فقد بدأ ارتباط مجموعة قليلة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة ببعض قادة الإخوان وعلى رأسهم الأستاذ عمر التلمسانى والدكتور أحمد الملط والأستاذ مصطفى مشهور وبدأ الأستاذ عمر يدعونا للقاءات والحديث معه وظلت هذه اللقاءات مستمرة حتى أصبحنا بشكل علمي جزءاً من حركة الجماعة في نهاية عام 1974 مطلع عام 1975

هناك من يؤكد أن انضمام كوادر الجماعة الإسلامية للإخوان تم في أواخر العام 1979؟

هذا صحيح إذا كنت تتحدث عن المجاميع، ولكن الرؤؤس كما قلت انضموا في نهايات العام 1974 ولكننا كتمنا هذا الموضوع طوال سنوات عدة خشية أن نواجه بعنف من قبل النظام الذي فتح الطريق بالفعل أمام قادة الإخوان للعمل لكنه ليس على استعداد لأن يعرف أن الجماعة الإسلامية المنتشرة فى جميع جامعات مصر والتي كان السادات قد أعطاها الحرية الكاملة لتصنع توازناً سياسياً مع اليساريين داخل الجامعة أن يصبحوا أعضاء فى جماعة الإخوان التى كان يعتبرها السادات وكانوا هم يعتبرون أنفسهم بديلاً شرعياً للسلطة.

متى تم الإعلان عن ذلك؟

لم يتم الإعلان وإنما تسربت هذه الأخبار في أوائل عام 1979 وغضب البعض من أخواننا غضباً شديداً ولكننا استطعنا إصلاح ذات البين مع بعضهم لاسيما في القاهرة والوجه البحري ولكننا لم نستطع قبلي سوى في قلة منهم أبو العلا ماضي ومحي الدين أحمد عيسى وآخرين ولكن ظلت مجموعة كرم زهدي وناجح إبراهيم على موقفها الرافض تماماً لفكرة دخول الإخوان باعتبار أن الجماعة على حد تعبيرهم تركت فريضة الجهاد وهادنت السلطة.

فقه العنف

هل تعتقدون أن دخولكم الإخوان بهذا الشكل السري في البداية كان سبباً – عندما تم كشفه – في ظهور فقه العنق وجماعة الجهاد رداً على تصرفكم؟

لا أعتقد أن المسألة بهذا الشكل لأن فكر الجهاد بدأ يتبلور منذ بداية العام 1979 وقبل ذلك انتشرت التصرفات الخاصة بتغيير المنكر بالعنف من قبل هذه المجموعة في الصعيد ولكن يمكن القول أن كشف انضمام مجموعتنا للإخوان عجل عملية الفصل بين من تبنوا فكر الإخوان ومن راحوا ينسجون فقه العنف ويتبنون طريق التغيير بالقوة.

بمناسبة التغيير بالقوة والعنف قلتم في بداية الحديث أنكم كنتم تأخذون على الإخوان أنهم طلقوا العنف وكنتم ترون ضرورة العنف في توقيت معين فما الذي بدلكم إلى هذا الحد؟

لقد ناقشنا هذا الموضوع مراراً ولسنوات عدة مع الأستاذ عمر التلمسانى وكان له دور كبير في إقناع مجموعتنا بالتغيير السلمي عن طريق الأطر القانونية وباستخدام الناس والبعد عن مفهوم التغيير الانقلابي واستخدام العنف في التغيير وقد نجح إلى حد كبير في إقناعنا بشكل جزئي حتى جاءت أحداث 1981 وتم سجننا مع مجموعة من شيوخ الإخوان الذين قاموا بتحليل ما قامت به مجموعة الصعيد وظل الحوار معهم متواصلاً حتى تم إقناعنا بشكل نهائي بتطليق مبدأ العنف بشكل استراتيجي والعمل على إرساء دعائم التحرك السلمي والتغيير عن طريق الأطر القانونية.

معنى هذا أنكن ظللتم حتى العام 1981 ودخولكم السجون وأنتم تؤمنون بضرورة العنف في التغيير؟

نعم!

ما الفرق الذي كان بينكم وبين مجموعة الجهاد أو مجموعة الصعيد كما يسمونها؟ الفرق هو توقيت العنف فهم كانوا يرون ضرورة التحرك بشكل عاجل ونحن كنا نرى أن المسألة تحتاج إلى رؤية وتجهيز حتى يكون الاستعداد تاماً وذلك كله بالطبع تغير عقب أحداث 1981 ودخولنا السجون فقد وصلنا لقناعة بأن استخدام العنف لا يؤدى سوى إلى كوارث تحقيق الإسلام كفكرة وبالمسلمين كأفراد وبالدعوة بشكل عام.

هل كان هناك من يوافقكم داخل الجماعة؟

بالطبع كان هناك عدد من أعضاء الإخوان يؤمنون بما نؤمن به وهؤلاء عانى منهم الكثير الأستاذ عمر التلمسانى رحمه الله كما عانى معنا حتى أقنعنا.

قلتم أن هذا الوضع ظل حتى دخولكم السجن العام 1981 فماذا حدث داخل السجن؟

لقد كان السجن بالنسبة لنا بمثابة معسكر كبير مكثنا فيه أكثر من عام تم تعميق المفاهيم الصحيحة باستخدام أسلوب العمل السلمى وساهم في ذلك وجود شخصيات مؤثرة معناً في السجن على رأسهم الأستاذ عمر التلمسانى والأستاذ جابر رزق ويوسف كمال ولاشين أبو شنب حسانين كل هؤلاء أثروا فينا تأثيراً كبيراً، بالإضافة لنتائج الأحداث نفسها التي قامت بها مجموعة وجه قبلي عقب دخولنا السجون بأقل من شهر.

 

ماذا عن الحكومة السرية لرجال الجهاز الخاص في تلك الفترة الم تكن هي الأخرى موجودة وكيف وافقتم على الانضمام للجماعة وأنتم ترون كل هذه الأشياء أمام أعينكم؟

أولاً هناك فرق بين ما يزعم البعض من سيطرة لرجال مثل السنانيرى رحمه الله ومشهور وبين حب الشاب لهم وارتباطه بهم لاسيما في هذه المرحلة من العمر هذا بالإضافة إلى وجود بعض النشطاء – وهو أمر موجود في كل حزب – يخيل للبعض نتيجة لتواجدهم المكثف ونشاطهم الملحوظ وارتباطهم الزائد بالكوادر الفعلية ولكنني أشهد الله أن عمر التلمسانى كان هو المرشد العلني والسري والرجل الأقوى والأكثر تأثيراً فينا في تلك الفترة ولم يكن واجهة كما يدعى البعض.

السيطرة على الجامعة

إذا لم تكن الدولة قد دعمتكم فكيف سيطر التيار الإسلامي على الجامعة آنذاك؟

لقد بدأنا الترشيح في الاتحادات الطلابية منذ عام 1972 و 1973 على ما أذكر ورسخنا أنفسنا للمرة الأولى في كلية طب القصر العيني وحصلنا على معظم لجان الاتحاد حتى اللجنة الفنية ولم تفلت منا سوى لجنة الجوالة وأذكر وقتها أن رئيس اللجنة الفنية الدكتور "حسن عبد ربه" لم تكن له أي علاقة بالفن – ولا نحن بالطبع – وكان اليساريون عندما يريدون إحراجنا يطلبون مناقشة الدكتور حسن مسؤول الجنة الفنية فنحجبه عنهم بحجج كثيرة وكان هذا مؤشراً على أن الطلبة يريدون الإسلاميين تحت أي لافتة فبدأنا نرشح أنفسنا في باقي الكليات ثم أمتد نفوذنا إلى جميع الجامعات، وكانت نسبة نجاحنا في بادئ الأمر 60 في المائة والباقي كان يحصل عليه الطلاب الناصريون والحكوميون ومع ازدياد التفاف الطلاب حول التيار الإسلامي وصلنا إلى الاستحواذ على مجالس الاتحادات الطلابية كافة في جميع جامعات مصر وكان رئيس اتحاد طلاب مصر وقتها الدكتور طلعت الدكش ونائبه الأول المهندس أبو العلا ماضي من تيار إسلامي وسرعان ما أصدرت الدولة لائحة 1979 لتسد الطريق أمام سيطرتنا على الاتحادات الطلابية.

أبو العلا ماضي

وقعت أحداث 1981 ودخل السجون ثم خرجتم عام 1982، ما الذي فكرتم فيه فور خروجكم؟

كل تفكيرنا كان منصباً على كيفية تعامل الدولة معنا بعد كل ما حدث والى أي مدى ستسمح لنا بالتحرك فالأمور لم تكن واضحة في علاقة الدولة بنا كجماعة إخوان مسلمين ولكننا فكرنا مباشرة نعقد اجتماع من خلاله أطلقنا عليها "اجتماع الخريجين" بدأنا هذه اللقاءات في طب القصر العيني وجمعنا فيها خريجي كليات الطب أولاً ثم جمعنا رموز الجماعات الإسلامية – التي تبنت خط الإخوان – من خريجي جميع الجامعات المصرية وكانت مفاجأة لنا أن الدولة لم تعترض طريقنا.

ماذا كان مقصوداً من عقد هذه اللقاءات؟

كان المقصود منها التباحث حول أطر للعمل بعيداً عن الحقل الطلابي الذي لم يعد يسعنا بعد أن صرنا خريجين وقد بدأت هذه اللقاءات "ودية" و "عاطفية" ثم بزغت من خلالها فكرة العمل النقابي ودخول انتخابات مجالس إدارت النقابات المهنية.

 

متى اتخذتم بالتحديد هذا القرار؟

أواسط العام 1983 وكانت أول نقابة رشحنا أنفسنا فيها هي نقابة الأطباء والمثير أن أول كلية رشحنا أنفسنا فيها في انتخابات اتحاد الطلاب كانت كلية الطب وقد كانت الانتخابات للتجديد النصفي ودخلنا بسبعة مرشحين ضمن إثنى عشر مرشحاً ونجحنا جميعاً والغريب أننا حصلنا داخل المجلس على خمس لجان بينها الأمين العام للنقابة والأمين العام المساعد والوكيل وأمين الصندوق – على الرغم من أننا كنا سبعة من أصل 24 عضواً – كان هذا في أبريل من العام 1984 ثم دخلنا في 1986 نقابة المهندسين ثم توالت انتصاراتنا داخل النقابات.

هناك من يرى أنكم تسببتم في تدمير العمل النقابي بإصراركم على فكرة الاستحواذ وتحويل النقابات إلى ساحة للعمل السياسي؟

هذا انتقاد مقبول وأنا أوافقك على الجزء الخاص بفكرة الاستحواذ وتحويل النقابات إلى ساحة للعمل السياسي ولكننا لم نساهم في تدمير العمل النقابي على العكس نحن أنقذناه من التدمير الذي كان يلاحقه من جراء تنافس حزبي وشللي عانت منه النقابات لسنوات عديدة حتى جاء التيار الإسلامي ليعطى لهذا العمل قيمة ومعنى أما فكرة الاستحواذ فقد كنا للمرة الأولى نمارس مثل هذا العمل ونحن محرومون ومعزولون سياسياً كجماعة محظورة ليس لديها أطر شرعية للتحرك فكان لابد أن ينعكس هذا الوضع على تجربة النقابات. 

الإخوان والبرلمان

 كان الإخوان ضد فكرة دخول البرلمان طوال حقبة السبعينيات فلماذا فجأة تحول الأمر وقررتم دخول الانتخابات البرلمانية على قائمة الوفد عام 1984؟

ليس طوال حقبة السبعينيات فقط ولكن حتى قبيل انتخابات 1984 ظل الإخوان ضد فكرة دخول البرلمان باعتباره مجلسا يشرع يشرح من دون الله وهذه فكرة مغلوطة ناضلنا كثيراً في إقناع الجيل القديم بخطئها وقلنا لهم أن الإمام البنا نفسه رشح نفسه في الانتخابات فكيف لا نفعل نحن ذلك فنثق في وجه تشريع ظالم يضر بالناس أو تشريع مخالف لشرع الله فنمنع مروره ومن هنا قدرنا دخول البرلمان عام 1984 وكانت تجربة ناجحة كررنا طوال السنوات السابقة حتى عام 2000.

الإسلام هو الحل

 في انتخابات مجلس الشعب وقبلها انتخابات النقابات كان شعاركم الأساسي "الإسلام هو الحل" وما المقصود به؟

أولاً... الإخوان لم يتصورا قط لا في السبعينات ولا قبلها ولا بعدها أنهم يمثلون الإسلام مثل أي تجمع بل يجد الإخوان أنفسهم جزءا من المسلمين لهم أن يتحدثوا عن الإسلام مثل غيرهم بدليل أن الهضيبى "رحمه الله" وهو في أشد لحظات التعذيب والسجن رفض مقولات التكفير التي انطلقت من أفواه البعض والإخوان عندما يرفعون شعار "الإسلام هو الحل" إنما يعنون فهمهم للإسلام وطريقتهم في التعامل معه بدليل أننا دعونا الأقباط للدخول معنا تحت هذا الشعار منطلقين في دعوتنا من الإسلام هنا يقصد معناه الحضاري، والأقباط ساهموا مهنا في بناء الحضارة الإسلامية وبالتالي فعندما نتحدث عن الإسلام كحضارة وليس كعقيدة يصبح لهم فيه مثل مالينا بالضبط، وهذا هو مفهومنا لهذا الشعار وليس ما ردده البعض في محاولة لتشويهنا.

هذه الدعوة يبدو أنها تخص جيلكم فقط بدليل أن المرشد العام عندما سئل عن أحقية الأقباط في دخول الجيش رفض متعللا بأنهم أهل الذمة مشكوك فيهم ولا يجوز لهم المشاركة في الدفاع عن الوطن كما أنه مازال يؤمن بالتعددية انطلاقا من أرضيه إسلامية إلى آخر هذه المفاهيم ألا يكشف هذا عن خلاف؟

أولاً هذا الكلام نسب للمرشد العام مصطفى مشهور ونحن كنا في السجن واستنكرنا هذا في حينه، بينما أكد الأستاذ مشهور أن كلامه تم تحريفه وبغض النظر عما حدث فأنا أقول لك أنه إذا كان المرشد العام قال هذا الكلام فهو مخطئ لأنه مخالف لرؤية الإسلام أولاً ولرؤية الإخوان ثانيا فقد كان هناك أعضاء أقباط في المكتب السياسي للإخوان أبان فترة المرشد العام الأول الإمام البنا "رحمه الله" فكيف يكون رأينا فيهم كذلك، ثم أننا أصدرنا دراسات عديدة وبيانات متتالية تؤكد على أن الأقباط يربطنا وإياهم مبدأ المواطنة لهم مالينا وعليهم ما علينا لا تفريق بيننا وبينهم ولهم الحق كاملا في شغل المناصب كافة في الدولة بلا استثناء إذا توافرت الصلاحية واختارهم الشعب بالانتخاب ولا يصح حجب منصب في حالة – التعيين – عن قبطي إلا بسبب أنه لا يصلح، ويسرى هذا على المسلم قبل القبطي.

بمناسبة الحديث عن الأقباط ماذا عن رؤيتكم لدورة المرأة خصوصا أن الإمام البنا كان يرى أن المرأة لا يجب أن تخرج من بيتها تحت أي دعوى؟

لقد طورنا وجهات النظر كافة بدءا من العمل السياسي والبرلماني والحزبي وانتهاء بالرؤية الخاصة بالأقباط والمرأة وفى مجال المرأة أصدرنا وثيقة خاصة بها أكدنا فيها أحقيتها في ممارسة العمل السياسي والترشيح للمجالس النيابية والحصول على أعلى المناصب في الدولة شريطة أن تكون صالحة لهذا العمل من الناحية التخصصية، والغريب أن هذه الرؤية ليست جديدة فهي الرؤية الإسلامية الصحيحة ولكن بعض الثقافات عكست هذه الرؤى وأشاعت مفهوم المرأة المتاع وتداخلت الأمور في بعضها لتشكل ثقافة مصرية وبدلا من أن يطلق عليها هذا اللفظ قرنوها بالإسلام وهو منها براءة، أما مفهومنا الفكري للمرأة والذي نحاول أن نطبقه كإخوان بشكل عملي فهو أن المرأة نصف المجتمع لها ما للرجل من حقوق وعليها ما عليه من واجبات ولها ذمة مستقلة.

لماذا لا تمثل المرأة في قيادة الجماعة تطبيقاً لهذه الرؤية؟

الإخوان لهم وضع خاص فنحن نطارد ونحبس ونقدم للقضاء العسكري وهذا شيء محتمل للرجال ولكننا لا نستطيع أن نعرض النساء لهذه المشكلات ولكن عندما يسمح لنا بالعمل بشكل قانوني فسوف ترى المرأة في التشكيلات الإدارية كافة للجماعة.

العلاقة مع النظام

في العشرة الأعوام الأخيرة دفعت الجماعة في صدام مع أجهزة الدولة كيف تقيمون هذه الأزمة من وجهة نظركم؟

العلاقة بين النظام والجماعة كانت في حالة جيدة طوال حقبة الثمانينات ثم بدأ الصدام في أوائل التسعينات بسبب حرب الخليج والوجود الأمريكي في المنطقة الذي فرض مواجهة مع التيارات الإسلامية كافة ومارس ضغوطا مكثفة على الحكومات كافة وكنا أول من تصدى عن طريق التظاهرات للوجود الأمريكي الأمر الذي عجل بالمواجهة مع النظام.

البعض يرى أن هذا الكلام يجافى الحقيقة وأن السبب الرئيسي للصدام هو اكتشاف الدولة عن طريق قضية سلسبيل إعدادكم لخطة التمكين التي من خلالها تسعون للحصول على الحكم في مصر؟

وهل السعي للوصول للسلطة عن طريق، غير طريق العنف وباستخدام الوسائل السلمية والتخطيط لذلك يعد جريمة في نظر القانون، أن كان هذا السعي يشكل جريمة فلماذا كل هذه الأحزاب والمؤسسات السياسية.

كيف تكون جماعة محظورة وغير قانونية ونحن نمارس كل أنشطتنا في العلن ولنا مقر رسمي يلتقي فيه المؤولون عن الجماعة بالصحافيين والسياسيين، الحقيقة أن الحكومة تريد تحجيمنا ولكنها لا تسعى لاستئصال الجماعة لذلك فهي فجأة تعتبر الجماعة غير قانونية ثم تتغاضى عن بعض أنشطتها وهكذا لأنها لا تريد نظام سياسي قوى ومعارضة قوية، هي تريد تثبيت الوضع على ما هو عليه الآن.

قضية “سلسبسل” كما وثقتها الصحف

ولماذا لا تحاولون الحصول على الشرعية القانونية؟ بالتقدم بطلب لإنشاء حزب أم أنكم ضد فكرة الحزبية؟

من حيث المبدأ لسنا ضد فكرة الحزب وقد قام عمر التلمسانى رحمه الله عام 1986 بوضع برنامج لحزبه أطلق عليه حزب"الإصلاح" وكنا نود التقدم به وتنتظر ظرفا ملائما ثم تم تعديل البرنامج وأطلق علبه اسم آخر وذلك في أوائل التسعينات ثم جاءت قضية "سلسبيل" ثم المواجهات التي بدأت بالنقابات ونوداى أعضاء هيئة التدريس ثم القضايا العسكرية في عامي 1995 و 1996 فلم تتسن لنا الفرصة للتقدم بحزب وأعتقد أنه بعد تجربة "حزب الوسط" لا معنى لهاذ التفكير فقد حوكم أعضاء الحزب بتهمة التفكير في إنشائه!!

  • الحكومة كانت تنظر للحزب على أنه مؤامرة يتم من خلالها تحرير حزب لتمارس الجماعة نشاطها العلني من خلاله غطاء وليس حزباً سياسياً؟

الأمر في النهاية واحد فالحكومة لن تسمح لنا بإنشاء حزب فهي لا تريد معارضة قوية ونحن لا نستطيع أن نخوض تجربة محكوم عليها بالفشل فقانون الأحزاب في مصر يسمح للجنة شؤون الأحزاب بحل الحزب وقتما تشاء وهذا لا يتفق مع استقلالية العمل الحزبي عن الحكومة لكننا وبمنتهى الإخلاص نتمنى أن يكون لنا كيان قانوني.

قضية "سلسبيل" أو فيما يعرف بـ “خطة التمكين”

هل حاولتم شرح وجهة نظركم للسلطة السياسية؟

حاولنا وسدت جميع المنافذ في وجوهنا.

هل ساهمت أحداث 11 سبتمبر في تفاقم أزمة الجماعة؟ 

على الرغم من أننا قمنا بإدانة شاملة للأحزاب إلا أننا ونتيجة لضغط أميركي على الحكم في مصر، وعلى الرغم من أننا نفيهم هذه الظروف ونقدرها ونعلم أن النظام المصري يبذل أقصى ما يستطيع حتى لا يستجيب لهذه الضغوط لكننا تعرضنا لضربات أجنبية متتالية وقبض على أكثر من 15 مجموعة طوال العام المنصرم ضمت نحو 250 عضوا بالجماعة قدم بعضهم للمحاكمة ومازال البعض رهن التحقيقات هذا بالإضافة إلى إغلاق أكثر من عشرين جمعية تضم عددا كبيرا من المدارس التي كانت تشرف عليها الجماعة. 

جانب من أحداث 11 سبتمبر

المراجعة

        ألا يستدعى ما يحدث مراجعة لطريقة تفكيركم التي تعتمد على فرض العلنية عن طريق الأمر الواقع ومحاولة الخروج من دائرة الانطواء على الذات في محاولة للانفتاح على القوى السياسية كافة بما فيها الحكومة والحزب الوطني؟

نحن نمد أيدينا للجميع ونطالب بفتح قناة حوار مع الحكومة حتى نسمع منا بدلا من أن تسمع عنا خصوصا في هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر فنحن نقف في هذه المرحلة خلف النظام أو تحديه في هذه الفترة يعتبر خيانة للوطن لأن الخطر المحدق يتعلق بمصر حكومة وشعباً وهذا جزء من المراجعة التي فرضتها علينا الظروف الراهنة فنحن في مواجهة خطر يهدد الأمن القومي المصري والعربي ولا بديل أمام أي وطن من الوقوف خلف قيادته الشرعية دفاعا عن مصر وأمنها وسلامتها.

نعود إلى الجماعة تواجهون دائما اتهامات بفقدان الديمقراطية داخل الإخوان وبسبب ذلك خرج عدد كبير ليكونوا حزب الوسط؟

خروج عدد من الإخوان ليشكلوا مشروعا جديدا حق مطلق لهم أما أن السبب وراء ذلك عدم وجود ديمقراطية فأنا اعتقد أ، هذا غير صحيح فالديمقراطية موجودة داخل الإخوان ولكنها لا تظهر للعيان نظراً للحظر المفروض علينا.

المرشد الإخواني الراحل “حامدأبو النصر”

وماذا تسمى إذن طريقة اختيار المرشد العام الحالي والتي أطلق عليها "بيعة المقابر"؟

هذا اجتهاد ربما جانبه الصواب ولكنني أريد التأكيد على أن الاتفاق العام قبل أن يتوفى المرشد السابق الأستاذ أبو النصر كان بالإجماع على أن يتولى الأستاذ مشهور خلفا له وكان هذا معروفا داخل كل أوساط وهيئات الجماعة وأن كانت الطريقة التي تمت بهيا أثارت مشاعر البعض فانه اجتهاد شخصي كما ذكرت لم يغير في إرادة أعضاء الجماعة شيء وبخاصة المنوط بهم انتخاب المرشد العام.

مأمون الهضيبي صاحب واقعة “بيعة المقابر”

وماذا عن التجديد للمرشد من دون حد أقصى من الدورات؟

هذه لائحة تكاد تتطابق مع معظم أن لم يكن مع كل الأحزاب في مصر وليس ذلك مقصورا على الإخوان فقط.

كيف ترى مسألة تداول السلطة داخل الجماعة هل يمكن أن نرى أحد أفراد جيلكم مرشدا عاما للجماعة؟

قضية المناصب لا تشغلنا داخل الجماعة لأن الجماعة تدار بشكل جماعي عن طريق مكتب الإرشاد والشباب يكاد يشكل 95 في المئة من كوادر وأعضاء الجماعة ولم يبق من شيوخنا الكبار سوى 5 في المئة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فان ظاهرة الرئاسة أو الزعامة الحزبية في مصر تأخذ دائما شكلاً أبوياً وعاطفياً وهى مسألة ليست متعلقة بنا كجماعة إخوان ولكنه سلوك وثقافة مصرية بالأساس – على اعتبار أننا نعيش فى مجتمع أبوى.