من أرشيف عبد الرحيم علي
عبدالرحيم علي يكتب: ثلاث أجنحة فتحاوية تتصارع لخلافة عرفات
نُشر هذا المقال بموقع التجديد العربى بتاريخ 8 نوفمبر 2004
صراع عنيف" يدور حاليا بين ثلاثة أجنحة داخل حركة فتح حول خلافة ياسر عرفات زعيم الحركة، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
مصادر فلسطينية عليمة وموثوق بها كشفت لإسلام أون لاين.نت الأحد 7-11-2004 ملامح هذا الصراع الذي وصفته بـ"العنيف"، وأبرز الوجوه التي تقود الأجنحة الثلاثة.
كما كشفت المصادر ذاتها التي رفضت الكشف عن هويتها أن قادة هذه الأجنحة الثلاث المتصارعة اتفقت رغم ذلك على مطالبة السلطات الفرنسية بمستشفى بيرسي العسكري بباريس التكتم على خبر وفاة عرفات لمدة 36 ساعة، فيما بدا أنه من أجل استقطاب مزيد من كوادر وقيادات فتح لدعم صفوفها قبل الإعلان رسميا عن وفاة عرفات.
السلطة ومركزية فتح والأقصى
ووفقا لتلك المصادر؛ فإن الأجنحة الثلاث هي:
أولا: "جناح السلطة" ممثلا في محمود عباس (أبو مازن) الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية التي تعد فتح كبرى فصائلها، وأحمد قريع (أبو علاء) رئيس الحكومة، وروحي فتوح رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الذي ينص الدستور على توليه منصب رئيس السلطة في حال غياب أو وفاة الرئيس عرفات، وذلك حتى إجراء انتخابات رئاسية في غضون ستين يوما..
وقال مسئولون فلسطينيون اليوم الأحد 7-11-2004: إن "أبو مازن" وقريع يعتزمان السفر إلى باريس غدا الإثنين 8-11-2004 ليطمئنا بنفسيهما على حالة الرئيس عرفات.
ثانيا: "جناح اللجنة المركزية لفتح" ممثلا في صخر حبش، وهاني الحسن، وعباس زكي، ويعد هذا الجناح ممثلا لقسم بارز من تيار "الحرس القديم" داخل الحركة.
ثالثا: "جناح مروان البرغوثي" المعتقل حاليا بالسجون الإسرائيلية والذي تطلق عليه الصحافة الغربية "الزعيم الشعبي" لفتح. ويعتمد هذا الجناح على قادة كتائب شهداء الأقصى المحسوبة على فتح، خاصة في رام الله، وعدد من أعضاء المجلس التشريعي؛ في مقدمتهم: أحمد غنيم، وقدورة فارس، وحاتم عبد القادر، ومحمد حوراني.
ورثة شرعيون
وعن مدى قوة كل جناح من هذه الأجنحة وتصوره لأحقيته بخلاف عرفات، قالت المصادر: إن "جناح السلطة" يقدم نفسه بوصفه "الوريث الشرعي" لعرفات بحكم سيطرة أعضائه على كافة آليات السلطة التنفيذية، بواسطة قريع، والسلطة السياسية داخل فتح بواسطة أبو مازن، والتشريعية في إطار السلطة من خلال فتوح.
وأضافت المصادر أن هذا الجناح ليس له أنصار في رام الله، وإنما يقع ثقله الأساسي في امتداداته في غزة، وبخاصة عبر مجموعة محمد دحلان (وزير الداخلية الأسبق في حكومة أبو مازن، والرجل القوي في غزة)، ورشيد أبو شباك (رئيس الأمن الوقائي بالقطاع)، وسمير مشهراوي الرجل القوي في اللجنة الحركية العليا لفتح في غزة، بالإضافة إلى أبو علي شاهين (وزير التموين الأسبق).
على خط عرفات
أما جناح اللجنة المركزية لحركة فتح فهو يقدم نفسه باعتباره صاحب الخط السياسي للرئيس عرفات الذي يحافظ بإخلاص على كل أفكار الزعيم.
وتوضح المصادر الفلسطينية العليمة أن هذا الجناح يطالب بعدم تقديم أي دعم لمن كان الرئيس يختلف معهم، في إشارة واضحة إلى خلافات عرفات الأخيرة مع كل من أبو مازن وأبو علاء.
ويعتمد هذا الجناح بالأساس على وجوده المكثف والقوي في رام الله، خاصة بين قادة وكوادر كتائب شهداء الأقصى، كذلك على عدد من الجيوب الصغيرة في غزة، والتي تتقاطع مع مجموعة دحلان، ورشيد أبو شباك في القطاع، وفى مقدمتهم زكريا الأغا (عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة)، وأحمد حلس (سكرتير اللجنة الحركية العليا لفتح في القطاع).
جناح الحسم
ورأت المصادر أن الجناح الثالث (مجموعة مروان البرغوثي) يعتمد فقط على وجوده القوي داخل مجموعات شهداء الأقصى في رام الله؛ حيث ينعدم أي وجود له في القطاع تماما؛ وهو ما يجعله الأقل حظا في خلافة عرفات.
في المقابل أوضحت المصادر أنه نظرا لطبيعة الموقف وموازين القوى فإن هذه المجموعة باتت تخضع لنوع من الاستقطاب القوي من كلا الجناحين الأولين؛ في محاولة من كل منهما لضم هذا الجناح إلى جانبه في الصراع نحو الإمساك بزمام السلطة وخلافة عرفات.
وخلصت المصادر إلى أن هذه المجموعة "الأضعف نظريا هي التي تملك عمليا القدرة على حسم الصراع" لصالح أحد الجناحين الكبيرين في حالة انضمامها إلى أحدهما في مواجهة الآخر.
علنية الصراع
وكشفت المصادر أن الصراع الذي كان مكتوما بين الأجنحة الفتحاوية الثلاث في بداية تدهور صحة عرفات بدأ يخرج إلى العلن خلال اليومين الماضيين بعد أن صرح هاني الحسن (أحد أقطاب الجناح الثاني) من خلال فضائية "العربية" السبت 6-11-2004 أن "الأولوية في تمثيل عرفات والحديث باسمه الآن لفاروق قدومي" أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وليس لأبو مازن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ باعتبار أن منصب عرفات كرئيس للمنظمة نابع من كونه رئيسا لفتح وليس العكس".
كما بدا معلوما للأوساط السياسية الفلسطينية أن الجناح الأول (أبو مازن - قريع) يغازل حاليا الفصائل الفلسطينية الأخرى؛ في محاولة للحصول على دعمها "الخارجي" في الصراع الدائر الآن داخل فتح، وذلك بالتلميح إلى إمكانية اعتبار لجنة التنسيق العليا للانتفاضة (التي تضم في إطارها 13 فصيلا فلسطينيا، بينهم منظمتا حماس والجهاد الإسلاميتان) إحدى أطر اتخاذ القرار السياسي الفلسطيني بجانب إطار مؤسسات السلطة ومركزية فتح.
واجتمع قريع السبت 6-11-2004 مع قادة هذه الفصائل في غزة. وصدرت تصريحات عن مسئولين بحركة فتح عقب الاجتماع، توضح أن الاجتماع تطرق لمشاركة الفصائل كلها في القرار السياسي.
ضمان الأمن أولا
من جانبها كشفت المصادر أنه في إطار الصراع الدائر بين أجنحة فتح الرئيسية الثلاثة طالب أحمد قريع الفصائل خلال اجتماع السبت أيضا بضرورة إعداد ورقة أمنية متفق عليها بين كافة الفصائل لضمان أمن الأراضي الفلسطينية، والتعاون مع الأجهزة الأمنية لحفظ الأمن، ومنع أي فريق من الاحتكام للسلاح.
وأردفت المصادر أن قريع أبلغ أبو مازن وقادة مركزية فتح أنه لا يمكنه الإعلان عن وفاة الرئيس دون الحصول على تلك الورقة موقعة من الفصائل لضمان نقل السلطة بشكل سلمي.
انتقاد للصراع
وانتقدت المصادر الفلسطينية العليمة في تصريحها لإسلام أون لاين.نت سلوك الأجنحة الفتحاوية، وما وصفته بـ"تكالبها على السلطة".
وطالبت في هذا السياق بـ"تدخل عربي حاسم لاعتماد منهج جديد لاختيار القيادة يقوم على الوحدة الوطنية والبرنامج السياسي المشترك، وتحديد مهام المرحلة المقبلة، بدلا من الاكتفاء بتغيير أجنحة من فتح بأجنحة أخرى مع بقاء ذات المنهج وتلك السياسات".