الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: الجماعة الاسلامية المصرية‏..‏ تخوفات وملاحظات

نُشر هذا المقال بجريدة الأهرام بتاريخ الأثنين 4 سبتمبر 2006

نشر
عبد الرحيم علي

احتفى الاعلام العربي والمصري باكمله بالموقف المشرف لقاده الجماعه الاسلاميه المصريه‏,‏ الذين كذبوا بوضوح لايرقي اليه شك‏,‏ ماذهب اليه ايمن الظواهري‏,‏ القائد الميداني لتنظيم القاعده‏,‏ من ان عددا من رموز الجماعه قد انضموا الي تنظيمه‏,‏ وقد استغلت الجماعه وهذا حقها حمله التكذيب تلك‏,‏ لتمرير عدد من مواقفها‏,‏ وجمله من اهدافها‏,‏ جاء علي راسها مانشره الاهرام في ثنايا حواره مع عصام درباله احد اهم رموز الجماعه وصانع استراتيجيتها الجديده‏,‏ لقد اكد درباله قضيتين مهمتين‏:‏

الاولي‏:‏ ان احد اهم اهداف الجماعه للمرحله المقبله هو المشاركه في صياغه المجتمع وحل مشكلاته ودعم عمليه الاصلاح في كل المجالات وذلك من خلال الحصول علي حق العمل الدعوي والاجتماعي والسياسي‏.‏

والثانيه ان الاصدارات الاربعه الجديده سلسله تصحيح المفاهيم سوف تمثل المنهج العلمي والدراسي الذي ينبغي ان يدرسه ابناء الجماعه الاسلاميه‏.‏

الاولي من وجهه نظرنا تشير الي ان الجماعه ستسعي لانتزاع حقها في الوجود العلني سياسيا واجتماعيا ودعويا‏,‏ والثانيه تقول ان الكتب الاربعه الخاصه بسلسله تصحيح المفاهيم ستكون حادي الجماعه ومرشدها في هذه المسيره‏.‏ من هنا فسوف ياتي مقالنا علي قسمين‏,‏

الاول‏:‏ خاص بالحاله الراهنه للجماعه‏,‏ التي تسعي بها ومن خلالها للحصول علي حق الوجود العلني‏.‏

والثاني‏:‏ سنناقش فيه بعض ماجاء في الكتب الاربعه‏,‏ والتي ستسهم الجماعه من خلالها في صياغه المجتمع‏.‏ املين ان يمثل مقالنا هذا فاتحه حوار جاد وموضوعي حول القضايا الاساسيه التي طرحتها وتطرحها الجماعه‏,‏ سواء عبر حوارات قادتها‏,‏ او من خلال سلسله تصحيح المفاهيم‏,‏ وذلك احساسا منا برغبه جهات قويه داخل الدوله والمجتمع في الدفع بهولاء الشباب للاستفاده من تجربتهم في مجال العنف لسد الطريق امام من يريد الانخراط في هذا الطريق الان او في المستقبل‏,‏ وهذا حد مكفول للدافع والمدفوع علي حد سواء‏.‏

وبدايه نود ان نوضح اننا نثمن مبادره الجماعه الاسلاميه لوقف الاعمال القتاليه‏,‏ ونثمن شجاعه فادتها الذين اتخذوا هذا القرار في لحظه اعتراف نادره بالخطا‏,‏ ومحاوله هادفه لتصحيح المسار‏..‏ ولكننا في الوقت نفسه نحتفظ لانفسنا بحق المناقشه والمراجعه‏,‏ بوصفنا مواطنين مصريين كل مايهمنا هو مستقبل هذا الوطن وسلامه مواطنيه‏.‏

اما فيما يتعلق بالجزء الاول فساوجزه في نقطه واحده ومحدده‏:‏

فالكتب الاربعه‏,‏ التي اسست الجماعه‏,‏ من خلالها‏,‏ لمرحله جديده من تاريخها‏,‏ خرجت خاليه من توقيع اهم قاده الجماعه‏,‏ والذين خطوا مجمل وثائقها الفكريه السابقه‏,‏ طوال عشرين عاما‏,‏ وفي مقدمتهم الشيخ عمر عبد الرحمن امير الجماعه‏,‏ ورفاعي طه رئيس مجلس شوراها السابق‏,‏ ومصطفي حمزه قائد جناحها العسكري‏,‏ ومحمد مصطفي المقريء مفتيها الشرعي‏,‏ وعبد الاخر حماد واضع اهم وثائقها القديمه‏,‏ واسامه رشدي مسئولها الاعلامي‏,‏ ومحمد شوقي الاسلامبولي احد موسسيها الكبار‏.‏ بل علي العكس فكل هولاء باستثناء الشيخ عمر عبد الرحمن‏,‏ الممنوع من التحدث للصحفيين‏,‏ من داخل السجون الامريكيه‏,‏ سبق ان اعلنوا اختلافهم مع ما جاء في تلك الكتب ومعارضتهم الجذريه للتوجه الجديد الذي حملته‏,‏ وكتبوا في ذلك مطولات يعرفها كل مهتم بموضوع الجماعات الاسلاميه‏.‏ وخطوره هذا الامر تتمثل في ان اي انقلاب سوف يحدث من داخل الجماعه علي اصحاب المبادره‏,‏ سوف ندفع ثمنه نحن‏'‏ دوله ومواطنين‏',‏ وسنكون ساعتها وبشكل مباغت امام ثلاثين الف رجل‏(‏ الرقم الذي ذكره كرم زهدي لعدد اعضاء الجماعه في حواراته التليفزيونيه‏)‏

يومنون بمبدا السمع والطاعه المطلقه للامير‏,‏ وقد ذهبوا وبشكل مفاجيء الي اقصي زاويه المشهد الحالي‏,‏ خاصه ان اصحاب المبادره لم يتبراوا من روي هولاء الذين خرجوا علي الاجماع داخل الجماعه‏,‏ بل علي العكس برروا لهم خروجهم وقالوا بالحرف الواحد مساله حكم الحاكم الذي لا يحكم بما انزل الله‏,‏ وهل هو مسلم ام لا؟ ثار حولها خلاف فقهي بالفعل ونشرت بعض فصول هذا الخلاف علي صفحات الصحف ولم تجبر الجماعه احدا وليس ذلك لها ان يتخلي عن قوله واجتهاده‏,‏ لان كل الاجتهادات التي تبناها هذا الفريق او ذاك لها وجه محتمل‏,‏ ولا يمكن القطع ببطلان واحد منها‏,‏ اي ان كل فريق في اجتهاده لم يخالف نصا قطعيا‏,‏ وبعباره اخري فالادله الخاصه بالمساله محل البحث تحتمل الاراء التي قيلت من اخواننا‏.‏

هذا والقضيه هنا تخص‏'‏ تكفير حكام المسلمين‏'‏ فما بالك بالقضايا الاقل اهميه‏.‏

بالطبع هناك ملاحظات عديده لنا حول هذا الموضوع‏,‏ مما لا يتسع لها المقال هنا‏,‏ ولذلك فسوف انتقل الي الجزء الثاني من المقال مباشره وهو ما يخص بعض ما جاء في الكتب الاربعه‏,‏ وساكتفي لضيق المساحه بنقطتين اساسيتين‏:‏

الاولي‏:‏ قضيه الجزيه‏:‏ والتساول المطروح‏..‏

وبعد‏..‏ هل يجوز ان نقبل مفهوم الجماعه بهذا الشان علي انها من قبيل تصحيح المفاهيم التي يجب الاحتفاء بها وتشجيعها والترويج لها‏,‏ في مجتمع جزء من ابنائه من الاقباط‏.‏ ام اننا مطالبون بحث الجماعه علي تغيير تلك الرويه والوصول الي رويه عصريه توكد حقوق المواطنه للجميع وتتبرا من عقد الذمه الذي بات كما يقول الدكتور محمد سليم العوا في ذمه التاريخ‏.‏

الثانيه‏:‏ قضيه السياحه‏,‏ وقد شغلت تلك القضيه اهميه كبري في فقه جماعات العنف بشكل عام‏,‏ والجماعه الاسلاميه بشكل خاص‏,‏ وانتظرنا ان تاتي الكتب الاربعه المشار اليها بجديد حول هذا الموضوع‏,‏ الا اننا فوجئنا بالمنهج نفسه الذي يعتمد في جوهره علي حرمه النشاط السياحي كنشاط اقتصادي‏,‏ ولم يشمل التغيير سوي شكل المواجهه‏,‏ حيث ان استهداف السياحه دائما ما يضر بالسياح‏,‏ لذا فقد حرمت الجماعه ما يودي الي محرم‏.‏

والسوال‏:‏ اذا استطاعت مجموعه تنتمي للجماعه ان تلحق بالنشاط السياحي اذي دون الحاق الاذي بالسياح‏..‏ فهل يصبح في هذه الحاله العمل مباحا ومشروعا بوصف السياحه عملا محرما شرعا‏,‏ طبقا لرويه الجماعه‏,‏ ام لا؟ هذا هو لب القضيه الذي لم تصل فيه الجماعه الي حل حتي الان‏,‏ والذي يحتاج منا الي حوار جاد وموضوعي معها للوصول الي شيء مختلف عما وصلت اليه‏,‏ هذا اذا ارادت حقا ان تشارك في صياغه المجتمع وحل مشكلاته ودعم عمليه الاصلاح في كل المجالات‏.‏