من أرشيف عبد الرحيم علي
هجوم جدة ردا على تنسيق إقليمي سعودي
اسلام أون لاين 06/12/2004
لم يكد يمر أسبوع على تصريحات الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي لوكالة (مهر) الإيرانية للأنباء الأحد 28-11-2004، التي أكد فيها أن المملكة مصممة بكل قواها على استئصال الإرهاب من أرض الوحي، حتى قامت مجموعة يشتبه في انضمامها لتنظيم القاعدة الأحد 6-12-2004 بمهاجمة القنصلية الأمريكية في جدة.
وأفادت وكالات الأنباء أن 5 مسلحين قاموا الإثنين 6-12-2004 بمهاجمة مبنى القنصلية من الباب المخصص لاستخراج التأشيرات، واحتجزوا 18 من موظفي السفارة، مضيفة أن ألسنة النيران شوهدت وهي تتصاعد من مبنى القنصلية، وأن سيارات الأمن تدفقت على المبنى بينما حلقت مروحيات هليكوبتر تابعة للأمن السعودي بكثافة فوقه.
وقالت مصادر أمنية سعودية: إن قوات الأمن اقتحمت السفارة وجرى تبادل لإطلاق النار أسفر من جهة أخرى عن مقتل 3 من المسلحين وإصابة 2 آخرين اعتقلا في وقت لاحق.
وأضافت المصادر نفسها لوكالة الأنباء الفرنسية أن الهجوم أسفر أيضا عن مقتل 4 من قوات الحرس الوطني و5 موظفين غير أمريكيين، فضلا عن إصابة 2 من موظفي السفارة غير أمريكيين كذلك.
وقد أعلنت "كارول كالين" الناطقة باسم سفارة واشنطن في الرياض في وقت سابق عن إغلاق السفارة الأمريكية في الرياض والقنصلية الأمريكية في مدينة الظهران "كإجراء احترازي".
خطوات هامة
ورغم أن الأمير نايف كان قد أكد في تصريحه السابق الإشارة إليه أن المملكة اتخذت "خطوات هامة لمحاربة الإرهاب والجماعات الهدامة"، مشددا على أن قوات الأمن السعودية قطعت شوطا طويلا في مهمتها للقضاء على تلك الجماعات (...) فإن المتابع الجيد لخطة تنظيم القاعدة في منطقة الخليج لا بد أن يرصد عددا من الملاحظات الهامة:
- يأتي في مقدمة هذه الملاحظات التنسيق الكامل بين كوادر وأعضاء التنظيم في كل من العراق والسعودية، واعتماد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين (الذي أعلن ولاءه منذ شهر لـ"بن لادن") على مقاتلين ينتمون لفرع التنظيم في المملكة.
- الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية عما سبق ذكره هو قيام تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين (العراق) عقب اقتحام قوات الاحتلال لمدينة الفلوجة الشهر الماضي وظهور التنسيق الأمني علنيا بين المملكة وعدد من دول الجوار العراقي من بينها إيران وسوريا، بالدفع بعدد من عناصره السعودية المتواجدة في العراق إلى المملكة عن طريق الحدود العراقية السعودية المشتركة لتنفيذ عدد من العمليات التي تهدف إلى إلهاء السلطات السعودية في الداخل والحد من جهود المملكة الساعية إلى التنسيق مع باقي دول المنطقة فيما يتعلق بمواجهة الوضع الأمني في العراق.
كانت هذه هي الخطة التي اكتشفتها السلطات السعودية قبل أيام قليلة عندما وصلت إلى وزارة الداخلية السعودية معلومات بشأن محاولات تسريب لشباب سعوديين من الحدود العراقية مع المملكة، وقامت قوات الأمن بالمملكة بمطاردة هذه المجموعات على الشريط الحدودي الوعر الذي يربط بين البلدين يوم الإثنين 29-11-2004 الأمر الذي أدى إلى إصابة مجموعة من قوات الأمن السعودية عندما انقلبت بهم سيارتهم أثناء عملية المطاردة.
تصعيد سابق للسبب نفسه
وسبق مطلع العام الجاري أن صعَّدت القاعدة في المملكة من هجماتها عندما رصدت تعاونا أمنيا يمنيا سعوديا يسعى إلى منع تهريب الأسلحة إلى التنظيم سواء في العراق أو السعودية، الأمر الذي جعل التنظيم يقوم بتنفيذ عدد من العمليات الهامة كان آخرها حادث الخبر الذي تم فيه احتجاز عدد من الرهائن وراح ضحيته 22 مواطنا معظمهم من السعوديين.
في هذه الآونة كانت السلطات اليمنية والسعودية تبذلان جهودا مشتركة لكبح عمليات تدفق وتهريب الأسلحة والمتفجرات بين حدود البلدين، وعبر تنسيق أمريكي مع الجانبين قام خبراء من الجيش الأمريكي بتدريب خفر السواحل اليمني لإغلاق المنافذ البحرية أمام عمليات التهريب، وتبرعت الولايات المتحدة بمبلغ 55 مليون دولار لتعزيز قدرات قوة خفر السواحل اليمني.
وبدأت بالفعل نتائج التضييق تظهر بوضوح عندما رصدت التقارير الأمريكية شح المعروض في الأسواق اليمنية من الأسلحة المتنوعة التي تتفاوت من الطلقات إلى صواريخ أرض-جو، وفق ما ذكرته وكالة الأسوشيتد برس آنذاك.
في المقابل تضاعفت أسعار الأسلحة في الجانب السعودي خلال الفترة من أكتوبر 2003 حتى إبريل 2004.
وكانت السلطات السعودية قد صادرت ما يزيد عن 90 ألف طلقة وعشرات من القنابل اليدوية وما يزيد عن ألفي إصبع ديناميت فضلاً عن آلاف قطع السلاح المختلفة، وفق تصريحات رئيس حرس الحدود السعودي طلال محسن عنقاوي إلى صحيفة "عكاظ" السعودية قبل عدة أشهر، كما ألقت قوات الأمن السعودية القبض على أكثر من 5 آلاف متسلل خلال الأشهر العشرة الماضية، وفق ما أفادت به مصادر عربية عليمة لشبكة إسلام أون لاين.نت.
هجوم جدة إذن يمكن اعتباره ترجمة أولى لقرار لتنظيم القاعدة بتصعيد العمليات ضد الحكومة السعودية في الداخل في محاولة لشغلها عما تقوم به من تنسيق على المستويين الدولي والإقليمي، خاصة على الساحة العراقية