من أرشيف عبد الرحيم علي
الكويت مركز للقاعدة بالخليج بعد السعودية
نشر بموقع إسلام أون لاين.. الأحد 16 يناير 2005
على الرغم من محاولات عدد من المسئولين الكويتيين التأكيد على عدم وجود شواهد تشير إلى استهداف تنظيم القاعدة أو عناصره بالكويت لمنشآت النفط في البلاد؛ فإن كل المؤشرات والمعلومات المتاحة عن الحادث تعكس بوضوح أن المجموعة التي تم الاشتباك معها أمس السبت 15-1-2005 كانت تخطط لاستهداف منشآت نفط كويتية تلبية لنداء زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي بُث يوم 19-12-2004 وحث فيه أنصاره على استهداف منشآت النفط في العراق ودول الخليج.
وفى توجه بدا في حينها جديدًا من جانب تنظيم القاعدة كان زعيم التنظيم أسامة بن لادن قد دعا أنصاره في رسالة صوتية بثها موقع إسلامي على الإنترنت يوم 19-12-2004 إلى تركيز هجماتهم على المنشآت النفطية في العراق ودول الخليج، معتبرا ذلك أقوى سلاح ضد الولايات المتحدة.
وأكد بن لادن في رسالته التي بثت قناة الجزيرة القطرية أجزاء منها أن إضعاف أمريكا وحلفائها في المجالين الاقتصادي والمعنوي فرصة "ذهبية" يجب عدم تفويتها.
وعلى الفور تعاملت عدد من شركات النفط العاملة في منطقة الخليج وفي مقدمتها شركة أرامكو العاملة في السعودية مع التحدي الجديد الذي فرضته عليها دعوة بن لادن، وقامت بوضع برنامج تدريب لقوات أمنية وعسكرية بهدف تجهيزها لحماية حقول النفط بالمملكة.
تبادل معلومات
ووفقا لبيان وزارة الداخلية الكويتية "فإن قوة أمنية قامت ظهر اليوم (السبت 15-1-2005) بمداهمة وتطويق مسلحين، والاشتباك معهم في منطقة أم الهيمان بمحافظة الأحمدي (التي توجد بها أكبر مصفاة للنفط) جنوب البلاد أثناء أداء القوة لمهامها في تعقب المطلوبين والخارجين على القانون؛ وهو ما أسفر عن مقتل مسلح سعودي الجنسية يدعى حمادة العنيزي، وإصابة شرطيين كويتيين".
وتابعت: "إن مسلحا على الأقل اعتُقل عندما طوقت قوات الأمن جماعة يشتبه بأنهم متشددون".
وأضافت أن قوات الأمن ضبطت مجموعة كبيرة من الأسلحة والمتفجرات والذخائر كانت بحوزة المسلحين، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وغيره من كبار المسئولين زاروا موقع الحادث.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لنا أن المعلومات الأولية التي قادت أجهزة الأمن الكويتية إلى هذه المجموعة تم الحصول عليها من أجهزة الأمن السعودية عبر اتفاق تبادل المعلومات الذي أكد عليه مجلس وزراء الداخلية العرب في أكثر من اجتماع له.
وأضافت أن السلطات السعودية نجحت في إطار المواجهة الدائرة بينها وبين عناصر تنظيم القاعدة بالمملكة في الحصول على معلومات هامة عقب مقتل زعيم التنظيم في "السعودية والخليج" إبراهيم أحمد الريمي، ونائبه بدر منصور السبيعي، بالإضافة إلى مسئول مراسلات التنظيم الإلكترونية في المملكة ثامر عبد العزيز الخميس، خلال مداهمات نفذتها قوات الأمن السعودية بالعاصمة الرياض في 28-12-2004.
وكشفت المعلومات التي حصلت عليها السلطات السعودية بعد هذه العملية -التي أسفرت عن القبض على عدد من العناصر الهامة لتنظيم القاعدة في السعودية- عن اختراق التنظيم لقوات الأمن الكويتية وعن وجود عدد من عناصر التنظيم داخل تلك القوات تقوم بالإعداد لهجمات على القوات الأمريكية المتواجدة في الكويت، وعلى الفور قامت قوات الأمن الكويتية بإلقاء القبض على تلك المجموعة.
وعلى خلفية تلك المعلومات جاء إعلان مسئول عسكري كويتي يوم الإثنين 3-1-2005 عن توقيف 8 جنود كويتيين للاشتباه في تدبيرهم مخططا للهجوم على القوات الأمريكية في البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" في حينها عن مدير التوجيه المعنوي والعلاقات العامة في رئاسة الأركان العامة للجيش العميد الركن يوسف عبد الرزاق الملا قوله: "الجهاز الأمني في الاستخبارات العسكرية يقوم بالتحقيق مع بعض العسكريين؛ وذلك لتوفر معلومات عن وجود نية لعمل ضد -ما أسماه- القوات الصديقة".
وقالت المصادر: إن المعلومات التي تم الحصول عليها عبر التحقيق مع العسكريين الثمانية هي التي أدت إلى كشف المجموعة المكلفة بالإعداد لتنفيذ عدد من الهجمات على مواقع النفط في الكويت.
محاصرة الفكر المتطرف
وتبذل السلطات الكويتية التي يتواجد على أراضيها نحو 25 ألف عسكري أمريكي منذ انطلقت القوات الأمريكية لاجتياح العراق عام 2003 جهودا مكثفة للحد من ظاهرة التطرف التي تجتاح البلاد منذ دخول القوات الأمريكية إلى الأراضي الكويتية عقب تحريرها من قوات صدام عام 1991 كرد فعل على التواجد الأجنبي على الأراضي الكويتية.
وفى هذا السياق شكلت الحكومة الكويتية في أغسطس 2004 عددًا من اللجان، تضم علماء دين وخبراء في علوم الاجتماع والنفس والتربية لوضع إستراتيجية لمكافحة "الفكر المتطرف"، ومنع انتشاره بين الشباب الكويتي.
وجاءت هذه الخطوة بعد اعتقال السلطات آنذاك عددًا من الناشطين الإسلاميين بدعوى الاشتباه في أنهم كانوا يعدون لشن هجمات على القوات الأمريكية في العراق.
وفى هذا السياق طالب الشيخ أحمد الفهد الصباح وزير الطاقة الكويتي أمس السبت 15-1-2005 بضرورة قيام قوات الأمن "بحسم مشكلة المتطرفين الإسلاميين".
وأبلغ الشيخ أحمد الصحفيين بمطار الكويت أن ملامح الفكر التكفيري ومؤسساته بدأت تصحو في الكويت، مضيفا أن هذا أمر طبيعي، خاصة أن هذه الجمعيات موجودة ونشطة في أكثر من جارٍ لدولة الكويت.
وكان الشيخ أحمد يشير إلى السعودية التي قتل فيها منذ الغزو الأمريكي للعراق 170 شخصا على الأقل في هجمات بين قوات الشرطة والمتطرفين السعوديين.
إنذارات أمريكية
الغريب أن الإنذارات الأمريكية بوجود تهديدات محتملة للقوات الأمريكية في الكويت لم تتوقف منذ بدايات العام الماضي 2004، وكان آخرها ما أعلنته السفارة الأمريكية في 15 ديسمبر 2004 عن وجود مخططات لدى "مجموعات إرهابية" لشن "هجمات على أهداف غير محددة في الكويت" في وقت قريب.
وقد أدت تلك التحذيرات إضافة إلى المعلومات التي تلقتها الحكومة الكويتية من نظيرتها في السعودية إلى سرعة إجهاض عدد من الهجمات ضد منشآت النفط الكويتية، وضد القوات الأمريكية وقوات الأمن الكويتية على حد سواء.
ولكن إلى متى ستظل تلك المعلومات تصل إلى السلطات الكويتية في الوقت المناسب؟ هذا التساؤل يطرح نفسه بقوة، خاصة بعد أن أفادت معلومات أكثر من جهاز أمن عربي -تم إبلاغها مؤخرا لأجهزة الأمن الكويتية- بوجود عدد غير قليل من عناصر تنظيم القاعدة يتخذون من الكويت مركزا لنشاطهم، بعدما تم تضييق الخناق عليهم داخل المملكة العربية السعودية