من أرشيف عبد الرحيم علي
مبادرة المجموعات الجهادية: مناقشة هادئة بعيدا عن حسابات السياسة
الأهالى الأربعاء 6-6-2007 العدد 1330
على غرار ما حدث مع مبادرة الجماعة الإسلامية المصرية منذ عام 1998، وهو بداية تفاعل الدولة المصرية ممثلة فى وزارة الداخلية معها، يجرى التعامل مع مبادرة أخرى من قبل جماعة الجهاد أو بالأحرى مجموعات الجهاد،التى انتشرت فى ربوع مصر المحروسة طوال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ولأن المتوافر حتى هذه اللحظة حول هذه المبادرة،التى يحمل لواءها سيد إمام الشريف أحد أهم منظرى الجهاديين فى العالم، لا يتعدى بيانا موقعا من الرجل يؤكد فيه أنه بصدد إخراج وثيقة تدور حول ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم ، فإن أى حديث حول مبادرة كهذه لا بد وأن يفتقد القدر اللازم من المنهجية. يكفى هنا أن نشير الى أن أحدا،حتى الآن، من الذين يروجون لهذه المبادرة لم يقرأ حرفا مما جاء فى الوثيقة المزعومة، ومما زاد الطين بلة أن السيد إمام الشريف طلب مؤخرا، وفى خطاب أرسله الى جريدة الشرق الأوسط اللندنية، مليون جنيه إسترلينى كحق للسماح بنشر أو تداول الوثيقة، الأمر الذى سيدخلنا فى نفق آخر من السجال الأعمى حول وثيقة ينتظر صاحبها الثمن لإظهارها للعالمين.
ولكننا لحسن الحظ لدينا كتاباته السابقة، والتى سنعتبرها حكما على ما سيقوله،إن كان بالفعل هناك وثيقة جاهزة للنشر من عدمه. وهو ما سبق واتبعناه عند نقدنا لوثائق الجماعة الإسلامية السابقة. وميزاننا الذى سنقيس به هو، أن تأتى هذه الوثيقة بعكس ما قاله الرجل فى وثائقه السابقة، والتى مثلت ولسنوات طويلة مانيفستو من سموا بالجهاديين فى العالم أجمع.
وقبل الولوج الى أفكار الرجل دعونا نسجل عددا من النقاط، التى نراها ضرورية فى الحكم على أية مبادرة تأتى من هذا التيار:
أولا: ألا تبنى هذه المبادرة على خلفية حالة الضعف الذى تعانى منه هذه الحركات، وبخاصة داخل مصر، وكذا الخسائر التى تكبدتها فى مواجهة آلة الدولة القوية.
ثانيا: أن يكون التراجع عن الأفكار القديمة تراجعا عن جوهر تلك الأفكار وليس تراجعا عن تفاعل بعض من تلك الأفكار مع الواقع المتغير، أو ما يطلق عليه مفكرو وصانعو أيديولوجية هذه الحركات فقه الواقع
ثالثا: أن تجيب المبادرة بشكل واضح عن الأسئلة التالية:
1- متى يكون الحاكم مبدلا لشرع الله، وما هو الموقف الشرعى حيال هذه القضية، وهل يجوز الخروج عليه بالسلاح أم باستخدام وسائل أخري، وما هى تلك الوسائل ؟
2- هل تؤمن تلك الحركات بالديمقراطية، والتعددية السياسية، وحسم الصراع على السلطة عبر صناديق الانتخاب، أم لديها رأى آخر مخالف، وما هو هذا الرأى ؟
3- كيف ترى المبادرة والقائمون عليها، الآخر، غير المسلم، وكيف ترى العلاقة معه، سواء كان ممن يعيشون فى ديار الإسلام أم ممن يعيشون خارجها ؟
4- كيف ترى المبادرة فكرة تطبيق الشريعة، وما شكل نظام الحكم الذى يريدونه ؟
5- هل لا زال أصحاب المبادرة يؤمنون بتقسيم العالم الى دارين، إحداهما دار سلم، والأخرى دار حرب ؟
ونحن هنا لا نطرح هذه الأسئلة عبثا، فبعض القائمين على إخراج تلك المبادرات، يكتفون بالنظر الى فكرة نبذ العنف للمصلحة، كجل ما يبتغى من هذه الحركات، ناسين أن هؤلاء الناس مصريون وسيعيشون بيننا، وسيطالبون بحقهم الطبيعى فى التواجد كفريق سياسي، وهو ما يدفعنا الى التيقن من أنهم يقبلون باللعبة السياسية التى يتفق حولها الجميع فى مصر، حتى لا نعود أدراجنا من حيث بدأنا فى كل مرة عندما يحين أوان العمل معهم.
مانيفستو مهندس المبادرة:
ولأن الرؤية لن تتضح بدون عرض أفكار مهندس المبادرة، حتى يستقيم الحكم على أفكاره الجديدة، فقد رأينا أن نوضح مجمل أفكاره فى عدد من النقاط معتمدين فى ذلك على كتابيه الشهيرين الجامع فى طلب العلم الشريف و العمدة فى أعداد العدة :
(1) المواجهة المسلحة مع العدو القريب (حكام الدول العربية والإسلامية ) هى الأداة الرئيسية للتغيير.
(2) عدم العذر بالجهل لآحاد المسلمين.
(3) حكام البلاد كفار كفراً أكبر يخرجهم من الملة الإسلامية.
(4) الطوائف الممتنعة المساعدة لحكام البلاد كافرة على التعيين: كالقضاة- والمحامين - ورجال الشرطة والجيش.
(5) لا يجوز التحاكم لمحاكم هذه البلاد ومن تحاكم إلى القوانين الوضعية فهو كافر.
(6) أعضاء الهيئات التشريعية بهذه البلاد - كالبرلمان ومجلس الأمة ونحوه - كفار كفراً أكبر لأنهم هم الذين يجيزون العمل بهذه القوانين الكافرة.
(7) الذين ينتخبون أعضاء هذه البرلمانات كفار كفراً أكبر لأنهم بانتخابهم هؤلاء إنما يتخذونهم أرباباً مشرعين من دون الله ويكفر كل من دعا إلى هذه الانتخابات أو شجع الناس على المشاركة فيها.
(8) الجنود المدافعون عن هذه الأوضاع الكافرة هم كفار كفراً أكبر لأنهم يقاتلون فى سبيل الطاغوت ومن يدافع عن هذه الأنظمة الكافرة بالقتال كالجنود أو يدافع عنها بالقول كبعض الصحافيين والإعلاميين والمشايخ فهو كافر.
وقد رتب سيد إمام الشريف أحكاماً دنيوية على موضوع الكفر والإيمان مثل بطلان ولاية الكافر و بطلان صلاته و بطلان صلاة الذى يصلى خلفه وإسقاط ولايته على قرينته المسلمة فى النكاح واعتبار زواجه فاسداً واستمرار المعاشرة زنا، وفى النهاية فهو مهدر الدم.
هذا بعض من فيض أفكار الرجل التى ننتظر أن تأتى المبادرة بجديد حولها، دون مراوغة، تدخلنا فى عملية حسابات سياسية، داخلية وخارجية، الخاسر الأكبر فيها هى مصر والشعب المصري.
والى العدد القادم