من أرشيف عبد الرحيم علي
"خناقة من 18 سنة".. بعد هزيمته فكريا على الهواء.. ممدوح إسماعيل يتهجم على عبد الرحيم علي
نٌعيد نشر هذه الواقعة التي نشرها موقع “إيلاف” في 29 مايو 2004، لسببين أولهما لبيان أن تصدي الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي للفكر الإرهابي لم يكن في العقد الأخير كما يتصور البعض وإن كان قد تم التسليط الضوء عليه مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الرجل قطع سنوات عمره كاملة يحمل على عاتقه هموم الدفاع عن وطنه ضد جماعات الظلام.. ثانيهما لتوضيح همجية عناصر التيارات الإسلامية وعدم قدرتهم على إجراء حوار يكشف فكرهم.
فجأة انتفض المحامي المصري ممدوح إسماعيل الذي يقدم نفسه بصفة محامي "الجماعة الإسلامية" في مصر، وأمسك بكوب الماء وقذف به وجه الصحافي عبدالرحيم علي، المراقب لشؤون الحركات الإسلامية، ثم شمر ساعديه ومضى نحوه في محاولة للاعتداء عليه بدنياً.
هذه الأحداث التي سبقتها وصلة ملاسنات كانت على الهواء مباشرة في برنامج يقدمه الكاتب الإسلامي المصري جمال سلطان عبر فضائية "المجد" الإسلامية السعودية، حين كان يستضيف الصحافي والمحامي لمناقشة حملت عنوان "الأسلوب الأمثل للتعامل مع الجماعات والحركات الإسلامية"، ويقول علي ـ الذي تعرض للاعتداء ـ في اتصال أجرته معه "إيلاف" إنه فوجئ بالضيف الآخر المدعو ممدوح إسماعيل يسبه بألفاظ بذيئة، ثم يقذفه بكوب الماء وشمر ملابسه وألقى بالميكروفون متوجهاً إليه في محاولة للتشاجر معه بالأيادي، مما دفع مقدم البرنامج إلى الصراخ بقطع البث على الهواء فوراً، والاستغاثة بطلب تدخل الأمن لمنع المحامي "الإسلامي" من مواصلة هذا الخروج غير اللائق وربما غير المسبوق عربياً في برنامج متلفز يبث على الهواء مباشرة، ولا سبيل لمعالجة الأمر بالمونتاج، وعلى الفور حضر رجال الأمن واقتادوا المحامي خارج الاستوديو الكائن في مدينة السادس من أكتوبر المصرية، جنوب القاهرة، بينما اعتذر مقدم البرنامج لضيفه الصحافي، الذي أكد أنه ظل مذهولاً وقتاً طويلاً لا يكاد يصدق ما يجري، معبراً عن دهشته إزاء هذا السلوك العدواني الصارخ، ومتسائلاً ماذا لو كان بيد هذا المحامي "الإسلامي" سلاحاً مثلاً، هل كان سيقتله؟.
ومضى علي قائلاً لـ "إيلاف" إن أصدقاء وزملاء ومسؤولين نصحوه بتقديم بلاغ إلى النائب العام للتحقيق في هذه الواقعة، وانه مازال يفكر بالأمر، فهو "بين نارين إذ لا يريد مواصلة مسلسل الإسفاف والمهاترات، ولا يريد أن يكون سبباً في إيذاء خصم فكري له من جهة، ومن جهة أخرى لا يريد تمرير هذه السابقة الخطيرة من دون موقف حازم" على حد تعبيره، غير أنه ربما يفكر في عدة بدائل أخرى كتقديم شكوى ضده إلى نقابة المحامين في مصر، ومطالبة قيادات "الجماعة الإسلامية" الذين أعلنوا مراجعاتهم مؤخراً وقرروا وقف أعمال العنف لإعلان موقف صريح إزاء هذا السلوك.
والمحامي المدعو ممدوح إسماعيل كان ترتيبه 182 على لائحة المتهمين في قضية الجهاد الكبرى التي ضمت 343 متهماً بينهم 41 حدثاً، حوكموا جميعاً بعد اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981، وقضى ممدوح ثلاثة أعوام في السجن ثم خرج بعد حصوله على حكم بالبراءة ليواصل تعليمه ثم يمارس المحاماة ويتخصص شأن العشرات في الدفاع عن المتهمين في قضايا الإرهاب من أعضاء التنظيمات المتطرفة كما سبق وتقدم بمشروع لتأسيس حزب "إسلامي" غير أن لجنة شؤون الأحزاب، رفضت التصرح له وأيدت المحكمة قرارها.
مجموعة شبرا
ويرى مسؤول أمني مصري سابق أن المحامي المذكور لم يعرف له دور قيادي في "الجماعة الإسلامية" المحظورة، بل كان مجرد عنصر في ما عرف حينئذ أمنياً بـ "مجموعة شبرا" التي اتسمت ـ وفقاً للمصدر ذاته ـ بالأفراط في اللجوء للعنف لتزايد بذلك على غيرها من الخلايا المتطرفة المسلحة، إذ كانت قد تبنت ما عرف بعمليات "الاستحلال"، أي السطو على ممتلكات الغير سواء كانوا من المسيحيين أو حتى المسلمين من غير أعضاء التنظيمات الأصولية الراديكالية التي كانت على أشدها في نهاية عقد السبعينات ومطلع الثمانينات.
ولفت المسؤول الأمني إلى أنه لم تكن تتبنى مثل هذه الممارسات سوى جماعات التكفير مثل "جماعة المسلمون" التي أسسها شكري مصطفى، واشتهرت إعلامياً حينئذ باسم جماعة "التكفير والهجرة", وجماعة "الناجون من النار" التي عرفت بـ "التوقف والتبين"، وجماعة "الشوقيين" وغيرهم من فصائل جماعات التكفير، بينما تورطت مجموعة شبرا في أعمال سطو على محلات الصاغة والمجوهرات بحي شبرا شمال القاهرة، والتي كانت مملوكة للأقباط.
وضمت هذه المجموعة عدداً من الحرفيين والذين لم يكونوا قد أكملوا تعليمهم مثل: عبد العزيز علي عبد العزيز المتهم رقم 111 في قضية الجهاد الكبرى عام 1981، والمتهم سيد عبد الفتاح محمد مرسي المتهم رقم 112 في القضية ذاتها، والذي يعمل نجاراً، بالإضافة محمد حجازي، ومحمود محمد إسماعيل، ورفاعي أحمد صادق الشهير برفعت المحار، الذي كان يعمل "مبيض محاره" وكان المدعو ممدوح إسماعيل ضمن هذه المجموعة.
وكما ورد في أقوال عبد العزيز علي وسيد عبد الفتاح محمد في تلك القضية من أن هذه المجموعة كان قد جندها قيادي التنظيم صالح جاهين، وأنهم اشتروا كمية من الأسلحة النارية والبيضاء أخفوها في ورشة النجارة التي كان يعمل بها عبد العزيز علي، وأن تقسيم مجموعات التنظيم لمناطق جغرافية كان من بين أدلة ووثائق القضية كما قدمتها أجهزة الأمن في عدة مذكرات متتابعة بدأت بالمذكرة رقم 1 التي أرسلت للنيابة بتاريخ 11 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1981 مكونة من 80 صفحة، ومتضمنة تشكيل محافظات الوجه القبلي، والمذكرة 2 التي أرسلت في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) من ذات العام، والتي تضمنت التشكيل الجغرافي للشرقية، وكانت آخرها مذكرة قدمت في الثالث من شهر كانون الثاني (يناير) من العام 1982 ، والمكونة من 163 صفحة عن منطقة القاهرة الكبرى والتي ضمت في أوراقها "مجموعة شبرا" المشار إليها في وثائق القضية.