الأربعاء 12 مارس 2025

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبد الرحيم على يكتب: أكاذيب الإخوان على الهواء.. جذور الإرهاب عند «الإخوان» " 2 - 3"

نُشر هذا المقال بجريدة روزاليوسف بتاريخ السبت 8 مايو 2010، العدد 4274

نشر
عبد الرحيم علي

هذه الحلقة تستعرض وقائع تفصيلية موثقة لجرائم «الإخوان» وقصص غرامهم بالإرهاب وتجيب عن السؤال المطروح في الحلقة السابقة: من المسئول عن حوادث الخازندار والنقراشي وعبدالناصر بمستندات دقيقة لا تقبل المراوغة وبأصول ثابتة لا يقوي فضيلة المرشد علي فتحها في برامجه الموجهة لغسيل سمعة «المحظورة» والتي اكتفي فيها بتمثيليات عن روائع نظامهم الخاص الذي ادعي أنه أنشئ من أجل قتال الإنجليز والدفاع عن هذا الوطن، بينما تكشف هذه الدراسة المهمة أنه من أجل إرهاب وقتل المصريين.

«روزاليوسف»

لم تتورع جماعة الإخوان المسلمين عن أن تمد إجرامها إلي القضاء الذي ظل رجاله في محراب العدالة سندا للمصريين جميعا وملاذاً لهم ينعمون فيه بثقة التقاضي ويطمئنون فيه إلي ضميره الحي، وفي محاولة من الجماعة لإرهاب القضاة عن طريق استهداف علم منهم «القاضي أحمد الخازندار بك» وكيل محكمة استئناف القاهرة، الذي حكم بإدانة بعض أعضاء الجماعة لجرائم اقترفوها باستخدام القنابل، وقد ثبت أن أحد هؤلاء المجرمين القاتلين كان سكرتيرا خاصا لمرشد الجماعة حسن البنا، وهو ما ورد نصا في مذكرة حل الجماعة. ويرد البنا في مراوغة واضحة كعادته يقول: «وعرضت بعد ذلك «في إشارة إلي مذكرة الحل» إلي حادثة الخازندار بك وكل ذنب الإخوان فيها أن أحد المتهمين شاع أنه سكرتير للمرشد العام مع أن هذه الصلة لم تثبت في التحقيق وإن أصرت المذكرة علي وصفها بالثبوت، مع أنه علي فرض ثبوتها لا يمكن أن تتخذ سببا لإدانة هيئة الإخوان المسلمين» (محمود عبدالحليم - ص 56).

ونعود مرة أخري لمحمود الصباغ، حيث يورد قصة محاكمة عبدالرحمن السندي قاتل الخازندار بك من قبل لجنة شكلها المرشد لهذا الغرض فيقول: «وعقدت قيادة النظام الخاص محاكمة لعبدالرحمن علي هذا الجرم المستنكر، وحضر المحاكمة كل من فضيلة المرشد العام الشهيد حسن البنا وباقي أفراد قيادة النظام بمن في ذلك الإخوة صالح عشماوي، والشيخ محمد فرغلي، والدكتور خميس حميدة، والدكتور عبدالعزيز كامل، ومحمود الصباغ، ومصطفي مشهور، وأحمد زكي حسن، وأحمد حسنين، والدكتور محمود عساف، وقد أكد عبدالرحمن في المحاكمة أنه فهم من العبارات الساخطة التي سمعها من المرشد العام ضد أحكام المستشار الخازندار المستهجنة، أنه سيرضي عن قتله لو أنه نفذ القتل فعلا، وقد تأثر المرشد العام تأثرا بالغاً لكلام عبدالرحمن لأنه يعلم صدقه في كل كلمة يقولها تعبيرا عما يعتقد، وبلغ من تأثر فضيلة المرشد العام أنه أجهش بالبكاء ألما لهذا الحادث الأليم الذي يستوجب غضب الله، لأنه قتل لنفوس بريئة من غير نفس، كما يعتبر مادة واسعة للتشهير بالدعوة ورسالتها في الجهاد من أجل إقامة شرع الله، وقد تحقق الإخوان الحاضرون لهذه المحاكمة من أن عبدالرحمن قد وقع في فهم خاطئ في ممارسة غير مسبوقة من أعمال الإخوان المسلمين، فرأوا أن يعتبر الحادث «قتل خطأ» حيث لم يقصد عبدالرحمن ولا أحد من إخوانه، سفك نفس بغير نفس، وإنما قصدوا قتل روح التبلد الوطني في بعض أفراد الطبقة المثقفة من شعب مصر أمثال الخازندار بك».

«لما كان هؤلاء الإخوان قد ارتكبوا هذا الخطأ في ظل انتمائهم إلي الإخوان المسلمين وبسببه، إذ لولا هذا الانتماء لما اجتمعوا علي الإطلاق في حياتهم ليفكروا في مثل هذا العمل أو غيره، فقد حق علي الجماعة دفع الدية التي شرعها الإسلام كعقوبة علي القتل الخطأ من ناحية، وأن تعمل الهيئة كجماعة علي إنقاذ حياة المتهمين البريئين من حبل المشنقة بكل ما أوتيت من قوة، فدماء الإخوان ليست هدراً يمكن أن يفرط فيه الإخوان في غير أداء فريضة واجبة يفرضها الإسلام، حيث تكون الشهادة أبهي وأعظم من كل حياة».

«ولما كانت جماعة الإخوان المسلمين جزءاً من الشعب، وكانت الحكومة قد دفعت لهم من مال الشعب عشرة آلاف جنيه، فإن من الحق أن نقرر أن الدية قد دفعتها الدولة عن الجماعة وبقي علي الإخوان إنقاذ حياة الضحيتين الأخريين محمود زينهم، وحسن عبدالحافظ».

« واستراح الجميع لهذا الحكم دون استثناء، بل إنه لقي موافقة إجماعية من كل الحضور بمن في ذلك فضيلة الإمام الشهيد» (محمود الصباغ - ص256).

تشكلت المحكمة الإخوانية إذن من أكبر قادة الجماعة ومعهم قادة الجهاز الخاص وقررت أن الجريمة قتل خطأ، والعقوبة الدية، والدولة دفعتها، وعلي الجماعة إنقاذ كوادرها؟!

أما المتهم فهو الرجل رقم واحد في الجهاز ومسئوله الأول «عبدالرحمن السندي» الذي قال: «إنه تصور أن عملية القتل سوف ترضي فضيلة المرشد، الأمر الذي أغضب البنا لكنه كان في واقع الأمر غضبا لاختراق احتكاره - البنا - لكل السلطات في الجماعة ذلك أن رئيس الجهاز السري قد اتخذ قرار الاغتيال ودبره دون إذن من البنا، ولهذا تقرر تقديم السندي لمحاكمة داخلية في إطار الجماعة، كانت المحاكمة فيها صورية - كما أوضحنا - وغير ذات معني، لأنها بررت الاغتيال وبرأت ساحة مدبره بحجج غير مقنعة وقد أفصح تشكيل المحكمة عن أن التركيب التنظيمي للجهاز الإرهابي للإخوان متداخل تماماً مع قمة قادتها.

فقادة الجهاز هم: عبدالرحمن السندي، مصطفي مشهور، محمود الصباغ، أحمد زكي حسن، أحمد محمد حسنين، ومعهم خمسة من أكبر قادة الجماعة هم: د. صالح عشماوي، د. محمد خميس حميدة، الشيخ محمد فرغلي، د. عبدالعزيز كامل، د. محمود عساف.

لا مجال إذن للادعاء بأن الجهاز كان يعمل منفصلاً عن الجماعة، فقادة الجماعة هم جزء أساسي من قيادته، وفوق هؤلاء جميعاً المرشد العام حسن البنا، وهم يبررون الإرهاب، حتي الآن؛ فالكتاب الذي نعرض له، كتبه محمود الصباغ أحد قادتهم الكبار وقد كتبه عام 1989 وكتب المرشد العام الراحل مصطفي مشهور مقدمته مادحا في الكاتب والكتاب . فالكتاب إذن وثيقة إخوانية، حيث يتحدث الصباغ عن أعضاء جماعته أو بالدقة عن أعضاء جهازها الإرهابي، الذي قال عنهم الصباغ أيضا : «لقد تعلم كل منهم كل ما شرعته عقيدته الإسلامية من قواعد القتال والشهادة، ولا حاجة لأحد منهم لعالم يفتي له هل يعمل أو لا يعمل، ولا قائد يقول له هل يتطوع أو لا يتطوع، وكلهم قارئ لسنة رسول الله (؟)، في إباحة اغتيال أعداء الله» (محمود الصباغ - ص 139).

نسف محكمة الاستئناف

في هذه العملية قام عدد من كوادر الجهاز الخاص بمحاولة لنسف محكمة استئناف القاهرة والتي كان يحفظ فيها أوراق ما عرف بقضية «السيارة الچـيب » والتي كان علي رأس المتهمين فيها «مصطفي مشهور » - أحد قادة النظام الخاص، ومرشد الجماعة الخامس فيما بين عام 1996 وعام 2002.

وحكاية السيارة الچـيب معروفة، حيث تم ضبط مصطفي مشهور يقود سيارة محملة بأسلحة وقنابل كان النظام الخاص يستخدمها في التدريبات، بالإضافة إلي بعض الأوراق التي تحتوي علي خطط واستراتيجيات الجماعة، وقد أنكر البنا - في بيان وزع علي الصحفيين آنذاك - أن يقوم أحد الإخوان بهذه الفعلة الشنيعة . ولكن السنوات تأتي بما لم يكن يشتهي البنا، يقول محمود الصباغ حول هذا الحادث : «وبعد نجاح السرية في هذا العمل الفدائي، نظر السيد فايز في كل ما تنسبه الحكومة إلي الإخوان من جرائم باطلة، مدعية أنها تستند في كل ما تدعيه إلي حقائق صارخة في المستندات والوثائق المضبوطة في السيارة الچيب، وكان يعلم يقينا بكذب هذه الافتراءات، ودليل ذلك ما ذكره عبد المجيد أحمد حسن بعد أن قرر الاعتراف علي زملائه، واستندت إليه المحكمة في براءة النظام الخاص مما وجه إليه من اتهامات - ولم يساوره شك في أن الحكومة قد زورت وثائق وقدمتها للنيابة لتدين الإخوان بما ليس فيهم من جرائم واتهامات باطلة، فقرر حرق هذه الأوراق وكون سرية لهذا الغرض بقيادة الأخ شفيق أنس، وقد رسمت الخطة علي النحو الذي ظهر في تحقيقات القضية المسماة زورا وبهتانا قضية محاولة نسف المحكمة، وحقيقتها أنها كانت محاولة حرق أوراق قضية السيارة الچـيب. وتمكن شفيق أنس من أن يضع حقيبة مملوءة بالمواد الحارقة معدة للانفجار الزمني بجوار دولاب حفظ أوراق قضية السيارة الچـيب، إلا أن قدر الله قد مكن أحد المخبرين من ملاحظة شفيق، وهو يترك الحقيبة ثم ينصرف نازلا علي درج المحكمة . فجري مسرعا وحمل الحقيبة وجري بها خلف شفيق، والذي أسرع في الجري حتي لا تنفجر الحقيبة علي سلم المحكمة أو وسط حشود الداخلين في بهوها، ولما خرج إلي الميدان حذر المخبر من الحقيبة، فتركها فانفجرت في ساحة الميدان دون إحداث خسائر تذكر، وقبض علي شفيق » . ( محمود الصباغ - ص 451).

ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين

اعتراضاً علي قرار حل الجماعة قام الجهاز الخـاص بوضع خطة لاغتيال رئيس الحكومة -آنذاك- محمود فهمي النقراشي باشا، وكان يشغل وقتها بجانب رئاسته للحكومة منصب وزير الداخلية ففي يوم 28/12/1948 تنكر الإخواني عبدالمجيد أحمد حسن في زي ضابط بوليس واقترب من رئيس الوزراء ووزير الداخلية أثناء دخوله لمبني الوزارة مطلقاً عليه ثلاث رصاصات أدت إلي وفاته علي الفور، ولم تمر ساعات قليلة إلا وكان مرشد الجماعة حسن البنا قد خط بياناً بعنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، زعم مقربون منه أن البيان كتب قبل يومين من الحادث، قال فيه: «لقد وقعت أحداث نسبت إلي بعض من دخلوا هذه الجماعة دون أن يتشربوا روحها، وتلا أمر حل الإخوان ذلك الحادث المروع حادث اغتيال دولة رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي باشا، الذي أسفت البلاد لوفاته وخسرت بفقده علماً من أعلام نهضتها وقائداً من قادة حركتها ومثلاً طيباً للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفاً من أجله وتقديراً لجهاده وخلقه».

الغريب أن المتهم بعد أن أنكر صلته بالإخوان وأصر علي أنه قام بتنفيذ العملية من تلقاء نفسه، عاد واعترف بدور الجماعة في العملية فور سماعه لبيان المرشد العام، وبعيداً عن اعتراف الشاب بمسئولية الإخوان الذي قد يدفع البعض بأنه جاء تحت وقع التعذيب أو التهديد يعترف محمود الصباغ بعد أربعين عاماً علي الحادث في كتابه السابق الإشارة إليه، وفي معرض حديثه عن مقتل النقراشي باشا بأن العملية جاءت من باب حماية الدعوة، في إشارة إلي قرار النقراشي بحل الجماعة، ويواصل: «وبدأ السيد فايز- مسئول الجهاز الخاص آنذاك- المعركة برأس الخيانة محمود فهمي النقراشي، وقد كون فايز خلية من محمد مالك وشفيق أنس وعاطف عطية حلمي والضابط أحمد فؤاد وعبدالمجيد أحمد حسن ومحمود كامل، لهذا الغرض، وبفخر يقول الصباغ: ونجح عبدالمجيد أحمد حسن في قتل النقراشي في مركز سلطانه، ووسط ضباطه وجنوده وهو يدخل مصعد وزارة الداخلية. (محمود الصباغ ص450- 451).

مقتل السيد فايز

جرت هذه الحادثة العجيبة وفق منطق «النار تأكل نفسها إذا لم تجد ما تأكله»، فعندما قام البنا بتعيين سيد فايز مسئولاً عن الجهاز الخاص بدلاً من عبدالرحمن السندي قرر الأخير اغتيال أخيه في الدعوة الذي جاء ليزيحه عن مكانه فأرسل إليه بعلبة من الحلوي في ذكري المولد النبوي الشريف، وعندما حاول سيد فايز فتحها انفجرت في وجهه ومعه شقيقه فأردته قتيلاً في الحال وأسقطت جدار الشقة، وعندما علم البنا بهذا الحادث المفجع أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين، واتهم أعداء الجماعة- كالعادة- بتدبير هذا الحادث، ومرة أخري يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته.

وهذه المرة علي لسان محمود عبدالحليم أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا، يقول عبد الحليم: «كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز - وهو من كبار المسئولين في النظام الخاص - من أشد الناقمين علي تصرفاته، وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة علي الأقل من سلطته، وأنه قطع في ذلك شوطاً بعيداً باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك.. وإذن فالخطوة الأولي في إعلان الحرب.. وكذلك سولت له نفسه.. أن يتخلص من سيد فايز.. فكيف تخلص منه؟»

«تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله.. وانتهز فرصة حلول ذكري المولد النبوي الشريف، وأرسل إليه في منزله هدية، علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجوداً بالمنزل، فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقاً له، وجرحت بقيت الأسرة وهدمت جانباً من جدار الحجرة، وقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة، كانت بتدبير هذا الرئيس.. وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين في هذا النظام بتقصي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتي صدر منه اعتراف ضمني».

أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للإخوانيين أنفسهم، حتي لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم «أخشي أن تعودوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» وهذا ما فعله الإخوان بالضبط.

الثورة والإخوان والعنف

المثير للدهشة، وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشئ من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز، وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية (1954) كان الجهاز السري يعزز وجوده بل ويلقي بظلاله علي الجماعة كلها، فقد «كون المرشد قبيل سفره إلي الأقطار العربية في أوائل يوليو 1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان بما يلزم مما تهيئه قدراتهم علي ضوء الأحداث»..وهذا طبيعي، لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة، فاللجنة مكونة من يوسف طلعت (قائد الجهاز السري)، صلاح شادي (المشرف علي الجهاز السري وقائد قسم الوحدات وهو جهاز سري أيضاً)، والشيخ فرغلي (صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية)، ومحمود عبده (وكان من المنغمسين في شئون الجهاز السري القديم). «د. رفعت السعيد: الإرهاب المتأسلم - لماذا ومتي وإلي أين؟ الجزء الأول ص 155 مارس 2004 الأمل للطباعة».

ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن، وإلي ماذا كان يخطط، وخاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا - ومازال الإخوان يزعمون - أنه أسس لمحاربة الاستعمار، قد تغيب تماماً عن معارك الكفاح المسلح في القنال (1954)، وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أيه مشاركة فيه، وقال: «كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة، كأن شباب مصر كله قد نفر إلي محاربة الإنجليز في القنال، ولم يتخلف إلا الإخوان.. ولم يجد هؤلاء للإخوان عذراً واحداً يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء... إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم - ليس له حق التعبير عنهم - إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوي منه ولا خير فيه، ولا يزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلي أوقاتها».

(في حديث له نشرته جريدة المصري: 3/1/1953).

هذا الكلام نرجو أن يتمعن فيه جيداً البيطري «محمد بديع» الذي خرج علينا في برنامج العاشرة مساءً يصدعنا بأن النظام الخاص أنشئ من أجل قتال الإنجليز علي ضفاف القناة.

المنشية عام 1954

كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلي طريق مسدود وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص كما سبق أن أشرنا، وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبدالناصر..ففي يوم 26/2/1954 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبدالناصر يلقي خطاباً بميدان المنشية بالإسكندرية، وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبداللطيف أحد كوادر النظام الخاص لجماعة الإخوان ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدي باتجاه الرئيس ليصاب شخصان وينجو عبدالناصر، وحتي هذه اللحظة يصر الإخوان علي أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة، ولكن المتهمين في المحكمة العلنية «محكمة الشعب» والتي كانت تذاع وقائعها علي الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسئولية الجماعة عن العملية (تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزءين بعنوان محكمة الشعب)، وقد شكك الإخوان كثيراً في حيادية هذه المحكمة، لكنهم لم يعلقوا علي ما ورد علي لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام 2006 والذي تفاخروا - من خلاله - بالمسئولية عن الحادث وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعات.