الخميس 21 نوفمبر 2024

من أرشيف عبد الرحيم علي

عبدالرحيم علي يكتب: روح يونيو.. ما أشبه الليلة بالبارحة

نشر
عبد الرحيم علي

نعم، فكثيرون ممن خطَّطوا لإسقاط مصر وتقسيم شعبها، وتمزيق وَحْدتها، وتركيع مؤسساتها الوطنية، ما زالوا يقفون مُتربِّصين خلف الأبواب، ينتظرون أن نغفل قليلًا أو أن نختلف كثيرًا، أو أن تخور قوانا، أو ترتخي قبضتُنا، لكي يهجموا علينا، لا يَرْقُبون فينا إلًّا ولا ذِمَّةً.

في الوقت الذي نكافح فيه مخططات عاتية لحصارنا تارة من الجنوب، وأخرى من الغرب، وثالثة من الشرق.. فقط لأننا قلنا: لا.. لا لتفريغ قضية الأمة من مضمونها، لا لتركيع شعب أعزل لا حول له ولا قوة، لا للتغول على منطقتنا ومحاولة السيطرة عليها برًّا وبحرًا.. يحاولون ضربنا في مقتل، ولم يجدوا أمامهم سوى الاقتصاد ومصادر الدخل القومي الثلاثة؛ قناة السويس، والسياحة، وتحويلات المصريين بالخارج. ضربوا قناة السويس عندنا سمحوا للحوثيين باللعب بالأمن في البحر الأحمر، وضربوا السياحة عندما حذروا شعوبهم بعد حرب غزة من القدوم إلى مصر، وتركوا تحويلات المصريين للتنظيم الإرهابي لمنع العُملة الصعبة من الدخول للبلاد عبر شرائها في أماكنها في الخارج.. مخطط شيطاني شارك فيه الجميعُ.. لِمَ لا وهم يرون مصر تحاول النهوض بكل قوة رغم الضربات المتتالية لتُعلن عن استحقاقها الدخول لنادي الدول العظمى بتاريخها وجغرافيتها وحضارتها وعظمة مفكريها وثِقَل شعبها وقوة جيشها؟ فبعد أن انتصرنا على الإرهاب المتعدي للقارات، وغسلنا سيناء بدماء الشهداء الأبطال عزَّ عليهم أن تنهار خُطتهم لإسقاط مصر عبر الإرهاب، فمضوا يرسمون خطة أخرى عبر إسقاطها بواسطة الحرب الاقتصادية؛ حرب ناعمة لكنها شرسة، حرب فُرضت علينا كما فُرضت حروب عديدة من قَبْل، ولكنني أثق في قدرات هذا الشعب العظيم الذي تخطى أزمة حُكم الجماعة الإرهابية بنجاح ما زالت شعوب عديدة تحسدنا عليه.. أن يتحد ويستعيد روح يونيو لمعاودة الانتصار في تلك المعركة ومعارك أخرى كثيرة مقبلة، فهم لن يتوقفوا ونحن لن ننحني أو نركع، بل سنقاوم ونصمد متحدين، تلك أسطورتنا، وهذا قدَرُنا.

لم يستحِ البعض من تكرار محاولات إقناعنا بأننا كنا على خطأ، وأننا نسير في الطريق الخاطئ تماشيًا مع نغمة القوى الاستعمارية التي تحاول فرض أوضاع ما بعد الاستعمار علينا، ما زالوا يحاولون إقناعنا بأن ما كانوا يحفرونه من قبور لهذا الشعب وتلك الأمة وهذا البلد الأمين هو عين الصواب.

والحقيقة أن 30 يونيو كان ميلادا حقيقيا لهذه الأمة من جديد، وفي هذا اليوم من كل عام تتوالى الذكريات في ذِهني، وأهُمُّ بأن أحكي لبناتي وأحفادي وزملائي وأصدقائي بعضًا من أسرار تلك الأيام العظيمة.

ولكنني أعود لأتحفَّظ حَوْل أحداث لم يأتِ أوانُ الحديث عنها، فما حدث في تلك الفترة العظيمة من تاريخ مصر، وما يحدث على الأرض الآن يستحق مُجلَّدات ومسلسلات وأفلاما، لم يأتِ أوانُها بعدُ؛ لأننا ما زلنا في قلب المعركة، ولكننا غدًا سنفرح ونكتب ونروي ليعرف هذا الجيلُ عظمةَ بلادهم.. فإلى لقاء.